عبدالله بن ربيعان، الحياة - 16/01/09: يغادر الرئيس الأميركي الـ 43 جورج دبليو بوش، البيت الأبيض يوم الثلثاء المقبل، من دون أن يحقق، خلال أعوامه الثمانية، أي مجد اقتصادي يذكره له التاريخ، بل العكس هو الصحيح، فالتاريخ يقول إن بوش وفريقه الاقتصادي تركوا الاقتصاد الأميركي الضخم، وهو يمر في أسوأ أيامه.
وإذا كان المحللون يرون أن بوش laquo;الصغيرraquo; سيء في الإدارة والسياسة، فلا يشك الاقتصاديون في أن فترة حكمه كانت laquo;أتعسraquo; الأوقات بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي، خصوصاً في فترته الثانية، التي شهدت إفلاسات وانهيارات وتلاعبات، بدءاً بأزمة laquo;انرونraquo; ومروراً بـ laquo;فاني مانيraquo;، وليس انتهاء بـ laquo;ليمان بروذرزraquo;.
ومن ثم الانهيارات المالية التي تلت إفلاس الأخيرة، ونشوء أزمة الائتمان العالمي بعد ذلك، إضافة إلى فاتورة حروبه في أفغانستان والعراق، التي قدّرت بما يصل إلى 300 بليون دولار، موّلها دافع الضرائب الأميركي، وأرهقت الاقتصاد كثيراً.
ومع ضخامة الاقتصاد الأميركي، الذي يتصدّر العالم بناتج إجمالي يربو على 13.8 تريليون دولار، ويعادل تقريباً مجموع نواتج الخمسة الكبار، التي تأتي خلفه في الترتيب (اليابان، ألمانيا، الصين، بريطانيا، فرنسا)، وهو ما يعني أنه لا يعتمد كثيراً على شخص بعينه، إلا أن توجهات بوش منذ بداية حكمه إلى نهايته، ليس فيها ما يشير إلى اهتمامه ودعمه الشخصي للاقتصاد، ولو بنسبة ضئيلة، مقارنة بتوجهاته لشنّ الحروب وغزو الدول، بمبرر أو بلا مبرر.
وعلى الرغم من أن بوش جاء إلى الحكم بعد الرئيس كلينتون، الذي شهدت فترتي حكمه نمواً جيداً وانتعاشاً في الاقتصاد الأميركي، إلا أنه لم يسع إلى المحافظة على إرث سابقه، ليخرج من البيت الأبيض واقتصاد أميركا، يقود الاقتصادات الأخرى نحو الأزمة والإفلاس، وليس النمو والتطور.
وحين يخرج بوش من البيت الأبيض الثلثاء المقبل، فلن ينسى له التاريخ أن معدل البطالة في أميركا قفز إلى 7.2 % بنهاية 2008، وهو رقم لم تشهده أميركا منذ كانون الثاني (يناير) 1983 (13 % معدل البطالة، في حال أخذ تقليص ساعات العمل والعاملين بالساعات في الاعتبار).
كما سيشهد له التاريخ بأنه أوصل العجز في أميركا إلى 1.2 تريليون دولار، وهو ما نسبته 8.3 % من ناتج أميركا القومي، وهو الذي لم يزد على 6 % في أسوأ أحواله، منذ بدايته في عهد الرئيس ريغان في 1982.
أما قطاع الصناعة الأميركي، فهو يعيش أسوأ حالاته، ويحتاج تدخّلاً فاعلاً، كما أن الدولار في سنوات بوش الخمس الأخيرة كان الأكثر تدهوراً في مقابل العملات الصعبة الأخرى.
وإن كانت شخصية الرئيس الأسوأ تطغى على اختياراته للفريق الذي يعمل معه، فإن أكثر حماقات بوش الاقتصادية هي اختياره لهنري بولسون وزيراً لخزانة أميركا، وهذا ما نص عليه كبير الاقتصاديين في laquo;التايمزraquo; اللندنية أناتول كالستكي، إذ يرى أن اسوأ ما جلبه بوش للاقتصاد الأميركي هو هنري بولسون.
ويقول إن laquo;أميركا بحاجة إلى شخص بقدرات بول فولكر، الذي أنهى أزمة التضخم في أميركا في السبعينات، وغيّر وجه الاقتصاد الأميركي منذ ذلك الحين، بعد وصفه لبولسون بوزير الخزانة الأسوأ في عهد الرئيس الأسوأraquo;.
ولعل الخلل الذي سيتركه بوش على اقتصاد أميركا هو ما فطن إليه الرئيس المنتخب باراك أوباما، الذي طلب أن تكون فاتورة مبلغ التحفيز، الذي طالب به وقدره 775 بليون دولار، جاهزة للتوقيع خلال مراسم تتويجه في البيت الأبيض، لأنه يعني - بحسب خطاب أوباما الأخير- أن laquo;كل يوم تأخير عن 20 يناير يعني زيادة في البطالة، وتبخّراً لأحلام الأميركيينraquo;.











التعليقات