الخبير النفطي انس حسن لـ quot;إيلافquot; :
إفادة دول الخليج من ارتفاع الميزان التجاري قصيرة المدى

حاورته قبول الهاجري من الرياض: أدت زيادة عائدات البترول إلى رفع الميزان التجاري في دول الخليج،مع انتظام وتيرة الارتفاع في السنوات الأخيرة.وأشارت التقارير الاقتصادية إلى أن اقتصادات دول المجلس الخليجي حققت فائضا في الميزان التجاري خلال عام 2007 بلغ نحو 308 مليارات دولار مقابل 282 مليار دولار عام 2006، وبلغ إجمالي الصادرات 529 مليار دولار مقابل 221 مليارا للواردات. وفي ما يتعلق بإجمالي المديونية الخارجية فقد بلغت نحو 226 مليار دولار في 2007 وشهدت اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي ارتفاعا ملموسا في مستويات الأسعار ليبلغ معدل التضخم نحو 6،7في المئة في عام 2007.
وفي حوار لإيلاف مع الخبير النفطي الدكتور أنس حسن قال إن تأثير ارتفاع الميزان التجاري على دول الخليج سيكون على المدى القصير،مشيراً إلى أن التعامل مع فوائض الميزان التجاري في الخليج يتطلب سياسات مالية حذرة وسياسات نقدية فعالة لاحتواء أثر السيولة الكبيرة.

المضاربات على النفط وما مدى تأثيرهافي الميزان التجاري في دول الخليج كدول منتجة ؟
تأثير المضاربات في سوق النفط على الميزان التجاري لدول الخليج المنتجة للنفط يأتي عبر تأثيرهافي أسعار النفط. ويعزو كثير من المحللين والسياسيين جزءا كبيرا من الإرتفاع الحاد في أسعار النفط الى المضاربات. وبالتالي فإن أثرها حاليافي الميزان التجاري لدول الخليج إيجابي وذلك على المدى القصير.

إرتفاع الميزان الخارجي كان السمة الغالبة لمعظم دول الخليج خلال السنوات القليلة القادمة ما هي مزايا ذلك ؟

واجهت دول الخليج مصاعب إقتصادية في أواخر التسعينات وذلك بسبب تدني أسعار النفط و قد أدى إرتفاع أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية الى تحقيق فوائض هائلة في الميزان الخارجي. هذه الفوائض تمكن حكومات دول الخليج من تحسين الوضع المالي عن طريق تحقيق فائض في الميزانية وكذلك تمكنها من الإستثمار في البنية التحتية وفي تنويع مصادر الدخل.

كيف نرسم العلاقة بين التضخم والميزان التجاري وإرتفاع أسعار النفط على المستوى الخليجي ؟

إرتفاع الأسعار أدى الى إرتفاع إيرادات الحكومات في منطقة الخليج وأدى ذلك الى زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي وبالتالي زيادة كبيرة في الطلب الكلي الأمر الذي يحدث ضغطا على الأسعار الى أعلى، أي زيادة في التضخم . وهذا يتطلب سياسات مالية حذرة وسياسات نقدية فعالة لاحتواء أثر السيولة الكبيرة.

يشكك البعض في قدرة الميزان التجاري على مواصلة الإرتفاع وتوصف بأنها حبر على ورق وإعتمادها بشكل كبير على النفط ما رأيك ؟

التشكيك في قدرة الميزان التجاري على الإرتفاع (أي تحقيق فائض) ناتج فعلاً من الإعتماد الكبير على النفط وأسعاره وهذه حقيقة إذ إن النفط يشكل في المتوسط 80في المئة من صادرات الدول النفطية. الأمر الذي يجعل وضع تلك الإقتصادات هشا ومعرضا للصدمات الخارجية. ولكن لا نستطيع أن نقول إن القدرة على تحقيق فوائض في الميزان التجاري حبر على ورق فمعدل نمو الطلب على النفط أعلى من معدل النمو في العرض و بالتالي متوقع لفائض الميزان التجاري أن يستمر على المديين القصير والمتوسط.

