إعادة إعمار لبنان: مسؤولية قومية وصمود وطني


عامر خياط



يبيّن العدوان الإسرائيلي على لبنان، في أحد معانيه، الطبيعة الاستبدادية والعنصرية للنظام الصهيوني. يقابل هذا التحدي للكرامة العربية، عجز كامل على الصعيد الرسمي.ما العمل في خضم هذه الأحداث الجسام؟إن مشروع الإصلاح السياسي في البلاد العربية والذي يؤسس لمواجهة التحدي الإسرائيلي وغطرسته، طريق طويل يستوجب وضع خطاب عربي متجدد بأسس ديموقراطية وقواعد تحترم حقوق الإنسان ومنطق العقل واحترام سلطة الدولة ومؤسساتها للإرادة الشعبية. إن تشريد اللبنانيين وقتلهم، وهدم المساكن والأحياء على ساكنيها وتحطيم البنى التحتية للمجتمع لا بل الاعتداء الكامل

والشامل على مشروع بناء الدولة في لبنان، لا يُردّ عليه بمطالبة شعوبنا بممارسة الصبر وانتظار الفرج.

الرد الآخر والحاسم والذي في مقدورنا اتخاذه فوراً هو القيام بتأسيس laquo;صندوق عربي لإعادة إعمار لبنانraquo; برأس مال قدره خمسة بلايين دولار تساهم فيه الدول العربية كما يفتح باب الاكتتاب به للمؤسسات العربية العامة والخاصة (الصناديق والمؤسسات المالية والمصارف) وللمواطنين العرب. يأخذ هذا الصندوق على عاتقه المهام والواجبات التالية:

1 - اعادة بناء كامل ما تدمر من البنى التحتية، وكل ما يعيد ربط أوصال الوطن اللبناني وأراضيه وقراه ومدنه والتي تقصّد العدو تقطيعها لتفكيك الوطن وتجزئته.

2 - إعادة بناء القرى والمناطق السكنية كافة التي دمرت وهجِّر أهلها، وتأهيلها بالخدمات والمرافق الحيوية.

3 - وضع مخططات مدنية جديدة ونظم بنى وهياكل متطورة، خصوصاً حول مدينة بيروت لإعادة إبرازها كعاصمة العواصم العربية وتأكيداً لدورها الثقافي والريادي في الحياة العربية.

4 - الاهتمام بإعادة بناء القطاع السياحي، وفي شكل خاص المساهمة في تمويل مشاريع جديدة في هذا القطاع بقروض مسهّلة، والدخول من طريق تأسيس شركات متخصصة بمشاريع مشتركة، خصوصاً المشاريع ذات الطابع الحضاري والتراثي.

5 - إعادة بناء وتعمير المعامل والمصانع كافة التي دمرها القصف الوحشي، وتوفير التسهيلات التمويلية والقروض السهلة والطويلة الأمد لأصحاب هذه المشاريع.

6 - إعادة إعمار وبناء المرافئ اللبنانية وتأهيلها لتلعب دورها التقليدي في استقبال البضائع المتوجهة الى الدول العربية. والعمل أيضاً على تطوير وسائل الخزن والتوزيع وتوفير الآليات اللازمة لذلك إما بواسطة التمويل أو بالمشاركة، أو بكليهما معاً.

7 - العمل فوراً على إعادة تأهيل مطار بيروت الدولي.

أخيراً وليس آخراً، يبقى الإنسان أهم ذخراً في عملية بناء الوطن. لذا يجب التوجه لإعادة تأهيل الشباب اللبناني الذي نكبته هذه الحرب، كالحروب السابقة، ليس فقط قتلاً وتشريداً إنما أيضاً إحباطاً وتفريقاً. إن اعادة بناء المجتمع اللبناني مهمة مركزية للدولة والحكومة، إنما يتوجب على laquo;صندوق اعادة التعميرraquo; توفير الدعم المالي اللازم لمؤازرة الحكومة للقيام بمسؤولياتها في هذا المجال.

كما يترتب على الحكومة اللبنانية إصدار قوانين وإجراءات تسهل عمل هذا الصندوق وهيئاته ومؤسساته، بما في ذلك إجراءات توفر بيئة عمل مواتية وشفافة ومهنية تسودها النزاهة وتحميها قوانين صارمة ضد الفساد والمفسدين. وهذا شرط يجب عدم التقليل من أهميته في مطلق الأحوال.