عملاق البتروكيماويات يصدم المحللين بنتائج مخيبة
الأزمة العالمية تطل برأسها في السعودية من خلال quot;سابكquot;

عايض الراضي من الرياض: بعد أربعة أشهر من المراوحة بين النفي والتأكيد ظهرت بوادر تأثيرات الأزمة العالمية بشكل غير مباشر في السعودية من خلال هبوط حاد في أرباح الربع الرابع من عام 2008 لعملاق البتروكيماويات السعودي quot; سابك quot;. وصدم الشارع السعودي عقب سماع إعلان الشركة السعودية للصناعات الأساسية quot; سابك quot; صافي أرباح الربع الرابع من عام 2008، حيث بلغ 311 مليون ريال مقابل 6.87 مليار ريال للربع الرابع من عام 2007 بانخفاض نسبته 95 في المائة، و7.24 مليار ريال في الربع الثالث من عام 2008 بانخفاض قدره 96 في المائة. ولم يتوقع أكبر المتشائمون في السعودية بأن تهوي أرباح العملاق البتروكيماوي السعودي إلى هذا الحد، وعزا المسؤولون في الشركة الانخفاض الحاد في نتائج الربع الرابع من عام 2008، إلى تراجع الطلب على المنتجات البتروكيماوية والمعادن ndash; حسب الأمير سعود بن ثنيان رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع رئيس مجلس إدارة quot;سابكquot; - بسبب حالة الركود الاقتصادي التي أصابت الاقتصادات الرئيسة في العالم، وأزمة الائتمان التي أدت إلى صعوبة حصول المستهلكين على التسهيلات المالية اللازمة من البنوك والمؤسسات المالية.

الأمر الذي أدى إلى تسارع وتيرة هبوط أسعار المنتجات البتروكيماوية، إضافة إلى أن انحسار الطلب على المنتجات البتروكيماوية خصوصاً البلاستيكيات المتخصصة جَرِّاء الأزمة العالمية التي أثرت في قطاع صناعة السيارات وقطاع التشييد والبناء كان له تأثير قوي في أداء شركات (سابك) الخارجية، مثلما أثر في الشركات المماثلة في الصناعة نفسها، وتعمل تلك الشركات على إعادة هيكلة أعمالها لتحسين الأداء من خلال خفض التكاليف، وبما لا يؤثر في أنشطتها الرئيسة. وقال إنه وبطبيعة الحال فإن هذه العوامل مجتمعة قد أثرت بشكل جوهري في أداء ونتائج جميع شركات صناعة البتروكيماويات في العالم سلباً، الأمر الذي سبَّبَ إغلاق عدد كبير من المصانع وتسريح مجموعات كبيرة من الموظفين في تلك الشركات، علماً أن استثمارات (سابك) في السنوات القليلة الماضية ستسهم في زيادة كميات الإنتاج مما سيكون لها آثار إيجابية في أداء ونتائج الشركة خلال السنوات المقبلة.

وأشار الأمير سعود بن ثنيان إلى أن مجلس الإدارة قرر توصية الجمعية العامة للشركة بتوزيع 3.75 مليار ريال أرباحا نقدية على المساهمين عن النصف الثاني من عام 2008 بواقع 1.25 ريال للسهم الواحد. وستكون أحقية توزيع الأرباح للمساهمين المسجلين في سجلات quot;تداولquot; بنهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة المتوقع مع بداية الربع الثاني من عام 2009 ليصبح إجمالي الأرباح المقترح توزيعها على المساهمين تسعة مليارات ريال عن عام 2008 بواقع ثلاثة ريالات للسهم الواحد. يذكر أن مجلس إدارة quot;سابكquot; سبق أن قرر توزيع 5.25 مليار ريال على المساهمين عن النصف الأول من عام 2008 بواقع 1.75 ريال للسهم الواحد، وتم صرفها للمساهمين في الرابع من آب (أغسطس) 2008.

وأفاد بيان صدر عن الشركة، أن إجمالي الربح خلال الربع الرابع من العام الماضي بلغ 3.51 مليار ريال، مقابل 13.35 مليار ريال للربع الرابع من عام 2007 بانخفاض قدره 74 في المائة. وبلغ الربح التشغيلي خلال الربع الرابع من العام الماضي 1.61 مليار ريال مقابل 11.11 مليار ريال للربع الرابع من عام 2007 بانخفاض قدره 86 في المائة. وبلغت ربحية السهم خلال فترة الـ 12 شهراً المنتهية في الحادي والثلاثين من كانون الأول (ديسمبر) 2008 (7.34 ريال)، مقابل تسعة ريالات للفترة المقابلة من العام الماضي، (مع العلم أنه تم في مارس 2008 رفع رأسمال الشركة من 25 مليار ريال إلى 30 مليار ريال وذلك بمنح سهم مجاني لكل خمسة أسهم). وارتفع إجمالي الإنتاج خلال عام 2008 بنسبة 2 في المائة، في حين أن الكميات المباعة قد انخفضت بنسبة 1 في المائة بمقارنتهما بالعام السابق.

