خلف خلف- إيلاف: في الأردن كما في باقي الدول العربية ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية. ونتيجة ذلك طور المواطنون أساليب حياتهم ليتأقلموا مع هذا الواقع الجديد، عبر الترشيد في الاستهلاك تارة، والتخلي عن بعض الكماليات والعادات الاجتماعية تارة أخرى. ويبدو أن تقاليد الزواج في الأردن كان لها النصيب الأكبر من حيث التأثر بغلاء الأسعار، فقد استبدلت الكثير من العادات، بمظاهر أقل كلفة، فاستبدل مثلا نقوط العروسين، بهدية صغيرة، وشهر العسل في الخارج حل مكانه المناطق السياحية المحلية، كما بات هناك توجهًا لشراء الذهب الروسي للتباهي به أمام الناس في حفلة الزفاف، وبعد ذلك التخلص منه.

وبحسب صحيفة الغد الأردنية الصادرة يوم الثلاثاء فأن الظروف المادية الصعبة تقف حائلا بين رغبة أبو طارق النجار إهداء ابنه العريس غرفة نوم كما أهدى باقي أبنائه في حفل زفافهم. وأبو طارق(60عاما) لا يستطيع توفير المبلغ اللازم لمساعدة ابنه والقيام بـquot;عزومة كبيرة لأهل العروسquot; في منزل العائلة، باعتبارها عادة دارجة. ويقول بلهجة تنم عن إحباطه quot;تم اختصار العزومة التي كانت تشمل كل أهل العروس، إلى العروس ووالديها فقطquot;.

ويرافق غلاء الأسعار ارتفاعا في نسبة الفقر في بعض الدول العربية، ومنها الأردن التي يصل عدد العاطلين عن العمل فيها لأكثر من 170 ألف شخص، وتقدر نسبة الفقر بحوالي 20%، ولكنها تصل في بعض مناطق الأغوار الشمالية الذي يقطنه 130 نسمة نحو 31%، إذا تعد منطقة الغور أحد جيوب الفقر العشرين في الأردن.

ويؤكد الشاب وليد الخطيب المقدم على الزواج، أنه للخروج من المأزق اتفق مع أهل عروسه، على مبلغ معين من المال لشراء الذهب بغض النظر عن الكمية، وذلك تحسباً لارتفاعات أخرى في أسعار الذهب، مضيفاً أنه أثناء عقد القران أضاف في عقد الزواج بند ينص على إلزامه بشراء كمية إضافية من الذهب إذا انخفض سعره أو تحسنت أوضاعه الاقتصادية ، وذلك إيفاءً بحقوق زوجته عليه في المهر والتجهيز. حسبما ورد في صحيفة الدستور.

ويلجأ البعض خلال موجة الغلاء إلى تأجيل عقد الزفاف، أو الاقتراض من البنوك، أو استعارة بدلة الزفاف والذهب من الأصدقاء. وهو ما تؤكده الشابة هبة نبهان، موضحة أنه ليس لديها مشكلة في أن تستعير ذهب شقيقتها المتزوجة أو أمها لتتزين به يوم العرس وبعد ذلك تعيده إليها. مع الإشارة أن سعر جرام الذهب الواحد تعدى 16 دينارا أردنيًا، حسب نوعه وعياره أيضاً.

ويقول أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين محادين المحاضر في جامعة مؤتة لصحيفة السبيل إن ارتفاع قيمة المهور بغض النظر عما يوازيه من الذهب يعتبر عائقاً وحائلاً دون التئام مثل هذه العلاقات الشرعية المطلوبة لحصانة النفس وحصانة المجتمع في المجمل وسيؤدي إلى تقليل الالتزام الديني والأخلاقي عموماً، ويلجأ الأفراد في ظل هذه الأجواء غير السليمة إلى البحث عن منافذ ليست شرعية وليست مقبولة خلقاً وديناً لاستكمال احتياجاتهم البيولوجية أو الجنسية على وجه الخصوص.

وارتفاع الأسعار لا يؤثر فقط على المقبلين على الزواج، وإنما يحرق جيوب كافة المواطنين الأردنيين، وحسبما ورد في صحيفة الرأي الأردنية فأنه بسبب ارتفاع الجنوني لأسعار الخضار والفواكه، فان عائلات كثيرة تعيش على تلك المخلفات التي يلقي بها التجار في الحاويات، وهناك من يعتمد على quot;البرارةquot; التي تباع بأسعار اقل وجودة متدنية.

وتنقل الصحيفة عن يقول quot;رب أسرةquot; قوله: quot;لا يمكن تامين احتياجات أسرتي من خضا quot;نخب أول أو ثاني أو.. quot;، فكيف لموظف بمرتب بسيط وأسرة كبيرة أن يشتري كيلو الباذنجان بدينار والكوسا بدينارين وكذلك الأمر بالنسبة للبندورة والخيار، لذا اقصد السوق مساء فالأسعار تكون مناسبةquot;.

أما صحيفة العرب اليوم الصادرة بتاريخ 28/2/2008 فتقول: quot;في ظل هذه المعادلة الصعبة والمعطيات المعقدة لم يعد في بال كثير من سكان مدينة الزرقاء شراء ألبسة حديثة أو تغيير أثاث المنزل أو شراء أجهزة كهربائية حديثة التي امتلأت بها الأسواق, فالرفاهية في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار سقطت من قاموس كثير من أهالي المدينة وأصبحت مجرد أحلام وآمال مبعثرة تتحقق بالنسبة لهم من خلال مشاهدة القنوات الفضائية أو ما تراه الغالبية في المسلسلات التلفزيونية والبرامج المتنوعة من ثراء وبذخ وأثاث فاخرquot;.

وتضيف: quot;حتى أن شراء الفاكهة أصبح جزءا من الرفاهية والكماليات التي أصبح لا يتناولها معظم المواطنين إلا في المناسبات والأعياد فالمواطن في الزرقاء يعيش بلا رفاهية تذكر حتى أنها لم تعد في باله أو تفكيرهquot;.