هاني نديم من الرياض: شكّلت شركة سما للطيران، نقلةً نوعيةً في مسار قطاع السفر في المملكة العربية السعودية، وبدّلت مفاهيم الانتقال الجوي بين مدن المملكة، وقدمت بتجربتها الرائدة كأحد أهم مشغلي السياحة، نموذجاً ناجحاً للاستثمار في قطاع السفر. ويأتي الملتقى الأول للاستثمار السياحي في المملكة مناسبةً لحوار الأستاذ فيصل الدهيم مدير إدارة التسويق في شركة سما حول قطاع الاستثمار السياحي في المملكة والملتقى.

* كيف تقرأون واقع السياحة في المملكة عموماً وقطاع السفر بشكل خاص؟
من المعروف أن المملكة هي أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط، في معظم المجالات تقريباً، وبالنظر إلى أرقام قطاع السياحة والسفر وفقاً لتقرير الأداء الذي أصدرته الهيئة العليا للسياحة 1428هـ، فقد بلغ عدد المهرجانات والفعاليات الرئيسة والفرعية 220 فعالية، بإجمالي عدد سياح 1.25 مليون سائح، أنفقوا 1.3 مليار ريال، في حين بلغت تكاليف إقامة هذه الفعاليات 65 مليون ريال. وتحتل المملكة المركز 22 بين الدول التي تحظى بأعلى نسبة سياحة وافدة في العالم بفضل الحرمين الشريفين، مما يعطي مؤشراً أولياً على أهمية هذا القطاع وجدوى العائد من الاستثمار فيه، خاصةً وأن القطاع السياحي يعد من أسرع القطاعات نموا 4.5 في المئة سنويا، ولدينا هنا العديد من عوامل ومقومات الجذب السياحية.
فقطاع السياحة هو قطاع منتج في المملكة خاصةً حينما تربط البرامج السياحية مع العمرة بالنسبة إلى السياح من خارج المملكة؛ وتأثيره كبير على جميع جوانب الاقتصاد الوطني وقطاعاته، فالمستفيدون كثر من هذا القطاع مثل: شركات الطيران والفندقة ووكالات السفر والسياحة والمطاعم والمراكز التجارية والمحلات الصغيرة، وكذلك المصارف وقطاع النقل والمواصلات البرية، والتأمين، والصحة، والمدن الترفيهية وغيرها.
ونستطيع الآن أن نلمس بشكلٍ واضح قوة هذا القطاع ومدى تأثيره في العديد من دول العالم، وكيف يشكل العمود الفقري للدخل الوطني في بعضها، أضف إلى ذلك أهميته في خلق وظائف جديدة للشباب حيث يوظف القطاع عالمياً حوالى 9في المئة من إجمالي القوى العاملة.

* ما هو دور الهيئة العليا للسياحة، وما المأمول منها؟
ـ إن الدور الذي تقوم به الهيئة العليا للسياحة أكبر مما يعتقد الكثيرون، فقد قامت ومازالت تقوم بالعديد من المبادرات والجهود لوضع التنظيمات اللازمة التي من شأنها تطوير قطاع السياحة من خلال الدراسات والأبحاث والاستعانة بالخبرات الدولية في مجال السياحة، حيث بدأت من نقطة الصفر، وقامت بإصدار التنظيمات والعمل على تطوير الوجهات السياحية في مختلف المناطق إضافة إلى رفع مستوى الوعي لدى المجتمع تجاه السياحة، ومهمة التثقيف السياحي تلك المهمة الهادفة، غير تنسيقها وسعيها الحثيث مع العديد من الجهات الحكومية مثل وزارة الداخلية والجوازات ووزارة التجارة وزارة التربية والتعليم والغرف التجارية وغيرها وتشكيل حلقة وصل في ما بينها بما يتعلق بالسياحة وتنشيطها، وهو أمرٌ ليس بهذه السهولة. وهنالك الكثير مما يحسب للهيئة العليا للسياحة، كإصدار التنظيمات وحصر المناطق السياحية والفعاليات، ودراسة معوقات القطاع والعمل على إزالتها، كذلك خدمة الهاتف السياحي والذي يعد إحدى المبادرات الجيدة والتي تساعد في توفير المعلومة المتعلقة بالسياحة الداخلية وتكون بمثابة مرجع للراغبين في الاستفادة أو معرفة الأماكن السياحية.
أما في ما يتعلق بالملتقى الأول للسفر والاستثمار السياحي، فهو أحد الخطوات المهمة التي تندرج تحت أهداف ودور الهيئة في قطاع السياحة المحتاج إلى المزيد من تفاعل القطاعين، الحكومي والخاص. فهنالك الكثير أمامنا لنقوم به، وعلينا أن نعمل مع الجهات المعنية على رفع الوعي بأهمية السياحة كقطاع استراتيجي مؤثر اقتصادياً واجتماعياً، يتمتع بما يتمتع به القطاع الصناعي من قروض حكومية وتسهيلات استثمارية وتيسير الحصول على الفيز السياحية، وبناء بنية تحتية شاملة ترتقي لمستوى تطلعات السائح الداخلي والخارجي عند مقارنتها مع الدول المتقدمة في مجال السياحة.

