6 مليارات دولارات تدخل سنويًا... 85% منها مصدرها الخليج
لبنان المطمئن إلى مصارفه يخشى تراجع تحويلات المغتربين

quot;إيلافquot; من بيروت: تمثل تحويلات اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون 85 في المئة من مجمل المبالغ التي تصل إلى لبنان من أبنائه المهاجرين في جهات الأرض الأربع، ويبلغ متوسط قيمتها ستة مليارات دولار. ويخشى إقتصاديون أن تتقلص هذه التحويلات نتيجة لإنعكاسات الأزمة المالية العالمية على دول الخليج، وأن يتوقف معها تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات السياحية والعقارية وأسعار الأصول بعد موجة تفاؤل بنجاة لبنان من تداعيات هذه الأزمة.

يردد وزير المال اللبناني محمد شطح أن الاقتصاد اللبناني مرتبط عضويًا باقتصاد دول الخليج. ويقصد في الدرجة الأولى تحويلات المغتربين اللبنانيين، وفي درجة أقل النشاط السياحي لمواطني هذه الدول واستثمارات الشركات المحلية في كل دولة، أي أن الأزمة المالية العالمية التي انتشرت في اقتصادات الدول الخليجية ستكون مؤثرة على مداخيل العاملين في هذه الدول ومنهم اللبنانيون. وكان صندوق النقد الدولي حذر من تأثير الأزمة على تحويلات المغتربين اللبنانيين من دون أن يحدد نسبة التأثر التي لن تكون واضحة قبل مرور اشهر، باعتبار أن الأمر مرتبط أساسًا بتطورات الأزمة، في حين لا يزال العالم يترقب التأثيرات غير المباشرة على الاقتصاد بمفهومه الواسع،في ما يشبه الكساد أو يفوقه، الأمر الذي سينسحب تحديدًا على مؤسساتفي الخليج خسائر فعلية واحتمال ظهور حالات افلاس وصرف موظفين وعمال.

وتعتبر تحويلات المغتربين اللبنانيين المؤشر الأول الذي يتوجب رصده في هذا السياق. تحويلات تعزز موازنات الأسر الفقيرة والمتوسطة، وليست مجرد نسبة هامشية في موازناتهم، إذ يعتمد عليها عدد غير ضئيل من اللبنانيين في تدبير معيشتهم.

ويقدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قيمة هذه التحويلات بنحو 6 مليارات دولار سنويًا، والبنك الدولي بنحو 5.5 مليارات دولار، لكن هذه الأرقام لا تشمل التحويلات التي لا تمر عبر القنوات التقليدية، ولذلك لا يستبعد أن تصل إلى نحو 8 مليارات دولار، لا سيما بعد عام 2005 مع ازدياد هجرة القوى العاملة الشابة، إذ سجلت 60 ألفًا عام 2005 و 120 ألف شاب منذ مطلع 2007 حتى تموز 2007، وبالتالي تبلغ قيمة التحويلات الفعلية ما لا يقل عن 30 % من الناتج المحلي الإجمالي للبنان.

لكن ما يطمئن من جهة أخرى في أحوال هذه البلاد المالية هو أن الذعر المالي العالمي حمل بعض المستثمرين على التوجه بأموالهم إلى quot;المكان غير المتوقع: لبنانquot;، على ما كتبت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot;. ولاحظت أن البلد الصغير مساحة استقطب صناعة صناديق الاستثمار التي كانت محصورة في شكل رئيس في أسواق الخليج وأن القيمة المضافة هي المغتربين اللبنانيين الأثرياء. ففي لبنان يعيش نحو أربعة ملايين شخص، غير أن ثمة 12 مليون لبناني في المغتربات يرسل كثيرون منهم المال إلى بلدهم الأم ويستثمرون في القطاع العقاري. وقيمة تحويلاتهم التي سجلت العام الماضي من أعلى نسب الدخل بالنسبة إلى الفرد في العالم.

ويبدو أن البلد الصغير الذي عانى الحروب المتعددة، يملك قطاعًا مصرفيًا أثبت حتى اليوم أنه منارة للاستقرار والنمو، إذ تسجل مصارفه أرباحًا قياسية، تساعدها في ذلك سياسات المصرف المركزي المحافظة وإدارات ماهرة، فضلاً عن الأموال التي تتدفق من المغتربين. ويقول محللون إن عدم الاستقرار في لبنان ndash; الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا والأزمات السياسية المتلاحقة- غذّت سياسة الحذر المالي لقطاع المصارف في لبنان.

وقبل ثلاث سنوات، حظّر المصرف المركزي في لبنان الاستثمار في المشتقات وغيرها من المنتجات المالية المنظمة مما وفّر للمصارف عمليًا حصانة ضد العدوى المالية. ولم تقترض المصارف المحلية من الأسواق العالمية، فيما تبلغ الإيداعات نسبة 83% من أصولها، ما يجعل منها أكثر المصارف توفيرًا للسيولة في العالم.