المطالبة بوضع قانون للانضباط المالي
الأردن يقترض مليار $ لتغطية العجز في الموازنة


عصام المجالي من عمّان

طالب خبير مالي أردني رفيع المستوى بوضع قانون للانضباط المالي يدعو الحكومة إلى تجميد النفقات الجارية تمهيدا لتقليصها تدريجيا في السنوات اللاحقة ومنع الخزينة من الاقتراض الداخلي و الخارجي أكثر مما تحتاجه لدفع الأقساط المستحقة بحيث لا ترتفع صافي المديونية.وقال الدكتور هنري عزام الرئيس التنفيذي لشركة quot;أموال إنفستquot; أن الدعوة إلى زيادة الضرائب، سواء المباشرة أو غير المباشرة، فهي لن تفي بالغرض لأن معدلات الضريبية في الأردن أصبحت مرتفعة و أي زيادة إضافية فيها قد تؤدي إلى تراجع في مستويات الاستثمار والإنفاق للقطاع الخاص وبالتالي إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي للبلاد.

وأضاف أن الحكومة قدمت موازنة توسعية لعام2007 تظهر ارتفاعا في إجمالي النفقات بنسبة 4ر10% عن ما هو متحقق لعام 2006 لتصل إلى 3ر4 مليار دينار (06ر6 مليار دولار)، كما تمت زيادة النفقات الجارية بنسبة 9ر5% عن عام 2006 لتصل إلى 3ر3 مليار دينار( 6ر4 مليار دولار)، تماشيا مع معدلات التضخم لهذا العام. ويتوقع أن تصل النفقات الرأسمالية إلى 014ر1 مليار دينار (43ر1 مليار دولار)، بزيادة كبيرة وصلت إلى 3ر29% عن تلك المقدرة لعام 2006.

ويتوقع أن ترتفع الإيرادات بنسبة 5ر14% عن مثيلتها لعام 2006 لتصل إلى 954ر3 مليار دينار (57ر5 مليار دولار)، مدعومة بارتفاع المساعدات الخارجية المقدرة بـ 574 مليون دينار( 809 مليون دولار)، بما في ذلك 8ر397 مليون دينار (562 مليون دولار) من المملكة العربية السعودية.

ووصل العجز في الموازنة قبل المساعدات الخارجية إلى نسبة 4ر8% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع 6ر7% في عام 2006. وبعد إضافة المساعدات، يتوقع أن ينخفض العجز في موازنة عام 2007 إلى 4ر3% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع 5ر4% لعام 2006.

ويتوقع أن تقوم الدولة باقتراض حوالي 780 مليون دينار (010ر1 مليون دولار) في عام 2007 لتغطية العجز في الموازنة والبالغ 380 مليون دينار ( 536 مليون دولار)، وسداد الفوائد وأقساط الدين الداخلي والخارجي المستحقة، إذ يقدر هذا الدين بحوالي 2ر5 مليار دينار (3ر7 مليار دولار). ومن الصعب تفسير السبب المنطقي لإتباع هذه الموازنة التوسعية عندما لا يزال الاقتصاد ينمو بنسبة 6% وهناك عجز في الحساب الجاري يصل إلى 18% من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يشير إلى وجود فائض في الطلب على السلع و الخدمات المستوردة يفوق بكثير ما نصدره إلى الخارج.

وأضاف عزام أن السياسة النقدية المتشددة التي أتبعت خلال العامين الماضيين ستتحول إلى سياسة توسعية هي الأخرى، إذ أن أسعار الفائدة المحلية يتوقع لها أن تنخفض في النصف الثاني من عام 2007 تماشيا مع ما هو متوقع لأسعار الفائدة على الدولار.

وسيؤدي قيام الحكومة بالاقتراض إلى زيادة إجمالي دين المملكة الداخلي والخارجي وبالتالي ارتفاع فاتورة خدمة الدين التي ستظهر في موازنات السنوات المقبلة. فقد كان من الممكن استخدام الزيادة المتوقعة في حجم المساعدات الخارجية في أوجه إنفاق له عائد مباشر على الخزينة مثل سداد المديونية بدلا من إنفاقها على مشاريع كبرى للقطاع العام قد يكون العائد عليها متدنيا،علما بأن جزءا من هذه المشاريع له نفقات جارية سيصعب تقليصها مستقبلا. وإذا لم يتم التراجع عن التوجه العام في زيادة النفقات الجارية (والتي تشكل 77% من إجمالي النفقات وتتضمن بشكل أساسي سداد الفوائد المستحقة ورواتب وأجور العاملين في القطاع العام)، سيزداد العجز في الموازنة بشكل مضطرد الأمر الذي سيهدد الاستقرار المالي للمملكة ويشكل نكسة كبيرة لبرنامج التصحيح الاقتصادي الذي امتد على مدى 15 عاما.

