مزيد من الشلل في مختلف الأنشطة الاقتصادية
هكذا انعكس قرار إسرائيل اعتبار غزة كياناً معادياً على مصارفها


خلف خلف من رام الله:

أثيرت الكثير من التساؤلات حول مدى حجم الانعكاسات السلبية التي لحقت بالمصارف الفلسطينية في قطاع غزة بعد اعتبارها كياناً معادياً من جانب إسرائيل، وهو ما حاول تقرير فلسطيني جديد تقديم إجابة مفصلة عليه، من خلال تسليط الضوء على المصارف في القطاع بشكل عام، وخدماتها بشكل خاص.

ومن خلال تسليط الضوء فقط على الجزئية التي يغطيها التقرير الصادر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان وتتعلق بالانعكاسات السلبية التي لحقت بخدمات المصارف في قطاع غزة، يتضح أن القرار الإسرائيلي باعتبار قطاع غزة كيانا معاديا بعد سيطرة حماس على قطاع غزة تسبب في زعزعة العمل المصرفي ما انعكس سلباً، وبشكل كبير على الخدمات المصرفية المقدمة لسكان القطاع.

وجاء في طيات التقرير: quot;عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ منتصف أيلول 2007 إلى خفض حجم الأموال التي يتم تحويلها إلى مصارف القطاع، تنفيذا لتوجهاتها باعتبار قطاع غزة كيانا معاديا. يشار إلى أن عملية ترحيل وتبادل العملات بين مصارف قطاع غزة وإداراتها والمصارف الإسرائيلية المتعاملة معها كانت تتم قبل الأزمة المشار إليها بمعدل مرة كل يومين أو ثلاثة أيام، في حين أن المعاملات أصبحت تنفذ في أوقات متباعدة تصل إلى أكثر من شهر ما بين المعاملة والأخرى، وبقيم مالية بسيطة مقارنة مع ما كان معمولا به قبل أربعة أشهرquot;.

ويبين التقرير أن حاجة المصارف من عملة الشيكل فقط المفترض توريدها لقطاع غزة شهريا تقدر بنحو 500 مليون شيكل، إذ تحتاج المصارف خلال فترة دفع الرواتب لنحو نصف المبلغ المذكور. هذا يعني أنه في حال عدم توفر هذه العملة بالشكل المطلوب سيما في فترة صرف الرواتب من شأنه أن يخلق أزمة كبيرة تنعكس بشكل أساسي على الموظفين العموميين الذين لازالوا يعانون من الفترة الطويلة التي لم يتلقوا فيها رواتبهم.

كما يوضح التقرير أن عدم توفر مبالغ لدى المصارف من عملتي الدولار والدينار زاد الأوضاع الاقتصادية سوءا وصعوبة، حيث أدى ذلك إلى مزيد من الشلل في مختلف الأنشطة الاقتصادية ووقف أنشطة الاستيراد والتصدير التي تنفذ غالبيتها بهاتين العملتين. هذا علاوة على تأثير نقصها على حجم الودائع من تلك العملات لدى البنوك، سيما بعد سحب كثير من العملاء لودائعهم بدافع الخوف من عدم تسديد المصارف للأموال التي يحتاجونها عند الطلب والحاجة.

ويقول تقرير مركز الميزان: quot;حيث أثر ذلك سلبا على حجم التسهيلات التي تعطى أصلا في أضيق الحدود منذ تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة كما ذكرنا سابقا خاصة القروض التي تمنحها المصارف للمواطنين وذلك لانخفاض نسبة الودائع لدى المصارف. وبشكل عام ينعكس ذلك سلبا على استثمارات المصارف ما يعني مزيدا من التراجع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. كذلك يؤثر ضعف السيولة من هذه العملات إلى فقدان ثقة العملاء في المصارف خاصة الذين لا يعلمون أسباب هذه العجوزاتquot;.

