الغيث النافع أعاد الأمل إليهم بموسم واعد
quot;إيلافquot; تتابع تحضيرات الفلاّحين التونسيّين لموسم الزراعات الكبرى

إسماعيل دبارة من تونس
quot;ما إن هطلت كميّات الأمطار الأخيرة على عدد من مناطق البلاد ، حتى سارع عمّك رمضان إلى التحضير للانطلاق في ما برمج له من خطط فلاحية و أفكار كانت في معظمها تنتظر نزول الأمطار.quot; بهذه العبارات استقبلتنا فاطمة زوجة الفلاّح رمضان بوزيّان من جهة منوّبة الفلاحيّة إحدى مدن إقليم تونس الكبرى.

و تضيف quot;يتشاور مع زملائه و جيرانه في كيفية انطلاق الموسم الفلاحي الجديد بعد أن تأمّلوا خيرا من الغيث النافع الذي نزل عليهم بردا و سلاما بعد طول انتظار.quot;

دقائق معدودة ، ووصل العمّ رمضان صاحب المشروع الفلاحي الشهير في منّوبة و شاحنته محمّلة بأكياس البذور الرفيعة.

يقول لإيلاف: أمامي عمل كثير، و ليس هنالك من يساعدني الجميع يخّصص وقته لضيعاته و مشاريعه، فقد تقّدمت إلى البنك مباشرة للحصول على القرض الموسمي ليساعدني على تحمّل البعض من أعباء مصاريف الاستعداد للموسم القادم و اقتناء الأسمدة و بذور الأعلاف خصوصا و نحن أمام موسم زراعة الأعلاف الذي ينطلق أواخر شهر أيلول الجاري.quot;

الاستعدادات التي تحدّث عنها الفلاح quot;رمضانquot; هي السمة الغالبة اليوم في صفوف المئات من الفلاحين التونسيين، فبعد نزول الأمطار و بكميات هامّة على غير عادتها في مثل هذا التوقيت لتشمل محافظات الشمال و الوسط خلال الأسبوع الثاني من شهر أيلول، سارع الفلاحون في مختلف جهات البلاد إلى التشمير على سواعد الكدّ أملا في موسم فلاحي ناجح.

و بعد أشهر من انحباس الأمطار و ارتفاع درجات الحرارة الأمر الذي أثر سلبا على الفلاحة التونسية و خصوصا على قطاعي الزراعة و تربية الماشية ،هطلت الأمطار غزيرا على عدد من مناطق البلاد معيدة الأمل لفلاحي تونس في موسم واعد.

وسجلت أهم التساقطات في منزل بورقيبة من محافظة بنزرت 112 مم ، في حين تراوحت في بقية المناطق بين 91 مم في محافظتي منوبة وباجة ، و53 مم بجندوبة، و أعطت الأمطار الأخيرة حسب عدد من المختصّين quot;دفعا ايجابيا للفلاحين باعتبارها تتزامن مع انطلاق الاستعدادات للموسم الفلاحي الجديد في عدة أنشطة وتمثل بوادر ايجابية لمزيد من البذل والعطاءquot;.

كما حثّت الأمطار الأخيرة فلاّحي تونس على الإسراع في تقديم مطالبهم إلى البنوك المعنية بتقديم القروض الموسمية لتمويل الموسم الفلاحي.
و شجّعتهم على الانطلاق في التحضير الجيد للأرض وتوفير مستلزمات الإنتاج.

الحكومة من جهتها استبقت الاستعدادات للموسم الفلاحي بجملة من الإجراءات الهامة التي لاقت ترحيبا كبيرا في صفوف الفلاحين.

و أعلن الرئيس بن علي يوم الخميس الماضي 18 أيلول عن الترفيع في سعر القمح الصلب على مستوى الإنتاج بـ3 دنانير للقنطار الواحد لتصبح أسعار الحبوب على مستوى الإنتاج للقنطار الواحد كما يلي : 43 دينارا للقمح الصلب ،35 دينارا للقمح اللين و 30 دينارا للشعير.

كما أذن بمواصلة العمل بالمنح الاستثنائية للتجميع إلى غاية 31 أغسطس 2009 بـ15 دينار للقنطار بالنسبة للقمح الصلب و 10 دنانير للقنطار بالنسبة للقمح اللين والشعير ، بالإضافة إلى مواصلة العمل بالإجراء المتعلق بتمكين مزارعي الحبوب داخل المناطق السقوية العمومية بعملية ري أولى مجانية مما سيساهم في الترفيع في المساحات المروية ب 17 ألف هكتار لتبلغ 93 ألف هكتار علاوة على توفير 264 ألف قنطار من البذور الممتازة ومواصلة دعمها بمبلغ يتراوح بين 8 دنانير و 24 دينارا للقنطار الواحد والتمديد في أجل إيداع مطالب جدولة الديون الفلاحية إلى موفى السنة الحالية تطبيقا لإجراء رئاسي سابق صادر في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

كما أوصى بن علي بجدولة ديون الفلاحين المتضررين من نقص الأمطار خلال موسم 2007 / 2008 على مدة 5 سنوات مع تحمّل الصندوق الوطني للضمان الفوائض المترتبة عن هذه الجدولة لفائدة قرابة 2000 فلاح فضلا عن الترفيع في سقف القروض الموسمية بنسبة 10 بالمائة و تقديم مساعدات عينية لفائدة 25 ألفا من صغار الفلاحين.