وهنا، يؤكد المهندس محمد الماضي نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة سابك خلال المؤتمر الصحافي المنعقد اليوم، أن ما حققته الشركة من أرباح صافية بلغ 22 مليار ريال يعد من أفضل السنوات الربحية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية والأزمة المالية الراهنة التي بدأت في الربع الرابع. وزاد أن صناعة البتروكيماويات تمر بدورات اقتصادية انخفاضا وارتفاعا، فما إن تصل الأرباح الذروة حتى تبدأ في الانخفاض وهذه الدورة أصبحت سمة من سمات هذه الصناعة.
وقال الماضي:quot;إنه مع نهاية الربع الثالث تأثرنا بنتائج الانهيار المالي الذي أصاب الاقتصاديات العالمية وزاد من تأثير الدورة الاقتصادية وحدتها، إضافة إلى ارتفاع أسعار النفط في العام نفسه إلى مستويات قياسية أثرت في اقتصاديات التصنيع مما زاد من قوة نزول الأسعارquot;.

وقال إن الأزمة المالية أثرت كثيرا في صناعة البلاستيكيات الهندسية والمواد البتروكيماوية بشكل عام، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الطلب على تلك المنتجات ومن ثم هبوط أسعارها، كما أن انخفاض أسعار البترول في الوقت الحاضر لم يساعد على تحسين الوضع بسبب ضعف الاقتصاد العالمي عامة والأميركي خاصةquot;. ولفت الماضي إلى أن سابك قامت بكثير من التدابير التي من شأنها تقليص التكاليف وترشيد المصروفات في ظل هذه التطورات، حيث تم إيقاف بعض المصانع من العمل لفترة محدودة وخفض الإنتاج في البعض الأخر، وإعادة هيكلة بعض الشركات الخارجية لتحسين أدائها.

وأكد نائب رئيس مجلس إدارة quot;سابكquot;، أن شركة سابك ستخرج من آثار هذه الدورة الاقتصادية أكثر قوة ومتانة، خصوصا وأنها قد أكملت تمويل مشاريعها التي تحت الإنشاء مثل شركات ينساب، وشرق، وكيان، التي ستساهم في زيادة الإنتاج والمبيعات الربحية متى ما انضمت إلى مجموعة سابك الإنتاجية، موضحا أن وقت الأزمات هو وقت الفرص الاستثمارية.وقال الماضي في تعليقه على نتائج الشركة السنوية وربع السنوية التي أعلنت أمس وفيما يتصل بالمصانع التي أوقفت أن سابك أوقفت العمل لبعض الوقت في بعض مصانع الحديد ومصنع البلاستيكيات في أسبانيا، موضحا أن توقف بعض هذه المصانع جزئي لبعض الوقت، كما تم إيقاف مصنع سابك للعطريات في بريطانيا بشكل نهائي، مشيرا إلى أن هذا المصنع صغير ولن يؤثر إيقافه على الشركة.

وقال quot;أن الخروج من الأزمة سيكون تدريجياً حيث أنه كلما طالت الأزمة كلما خرج منافسون من السوقquot;، لافتا إلى أن استراتيجية العام الجاري 2009 تعتمد على أربعة محاور هي تقليص التكاليف، والعمل على هيكلة بعض الشركات، والقرب من الزبائن والتركيز على الأبحاث لأنها مهمة جداً في مثل هذه الأوقات، والتركيز على النمو لأن هناك عدداً من المصانع ستدخل الإنتاج هذا العام والعام المقبل. وبشأن القروض والاندماجات والشهرة أكد الماضي أن الشركة لا تعاني من مشكلة قروض والمركز المالي لشركة سابك جيد بشكل عام، كما أن الشهرة لم تدخل في صافي القوائم المالية، حيث يجري تقييم الشهرة كل عام ومن الممكن أن تنزل أو تزيد.

وفيما يتعلق بالشركات الشقيقة مثل كيان وينساب أفاد الماضي أن هذه المشاريع مخطط لها منذ خمسة أعوام وهي مصانع تتمتع باقتصاديات جيدة ومولت بأسعار ممتازة وفي وقت جيد، لافتا إلى أن تكلفتها كانت كبيرة وتأخرت بعض الشيء وهذا لا ينقص من ربحيتها، موضحا أن إعادة الهيكلة نتج عنها تقليص العمالة في سابك للبلاستيكيات المطورة حيث تم الاستغناء عن ألف موظف كما تم الاستغناء عن 300 موظف في سابك أوروبا، مشيراً إلى أن الهيكلة والاستغناء عن اليد العاملة الزائدة يحدث في كل الشركات الضخمة.

وفيما يتعلق بأسعار الحديد أبان أن أسعاره عالمية وسابك تسعره حسب معادلة عالمية تكون مجزية للمصنع والسوق ولا يمكن أن يرفع الأسعار منتج واحد ويبقى وحيداً، وأن سابك تشعر أن عليها مسؤولية اجتماعية ولذلك فقد أسهمت في توفير كميات الحديد حيث تم شرائه من الخارج لتوفيره في السوق، مشيراً إلى أن مصنع المصطحات هو الذي توقف إلى حين نفاد المخزون لديه، في حين لم تقم سابك بوقف أي مصنع حديد إيقافاً كاملاً بل توقف مؤقت لشهرين أو ثلاثة.