وأشار التقرير إلى ما يتحمله عملاء المصارف من خسائر نتيجة لعدم توفر عملتي الدولار والدينار، وبالتالي فهم لا يحصلون إلا على عملة الشيكل عند سحبهم أموالا من تلك المصارف، حيث تعمل هذه المصارف على تحويل العملة إلى الشيكل بأقل كثيرا من محلات الصرافة الخارجية، فعلى سبيل المثال قد يصل الفرق في تبديل 100 دولار إلى الشيكل إلى حوالي 10 شواكل، وهذا بدوره ينعكس سلبا على سعر صرف الدولار الضعيف أصلا ما يكلف المواطنين مزيدا من الخسارة فيما يتعلق بسعر صرف الدولار.

وتابع: quot;من زاوية أخرى وكمزيد من الضغوط على القطاع المصرفي في فلسطين والذي بدوره يعني مزيد من الضغط على سكان قطاع غزة، هددت مصارف المراسلة مع المصارف الفلسطينية وهما مصرف هبوعليم و ديسكونت، تكرارا ومرارا خاصة بعد قرار الحكومة الإسرائيلية باعتبار قطاع غزة كيانا معاديا، بقطع العلاقات مع المصارف الفلسطينية، الأمر الذي يعني في حال تنفيذه، نفاذ عملة الشيكل من الأسواق وهي العملة المتداولة عند الفلسطينيين سيما لأغراض الاستهلاك ما يضاعف من أزمة المواطنين و قدرتهم على تلبية متطلبات الحياةquot;.

يشير الدكتور معين رجب الخبير الاقتصادي والمحاضر بجامعة الأزهر بغزة، كتعليق على الآثار الناجمة عن قطع بنوك المراسلة الإسرائيلية علاقاتها مع بنوك قطاع غزة إلى أن ذلك في حال تنفيذه سيتسبب في كارثة إنسانية واقتصادية حقيقية ولكن بشكل تدريجي.

حيث أوضح رجب: quot;أن المعاملات الاقتصادية الفلسطينية القائمة خاصة فيما يتعلق بالمعاملات التجارية تحتاج إلي اعتمادات مستنديه أي استيراد البضائع لقطاع غزة عبر إسرائيل عن طريق بنوك إسرائيلية ، وفي حال نفذت الخطة ستمنع كافة التجار الفلسطينيين في القطاع من القيام بهذا الاستيراد عبر إسرائيل، مضيفا أن غالبية تجارة قطاع غزة ترد إلينا من إسرائيل أو عبر إسرائيل. وذلك لعدم وجود الوسيط الذي يقوم بهذا الدورquot;.

وأكد رجب quot;أن هذه الخطوة تحدث شلل في الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة ، كما أن الحصار المفروض على القطاع يزيد ويساهم بتلك الكارثة حيث أن النشاط الاقتصادي القائم هو بشكل محدود ويعتمد على استيراد مواد معينة فقط . وكذلك على صعيد البطالة، فأوضح أن البطالة ستزداد وتتضاعف بوتيرة أكبرquot;.

وعن المخاطر التي ستحلق بالمستهلك والاقتصاد الفلسطيني في حال تنفيذ تلك الخطوة قال: quot;إن المخاطر ستلحق بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية كافة في قطاع غزة، فالقطاع لا يتمتع باكتفاء ذاتي في الحصول على احتياجاته، كما أن للقطاع علاقات تجارية مع دول مختلفة سواء بالاستيراد أو التصدير وان كان الاعتماد على الاستيراد هو الأكثر، لكن تبعا للخطوة الإسرائيلية فسوف تتوقف تلك العلاقة . والتاجر كذلك لا يستطيع أن يقوم بمهامه وعمل أي نشاط تجاري خارجي لأنها سوف تتوقف أيضل . وعلى صعيد المواطن الفلسطيني فهو سيفتقد معظم احتياجاته في القطاع حيث أنها ستصبح غبر متوفرة في السوق سيما مع اعتماد القطاع على استيراد معظم حاجاته من الخارجquot;.