وتوقع عزام أن يشهد الاقتصاد الأردني معدلات نمو جيدة عام 2007 بالرغم من الانخفاض الكبير الذي سجله سوق الأسهم العام الماضي والعوامل الخارجية غير المؤاتية مثل ارتفاع فاتورة النفط المستورد و الظروف الإقليمية الصعبة المحيطة بالمملك، ومع أن الانتعاش الاقتصادي يتوقع له أن يستمر خلال المرحلة المقبلة، إلا أن توقعات العديد من المواطنين أصبحت الآن أكثر واقعية مع انتهاء فورة الأسعار في القطاعين المالي و العقاري.

وسينعكس الهبوط في ثروة المستهلك بسبب انخفاض أسعار الأسهم بنسبة 35% خلال 2006، وبوادر الضعف الأولي للسوق العقاري على القرارات الاستهلاكية والاستثمارية للمواطنين. ويتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 نموا بالأسعار الثابتة في حدود 5ر5% مقارنة مع 4ر8% في عام 2004، و2ر7% في عام 2005، وما تقديره 2ر6% في عام 2006.

وبلغ معدل النمو الاقتصادي خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2006 بالأسعار الثابتة 3ر6% و9ر11% بالأسعار الجارية، وجاء أداء جميع القطاعات الاقتصادية جيدا، غير أن قطاع الصناعات التحويلية كان له المساهمة الأكبر في النمو الاقتصادي المتحقق بحدود 33%، تلاه قطاع النقل والاتصالات بنسبة 15%، ثم القطاع المصرفي والمالي بنسبة 13%، وقطاع تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 5ر12% والقطاع العام بنسبة 6ر7%.ويتوقع أن تحافظ القطاعات الاقتصادية الرئيسية هذه على أدائها الجيد خلال عام 2007.

وارتفعت إجمالي صادرات المملكة بنسبة 18% خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2006 مقارنة مع نفس الفترة من عام 2005، لتصل إلى 694ر2 مليون دينار ( 798ر3 مليون دولار). وزادت المستوردات خلال نفس الفترة بنسبة 10% لتصل إلى 041ر6 مليون دينار (518ر8 مليون دولار) ليصبح بذلك العجز في الميزان التجاري 347ر3 مليون دينار (719ر4 مليون دولار).

وتحول ميزان الخدمات الذي كان يحقق فائضا كبيرا في السنوات السابقة، إلى عجز ليضيف بذلك إلى العجز المتنامي في الحساب الجاري. غير أن تدفق رؤوس الأموال للاستثمار في الأردن وخاصة في القطاع العقاري إضافة إلى أن حصيلة الخصخصة والمساعدات الخارجية ساعدت على تعويض هذا العجز مما أدى إلى ارتفاع احتياطي المملكة من العملات الأجنبية إلى 6 مليار دولار مقارنة مع 7ر4 مليار دولار في نهاية عام 2005. وهذا الوضع ليس بالضروري مطمئنا،إذ أننا نقوم بتمويل نفقات متزايدة لاستيراد سلع وخدمات من تدفقات رؤوس أموال قد لا يكون هناك ضمانة لاستمرارها.

وسجل الاقتصاد الأردني ارتفاعا في معدل التضخم وصل إلى 2ر6% خلال الشهور العشرة الأولى من 2006، ويتوقع لهذا المعدل أن يكون في حدود 6% للعام ككل مقارنة مع 5ر3% في عام 2005، و4ر3% في عام 2004، و 6ر1% في عام 2003 و 8ر1% في عام 2002.

وكانت الزيادة في أسعار المحروقات وتأثيرها على تكلفة الإنتاج عاملا رئيسيا في ارتفاع معدل التضخم العام الماضي، وسجلت أسعار مواد البناء والبضائع المستوردة زيادة نتيجة لتراجع سعر صرف الدولار الأمريكي والدينار الأردني المرتبط به مقابل العملات الأوروبية واليابانية. ولا يتوقع أن تتجاوز معدلات التضخم مستوى 4% خلال عام 2007 خاصة إذا لم يكن هناك زيادة كبيرة في أسعار المحروقات في حال بقاء أسعار النفط العالمية أقل من 60 دولار للبرميل و هو السعر الافتراضي في موازنة 2007.

وحقق القطاع الخاص أداء جيدا خلال السنوات القليلة الماضية ويتوقع أن يواصل نهجه و أن تحافظ الاستثمارات على معدلات نموها خاصة في القطاعات الواعدة مثل الخدمات والسياحة والنقل والصناعات التحويلية. ومن جهة أخرى، سيصبح الضعف في قطاع العقارات أكثر وضوحا في عام 2007، خاصة في المناطق التي شهدت زيادة كبيرة في الأسعار خلال السنوات القليلة الماضية. وستعتمد عملية التصحيح في الأسعار على التغيرات في عوامل العرض والطلب لهذا السوق، إلا أن التأثير السلبي لأي انخفاض قد يطرأ على الأداء الاقتصادي للمملكة سيكون محدودا.