مواجهته تقدر بـ40 مليار دولار
أزمة المال العالمية تسحق الإهتمام بالجوع

محمد حامد ndash; إيلاف
لن يشهد المستقبل القريب تغيرات إيجابية تذكر في ملف معالجة الجوع والتغلب على التأثيرات الكارثية لغلاء أسعار الغذاء، فبعد أن كانت هناك مبادرات عالمية جيدة منحت الفقراء الأمل في غد بلا مجاعات، جاءت الأزمة المالية العالمية وما تبعها من أزمة اقتصادية لتعصف بكل الآمال والتطلعات في التعامل مع أزمة الجوع والغلاء، فقد انهمك كبار العالم في مساندة ودعم أنظمتهم المالية والمصرفية والاقتصادية وتراجع الاهتمام بقضايا ومشاكل مليار شخص حول العالم دفعهم الغلاء إلى حافة الموت جوعًا .

فقد أدت الزيادة الشديدة في أسعار الغذاء خلال العام الماضي إلى دفع مليار شخص على مستوى العالم إلى حافة الموت جوعًا. وتحذر منظمة أوكسفام العالمية لمساعدة الفقراء في تقرير جديد لها بأن الأزمة المالية العالمية من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع. فمع انهيار الأسواق في جميع أنحاء العالم فإن الدول الغنية تصبح مشغولة بالأزمة المالية العالمية، حيث أن 923 مليون شخص في جميع أنحاء العالم سوف يتعرضون للجوع بسبب انشغال العالم بخطط انقاذ النظام المالي العالمي وهي الخطط التي ستتكلف بلايين الدولارات.

ووفق ما جاء في دراسة جديدة نشرت يوم الخميس بواسطة منظمة أوكسفام العالمية للمساعدة، فإن أزمة الجوع العالمية مرشحة للتصاعد أكثر من أي وقت مضى، حيث أن الدول المتقدمة تنمو أكثر وأكثر منشغلة بالأزمة في الأسواق المالية. وفي الوقت نفسه، عندما يتم تخصيص بلايين الدولارات لمواجهة الأزمة المالية، يبدو كما لو كانت الأزمة العالمية للجوع قد نسيت تمامًا كما تقول ماريتا ويجيرثال الخبيرة في منظمة أوكسفام لـ quot;شبيغلquot; الألمانية .

وفي شهر مايو الماضي، كانت مشاهد محاربة الجوع العالمي تبدو أكثر إشراقا. ففي مؤتمر عقد في روما، خصصت الدول الصناعية مبلغ 12.3 مليار دولار أميركي للمساعدة في حل مشكلة الجوع العالمي. وحتى الآن تم دفع مبلغ 1 مليار دولار أميركي فقط من هذا المبلغ. في حين أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل سوف تودع مبلغ يصل إلى 500 مليار يورو (669 مليار دولار أميركي) من أجل المساعدة في إنقاذ البنوك الألمانية والمؤسسات المالية، كما سبق للأميركيين أن قرروا ضخ 700 مليار دولار كخطة انقاذ عاجلة لأنظمتهم المالية والاقتصادية، وهو الطريق الذي أصبح السير فيه اجباريًا لكل كبار العالم الذين انهمكو في رصد المليارات للتعامل مع أزماتهم البنكية وسقطت قضية مكافحة الجوع وارتفاع اسعار الغذاء بالضربة القاضية .

فالزيادة الشديدة في أسعار الغذاء خلال العام الماضي تعرض جزءا كبيرا من العالم لخطورة التعرض للجوع. فخلال الأربعة عشر شهرًا الماضية، على سبيل المثال، تزايد سعر الأرز حتى 66 في المئة بينما تضاعف سعر القمح ليصل إلىأربعة أضعاف سعره في بعض مناطق العالم.

الكارثة الحقيقية أن الأسر في الدول النامية تنفق ما يقارب ثلثي دخلها وربما أكثر على الغذاء مما يجعل الزيادة الطفيفة في أسعار الغذاء بمثابة المشكلة الكبرى حيث تدفع الأسر الأكثر فقرا نحو الموت جوعًا. وبينما يعتقد بعضهم أن ملايين الأسر في الدول الفقيرة من الممكن أن تستفيد من الهبوط الحالي في الأسعار إلا أن هذا في الواقع لن يحدث بسبب أن الفلاحين هم مستهلكون أيضًا بالإضافة إلى كونهم منتجين للسلع. ففي الوقت نفسه الذي ترتفع فيه أسعار الغذاء، فإن تكلفة البذور والأسمدة أيضًا قد زادت تقريبًا إلى ثلاثة أضعاف. وهذا هو ما يجعل دولاً نامية كثيرة يزيد معدل الفقر فيها في المناطق الريفية عن المدن بمعدل مرتين.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة سوف تكون هناك حاجة إلى مبلغ 25 إلى 40 مليار دولار أميركي من أجل التعامل بفاعلية مع أزمة الغذاء العالمية. وإن الإجراءات التي اتخذت حتى الآن، وفق ما ذكرته منظمة أوكسفام، تعد غير كافية تمامًا.

وما زال هناك أشخاص لا يشعرون بضغط تزايد الأسعار. وهناك مؤسسات كبيرة عديدة ترتبط بالزراعة ذات مستقبل مشرق. حيث أن شركة مثل نستله قد تزايدت عائداتها بمعدل تسعة في المئة خلال النصف الأول من عام 2008، بينما مبيعات أسواق السوبر ماركت الشهيرة في كثير من دول العالم زادت بمعدل 10 في المئة. كما أن الرابح الأكبر من بين الجميع ربما تكون للشركات العاملة في مجال الصناعات الزراعية ، حيث أن أرباحها خلال الربع الأول قد وصلت مليارات الدولارات وبمعدلات ربح فاقت الـ 25 %.