* يزدهر الاستثمار في كافة القطاعات، ماذا عن الاستثمار السياحي وتأثيره؟
يتميز الاستثمار السياحي في المملكة العربية السعودية عن بقية الدول المجاورة كونه يجمع أكثر من مقوم سياحي، فموقعها الجغرافي وتعدد مناطقها ومناخها، يشكل أرضاً خصبة لصناعة سياحة واعدة، فهي تملك شواطئ على البحر الأحمر والخليج العربي، بالإضافة إلى الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي، فهناك جميع أنواع السياحة، الترفيهية والتسوق، وسياحة الفصول (الصيف والشتاء)، والآثار والسياحة الطبية وسياحة المعارض والأعمال، وأنوه بأن هذا النوع من السياحة ما زال غير مستغل بشكل جيد، فعلى الرغم من كثرة المعارض والملتقيات والمحاضرات وورش العمل التي تقام في أنحاء المملكة، إلا أن هناك ضعفا واضحا في احترافية التنظيم وتنسيق المعارض مقارنة بالدول المجاورة، بالإضافة إلى عدم توفر مراكز أو مجمع معارض متقدم لدعم هذه الصناعة وكيفية استغلاله بشكل أمثل، فدبي على سبيل المثال، تشكل سياحة الملتقيات والمعارض الحجر الرئيس لديها ويعتبر أكثر أهمية من مهرجانات السياحة للعموم، وأسعار الفنادق في أيام الملتقيات تكاد تصل إلى أكثر من ضعف السعر في الأيام الأخرى، فكما ذكرت لا يزال قطاع السياحة يحتاج إلى دعم كبير ونقل الخبرة الدولية في مجال السياحة لتطوير الخدمات و المنتجات السياحية، فالاستثمار السياحي في المملكة هو كنز لم يتم الاستفادة منه بعد.
من جانب آخر، يعكس تطور السياحة صورة وثقافة المملكة وتراثها إلى العالم ما يساهم في تعزيز وجود مكانة المملكة على الخارطة السياحية العالمية وتصحيح الأفكار الخاطئة عنها في أوروبا و أميركا، لهذا آمل وضع برامج سياحية خاصة للإعلاميين في هذه الدول واطلاعهم عن قرب عن المملكة وشعبها الكريم لينقلوا بذلك الصورة الحقيقية.



* يقام ملتقى السفر والسياحة الأول قريباً في الرياض، ما رأيكم في هذا الحدث، وما انعكاساته على السياحة في المملكة وعلى مشغليها؟
ـ يعتبر الملتقى فرصة ذهبية لتسليط الضوء على صناعة السياحة في المملكة وفرص الاستثمار المتاحة، ما يساهم في استقطاب المستثمرين ورجال الأعمال المهتمين بالمجال السياحي، وهو فرصة كذلك للتبادل التجاري والتعارف والاستفادة من ورش العمل التي تعقد ضمن الملتقى، لتصبح نواة لسلسلة من اللقاءات المتتالية والتي تعزز هذا القطاع. ويمثل التقاء أقطاب صناعة السفر والسياحة في معرض متخصص يعقد داخل المملكة العربية السعودية بشكل سنوي، فرصة كبرى لجميع الأطراف، حيث يتم تبادل الأفكار ودراسة المحفزات والمعوقات، والأهم من ذلك تذليل أي صعوبات أو مشاكل قد تواجه المستثمرين في هذا القطاع بلقائهم ذوي الاختصاص من الجهات الحكومية الأخرى، ونرى هنا شفافية الحوار والتعاطي بين الجهات المختصة الحكومية من جهة وبين مستثمري القطاع الخاص من جهة أخرى.
والنجاح الذي سوف يحسب للملتقى، يتمثل في تنفيذ وتطبيق القرارات والتوصيات لتساهم في تطوير البنية السياحية، وخصوصاً التغلب على المعوقات والصعوبات، وتطبيقها عملياً، لتترجم جهود ورش العمل والمحاضرين والمشاركين في هذا الملتقى إلى واقع ملموس، بالإضافة إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية وقيمة الصفقات التجارية التي تتم أثناء الملتقى، ولعل عقد الملتقى بالتعاون مع وزارة الداخلية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة التجارة والصناعة، والهيئة العليا للاستثمار والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية، ومجلس الغرف التجارية والصناعية، يدل على التميز والإصرار على إنجاح الملتقى ويدلل على تضافر الجهود للنهوض بصناعة السياحة، وإقرار هذا الملتقى بشكل سنوي، سوف يعطي المشاركين الفرصة لتقويم الفوائد بحيث يكون الحدث المنتظر سنوياً للمهتمين في مجال صناعة السياحة.

