عندما انهارت البورصة الاميركية في عام 1929
الأزمة المالية تعيد للأذهان ذكريات الكساد العظيم
فونيكس:عندما انهارت البورصة الاميركية في عام 1929 تذكر هيلين هاس المتقاعدة انها وقفت في الصف مع أمها أمام بنك في شيكاغو لسحب مدخراتها البالغة 50 دولارا وخرجت من البنك بدولارين فقط.
ويذكر اميرسون كولو ان أسرته خسرت مزرعتها في كنساس عندما أغلق البنك تاركا والده دون مال لشراء البذور لمحصول العام التالي.
وفي حين ترك الملايين أعمالهم أثناء الكساد العظيم الذي أعقب ذلك يذكر كارل اوليس انه كان يضطر للوقوف في طابور للحصول على خبز قديم.
وقال أوليس quot;لم يكن باستطاعتنا شراء الخبز الطازج وكان هناك مخبز على الرصيف المقابل. كان أفضل ما يمكننا عمله هو شراء الخبز القديم المخبوز من أسبوع وإعادة تسخينه في المنزل.quot;
والمشرعون الأميركيون يناقشون هذا الاسبوع خطة قيمتها 700 مليار دولار لانقاذ بنوك الاستثمار لتجنب ما يقول البعض انه قد يكون أكبر أزمة مالية منذ الكساد العظيم.
وفي حين ان أغلب الأمريكيين لم يشعروا بأثر يُذكر للاضطرابات التي تشهدها وول ستريت إلا أن الحديث عن الأزمة المالية يعيد الى الاذهان ذكريات أزمة الائتمان قبل ثمانية عقود التي اخرجت جيلا كاملا من العاملين من مزارعهم وظائفهم واقتربت بالكثيرين من الموت جوعا.
وهاس (94 سنة) تقيم في دار للمسنين في فونيكس. وتذكر كيف سمحت أمها بأقامة غرباء في منزل الاسرة في غرب شيكاجو في الثلاثينات لمساعدتها على كسب عيشها في حين كان العاطلون في الخارج يواجهون الموت جوعا.
وقالت quot;الناس كانوا يموتون من الجوع. كانت طوابير من الناس تصطف للحصول على تفاحة. كان أمرا مؤسفا.quot;
وعلى الجانب الآخر من البلاد في بالتيمور لم تكن حياة اوليس أفضل حالا. ويبلغ أوليس حاليا 83 عاما. كان يكنس الممرات وينظف السيارات للحصول على بضع سنتات إضافية لأسرته التي كانت تعيش على وجبات بسيطة من البازلاء والقمح مع خبز قديم.
وكان كولو في ذلك الوقت يرقب الاسر في ريف كانساس وهم يعودون الى نظام المقايضة لتدبير عيشهم وسط أزمة النقود في الثلاثينات عندما سقط نحو تسعة الاف بنك مثل قطع الدومينو في الولايات المتحدة.
وقال كولو البالغ من العمر حاليا 86 عاما quot;كانت من اللحظات الدرامية المهمة في حياتي لحظة الحصول على دراجة. كانت أمي تورد الدجاج المتبل للمالك وبهذه الطريقة دفعت ثمن الدراجة.. رحمها الله.quot;
ويواصل المشرعون في الكونجرس جدلهم هذا الاسبوع بشأن الخطة التي عرضها الرئيس جورج بوش لشراء ما قيمته 700 مليار دولار من المساكن والرهون العقارية التجارية لتحقيق الاستقرار في البنوك بسحب الاصول الخطرة من كشوف حساباتها.
وتهدف الخطوة الى تجنب تكرار أزمة الائتمان الطاحنة التي أعقبت الانهيار العظيم في عام 1929 والذي بدأ كسادا عالميا.
والأزمة الراهنة غيرت بالفعل شكل وول ستريت حيث أفلست بنوك استثمار أو اشترتها الحكومة أو اضطرت للارتماء في أحضان مؤسسات أكبر منها.
وبالنسبة لجيل من المسنين يشبه ذلك ما حدث في الثلاثينات والتجربة القاسية المتمثلة في تبدد مدخراتهم وصعوبات المعيشة والجوع الذي غَيَر أسلوب ادارتهم لحياتهم على مدى فترة طويلة من التحسن البطيء التي أعقبت ذلك.
وادخرت هاس وزوجها مثل الكثيرين من أبناء جيلهما كل ما أمكنهم من مال كل شهر لسداد أقساط منزلهم وشراء سلع غالية الثمن مثل سيارة بعد سنوات طويلة من الادخار.
وقالت quot;لم يكن هناك بطاقات ائتمان. ما كان زوجي لا يستطيع شراء أي شيء الا بعد ان يجمع ثمنه نقدا.quot;
لم يحصل كولو الذي أصبح وزيرا وهو الان متقاعد في سنسيناتا على بطاقة ائتمان حتى عام 1948 ومنذ ذلك الحين كان يسوي مديونياته كل شهر.
وقال quot;بسبب كراهيتي هذا للدين لم أكن انتظر على مديونية بطاقات الائتمان فالمبالغ كانت تدفع دائما بالكامل كل شهر.quot;
ولم يتضح بعد كيف يمكن ان تحل الازمة الراهنة. ولكن مع استمرار الاضطرابات في الاسواق يبدو كولو واضحا تماما مثل ابناء جيله في انه لا يريد ان تعود ايام الكساد العظيم.
وقال quot;نأمل ألا نصل الى ذلك.quot;
التعليقات