البحث عن طاقة بديلة وهدوء الأوضاع السياسية ماهي إنعكاساتها على فائض الميزان التجاري في الخليج خلال السنوات المقبلة ؟

هنالك تقدم ملحوظ في إيجاد مصادر بديلة للطاقة خاصة في مجال توليد الكهرباء ولكن المشكلة الأساسية تكمن في وسائل النقل المختلفة (سيارات، شاحنات، قاطرات، سفن، طائرات) التي تعتمد بصفة أساسية على مشتقات النفط والتقدم في توفير بدائل لتلك المشتقات يسير ببطء. وعموما وعلى المدى الطويل يتوقع أن تحدث إختراقات في تقليل إعتماد عملية النقل على مشتقات النفط وبالتالي يكون هنالك إعتدال في الطلب عليه وفي أسعاره وهذا يعني أن الفوائض الكبيرة المتحققة الآن قد لا تتكرر من ناحية نسبتها الى إجمالي الناتج المحلي.

أما الهدوء السياسي فسيؤدي الى تقليل عنصر المضاربة في الأسعار وبالتالي الى إنخفاض أسعار النفط الذي يؤدي بدوره الى إنخفاض الفائض التجاري. ولكن في المقابل يعني الهدوء السياسي إستقرارا في المنطقة تكون له آثار إيجابية على الأداء الإقتصادي.

كيف يمكن إستغلال الفائض التجاري في إستثمارات أخرى غير النفط ؟

يمكن إستغلال الفائض في تنمية الرأسمال البشري، و تنويع مصادر الدخل القومي بالتركيز على التصنيع، وتعزيز البنية التحتية خاصة في مجال السكك الحديدية.

هل تعتقد أن دول الخليج تملك التنافسية على المنتجات ذات الأصول النفطية ؟

لدول الخليج ميزة نسبية في إنتاج المنتجات ذات الأصول النفطية ويمكنها أن تحقق ميزة تنافسية فيها أيضاً، فمجال صناعة البتروكيماويات يعتبر واحدا من المجالات التي يمكن أن تستثمر فيها دول الخليج لأجل تنويع إقتصادها، وكذلك الصناعة ذات الكثافة الرأسمالية والكثافة في إستخدام الطاقة مثل صناعة الألمونيوم والحديد، فالمنطقة لديها فائض في الرأسمال والطاقة والنفط.

التطورات في أسعار النفط تقود الى خلل تجاري كبير بين الدول المستهلكة والدول المنتجة كيف يمكن الحد من ذلك ؟

الخلل في الميزان التجاري بين الدول المنتجة للنفط والدول الصناعية الغنية ليس مشكلة كبيرة. ولكن المشكلة تكمن في الخلل بين المنتجين للنفط والدول الفقيرة. وتحاول الدول المنتجة للنفط معالجة هذا الخلل عن طريق تقديم مساعدات إقتصادية لتنمية تلك البلدان وذلك عبر وسائل عدة منها صناديق التنمية مثل صندوق أبوظبي للتنمية والصندوق السعودي للتنمية والصندوق الكويتي بالإضافة الى صندوق الأوبك للتنمية الدولية الذي تساهم في رأسماله دول الأوبك. ومؤخرا طرح الملك عبد الله بن عبد العزيز مبادرة quot;الطاقة للفقراءquot; وهنالك مطالب أن تستثمر الدول النفطية جزءًا من فوائضها في الدول الفقيرة خاصة في أفريقيا.

كيف تصف الإستراتيجية الإقتصادية لدى دول الخليج وهل أفادت من إرتفاع أسعار النفط ؟
ليس لدي علم بإستراتيجيات إقتصادية محددة لدول الخليج ولكن هنالك وعي عام بضرورة تنويع مصادر الدخل في الإقتصاد القومي كما أن هنالك إهتماما بالتنمية البشرية فإذا تبلور هذا في شكل سياسات ذكية يمكن أن تتحقق الإستفادة القصوى من هذه الفرصة.