* ما معوقات الاستثمار في قطاع السياحة؟
ـ القطاع السياحي بشكل عام يحتاج إلى مساواة مع بقية القطاعات الحكومية مثل القطاع الصناعي من ناحية الدعم وإيجاد التنظيمات المتكاملة لتوفير كل ما يحقق نجاحه، وتحفيز المستثمرين عبر قروض حكومية من دون فوائد وإيضاح مدى جدوى الاستثمار، فقطاع السياحة في المملكة لم يستقطب المستثمرين بالقدر الكافي، على الرغم من أن نسب النمو المستقبلية له مرتفعةً مع توقعات بتضاعف عدد السياح في المملكة إلى 45.3 مليون سائح بحلول العام 2020، وهناك احتياج لطاقة إيوائية بأكثر من 50 ألف غرفة فندقية و74 ألف شقة، هذه الأرقام والتي تشكل عامل جذب للمستثمرين، على أنهم يواجهون عوائق عدة من جهات مختلفة، بدءاً بالتراخيص والتسهيلات المالية وانتهاءً بقلة الكوادر المؤهلة. ومن المستغرب عدم الاستثمار اللازم من قبل صناديق الاستثمار الحكومية في القطاع السياحي، ودعم هذا القطاع بما ينعكس بشكل أوسع على فئات عديدة من المجتمع. فوفقا لتقرير أحد الصناديق على سبيل المثال لعام 1427هـ استثمر قرابة 108 ملايين ريال في خمس شركات تهتم بالفندقة والسياحة، من إجمالي استثماراته البالغة 32 مليار ريال، أي ما يعادل 0.33في المئة من حجم إجمالي الاستثمار، وهو مبلغ ضئيل.
ومن جهة أخرى، فمن أبرز المؤثرات على الاستثمار السياحي، يتعلق بتوزيع الإجازات الدراسية طوال العام، لهذا يحتاج إلى التنسيق بين الهيئة العليا للسياحة ووزارة التربية والتعليم، لتوزيع جدول الإجازات لينعكس إيجاباً على القطاع السياحي ويفي في الوقت نفسه متطلبات الإجازات المدرسية السنوية، ولعل أقرب مثال ماشاهدناه عند إقرار إجازة اليوم الوطني، وكذلك إجازة لمدة يومين لسكان الرياض أثناء انعقاد القمة العربية، من ارتفاع في نسبة المسافرين ونسب إشغال الفنادق والمراكز الترفيهية والمحال التجارية، وكذلك يتطلب تطوير وتواجد الإعلام السياحي المتخصص، والجمعيات السياحية على غرار جمعية الإدارة السعودية بالإضافة إلى مزيد من مراكز التدريب المتخصصة في مجال السياحة.


* ما هي البرامج التي قامت بها أو تخطط لها سما للطيران لتنمية صناعة السياحة والمهرجانات؟

ـ شركة سما للطيران كناقلٍ جوي وطني، يستشعر مسؤوليته تجاه قطاع السياحة والمهرجانات في المملكة، سواء بتسيير رحلات بين المدن الداخلية للمملكة، أو دعم هذه المهرجانات برعايتها كناقل جوي، ونعلم جيداً أهمية قطاع الطيران للاستفادة من الإجازات القصيرة، فقدمنا أسعارا مخفضة لتحفيز شريحة جديدة من المسافرين للسفر بالطائرة، عوضاً من إتاحة الفرصة للعديد من الفئات بمضاعفة عدد مرات سفرهم من خلال الطائرة، والشركة في عامها الأول وهي تقترب من تحقيق أول مليون مسافر، قامت برعاية عدد من المهرجانات السياحية ودعمها مثل مهرجان صيف الشرقية، ومهرجان الرياض للتسوق والترفيه بالتعاون مع الغرفة التجارية في الرياض، ومهرجان أبها السياحي بالإضافة إلى الدعم والمشاركة الفعالة في مهرجان صيف مطار الملك فهد الدولي والذي حقق نجاحا كبيرا في المنطقة الشرقية.

إضافة إلى البدء في برامج اجتماعية مع جهات مختلفة، أولها جمعية إنسان لرعاية الأيتام، حيث تم ترتيب ثلاث رحلات لمجموعة من أيتام الجمعية، الأولى ترفيهية الصيف الماضي إلى مدينة أبها خلال فترة المهرجان، والثانية لأداء عمرة رمضان في أول أيام الشهر الفضيل، والثالثة لأداء فريضة الحج مع أمهاتهم.

كذلك القيام برعاية الملتقيات السياحية التي تقام في المملكة وتقديم الدعم لها مثل ملتقى السياحة والاستثمار الخليجي والذي عقد في جدة الشهر الماضي و كذلك رعاية سما لملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي و الذي نتمنى له كل التوفيق و النجاح.