و حثّ الفلاحين على مضاعفة الجهود من أجل مزيد تطوير الإنتاج الفلاحي وتحسين مردوديته خصوصا في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار المنتوجات الفلاحية في الأسواق العالمية .

ويقول عبد الستّار الصّغيّر فلاّح من محافظة صفاقس أتى إلى العاصمة لشراء البذور:على الرغم من الامتيازات التي حصلنا عليها ، إلا أن جميعنا مُهتم هذه الأيام باقتناء البذور والأسمدة و نحن أمام إشكال الحصول على البذور الممتازة و بثمن مناسب ، على الرغم من أن الجهات المعنية حرصت على توفير ما يقارب20 ألف قنطار من بذور الحبوب الممتازة quot;.

و تشير مصادر بوزارة الفلاحة التونسية إلى أن أولويات الموسم الفلاحي الجديد 2008-2009 ستركّز بالخصوص على تطوير قطاع الحبوب وتوسيع المساحات السّقوية المخصصة للزراعات الكبرى بنسبة 50 بالمائة لتبلغ 120 ألف هكتار سنة 2011.

ويقول المهندس الزراعي زياد براهمي إن تونس تسعى لضمان أمنها الغذائي الذي يمثّل رمزا لسيادتها الوطنيّة ، والزراعات الكبرى وعلى رأسها زراعة quot;الحبوب quot; حضيت في تونس بعدّة إجراءات للنهوض بها ويكتسي هذا القطاع أهمية كبرى نظرا إلى الوضع المتقلب دوليا و القائم على تنامي الاحتكار بالنسبة للعديد من المواد الأساسية فضلا عن تأثيرات التغيرات المناخية و تونس ليست بمعزل عن كل تلك المتغيّرات و المستجدّات.quot;

و لوحظت عدّة محاولات من قبل برامج الإرشاد الفلاحي في عدد من محافظات البلاد لتوجيه الفلاحين نحو إحكام طرق الاستغلال والتكثيف الزراعي بالمناطق السقوية وعلى تطوير إنتاج الحبوب المروية والبعليّة والنهوض بقطاعات البقول والخضروات والأعلاف.

و تعتبر محافظة منوبة (اقليم تونس الكبرى ) من أكثر المناطق الفلاحية تنوعا إذ تضمّ الزراعات الكبرى والزياتين والأشجار المثمرة والبقول والخضروات . و حسب مصادر جهويّة تم برمجة 17850 هكتارا من الأراضي الصالحة للزراعة للبقول الجافة الموسمية و27550 هكتارا من الأعلاف و2300 هكتارا من الخضروات كالبطاطا والجلبانة ، أنجز منها لحد الآن 100 هكتار إلى جانب برمجة 2400 هكتار من الخضروات الفصلية و1200 هكتار من الخضروات الشتوية كالبصل والثوم واللفت والبسباس.

و يربط المهندس الزراعي زياد براهمي بين الظرفيّة العالمية التي يشهدها قطاع الحبوب من حيث تقلص العرض والمخزونات وما خلّفته من ارتفاع في أسعار تلك المواد و تظافر جهود المتدخلين و الداعمين لاستغلال جيّد للموارد والإمكانيات المتاحة لإعداد ظروف ملائمة للرفع من مردودية هذا القطاع والزيادة في انتاجيّتهquot;

ومن المقرّر أن تتم الاستفادة في هذا السياق من الإمكانيات المائية المتوفرة للتوسع في مساحات الحبوب المروية لتبلغ خلال هذا الموسم حوالي 93 ألف هكتار إلى جانب التأطير المطرد لمزارعي الحبوب بالإضافة إلى مزيد التحكم في تقنيات الإنتاج وتحسين المردودية .

ومن المقرّر أيضا أن يتمّ إعداد برنامج خصوصي لتطوير زراعة القمح الصلب خاصة بالمناطق التي تتراوح كميات الأمطار بها ما فوق 400 و450 مم والتوسع فيها.

وعلاوة على قطاع الحبوب، استفادت عدّة زراعات أخرى من كميات الإمطار الأخيرة كزراعة الخضراوات ،ويرى بشّار عمايري و هو فلاح شاب (28 سنة) أن الأمطار الأخيرة جيدة لموسم الحبوب و جيدة كذلك لأشجار الزياتين كونها تحسّن من نوعية محاصيل الزيتون و حجم الثمار ونوعية الزيت كما أنها ستشجّع الفلاحين على تعاطي نشاط الخضروات الآخر فصلية على غرار البطاطا إلى جانب الخضروات الشتوية بما يؤمن نموها ويمكّن من انجاز بقية المساحات السقويةquot;.