إحتلت أزمة ديون دبي الصفحات الأولى في الصحف الأميركية كافة، منذ أن تم الإعلان عنها، وسط حالة من الترقب، يشوبها الخوف والحذر من أن تنعكس هذه الأزمة سلبًا على الإقتصاد الأميركي، المتهالك أصلاً، جراء الأزمة المالية العالمية. وكان خبراء ومحللون أميركيون قد توقّعوا أن تتعرض البنوك الأميركية إلى هزات عنيفة جراء تلك الأزمة. ويؤكد الخبير الإقتصادي الدولى إبراهيم عويس أن تأثير أزمة دبي على الإقتصاد الأميركي والعالمي هو تأثير نفسي أكثر منه حقيقي، فالتأثير طفيف جدًا، حيث إن ما حدث أثار مخاوف المستثمرين.

واشنطن: احتلت أزمة ديون دبي الصفحات الأولى في الصحف الأميركية كافة، منذ أن تم الإعلان عنها، وسط حالة من الترقب، يشوبها الخوف والحذر من أن تنعكس هذه الأزمة سلبًا على الإقتصاد الأميركي، المتهالك أصلاً، جراء الأزمة المالية العالمية. وكان خبراء ومحللون أميركيون قد توقّعوا أن تتعرض البنوك الأميركية إلى هزات عنيفة جراء تلك الأزمة.

حيث إن البنوك الأميركية كانت قد قدمت ضمانات لقروض حصلت عليها شركات في دبي، مصدرها بنوك بريطانية وألمانية، إضافة إلى أن اندفاع إمارة دبي لبيع ممتلكاتها العقارية في الغرب بأسعار بخسة، بهدف جمع الأموال لسداد قروضها، قد يدفع القطاع العقاري الأميركي إلى دوامة جديدة من الهبوط. وكانت أزمة دبي قد تفجرت يوم الأربعاء الماضي، منذ أن أعلنت إمارة دبي أنها ستؤجل سداد ديون إحدى شركاتها الرئيسة البالغة 60 مليار دولار. وما إن تم الإعلان عن ذلك، حتى هبطت الأسواق العالمية هبوطًا حادًا، مما أدى إلى إثارة مخاوف المستثمرين.

وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد أشارت إلى أن المفاجأة قد أثارت مخاوف المستثمرين، موضحة أن شركة دبي العالمية quot; الشركة العملاقةquot; أصبحت متعلقة بالديون، التي تعد بمليارات الدولارات، والتي أنفقتها في بناء المشاريع العقارية الضخمة.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية في الولايات المتحدة قد أكدت أنها تراقب تطورات الوضع عن كثب، وترصد الجهات التي قد تصيبها بالضرر، خاصة أن تلك البنوك التي على ارتباط مباشر بالقطاع المصرفي البريطاني، والذي هو أكبر مصدر لديون دبي ومؤسساتها بنحو 30 بليون دولار، في حين أن بنك التسويات الدولي يرفع المبلغ إلى 50 بليون دولار.

هذا وتشير أرقام مركز أبحاث quot;جي بي مورغانquot; للأصول المالية إلى أن الإنكشاف الأكبر في الولايات المتحدة على قروض دبي يتمثل في دين 1.9 مليار دولار، يعود لمصلحة بنك quot;غروب سيتيquot;. وبحسب سي أن أن، أوضح ريتشارد بوف، محلل الشؤون المصرفية في مؤسسة روشدال للأوراق المالية، أن تأخّر السداد في ديون الشركات في دبي ستكون نتائجه المباشرة على البنوك الأميركية محدودة، ولكن ستكون لديه نتائج ارتدادية غير مباشرة يتهدد النظام بالشلل.

كما ويؤكد أن الخطر الأساس ينبع من ندرة المعلومات المتوافرة حول القضية، وتزايد منسوب القلق العالمي حيالها، خصوصًا أن مستويات الضمانات والتأمينات المقدمة من البنوك الأميركية لديون أوروبية حصلت عليها دبي لا تزال غير واضحة.

ويلفت بوف إلى أن التأثيرات السلبية التي ستطال البنوك والمؤسسات المالية البريطانية لابد من أن تمتد لتصل إلى البنوك والمؤسسات المالية الأميركية، وذلك بسبب التعاملات والعلاقات المالية بينهم، وفي مقدمتها ستاندرد تشارترد وإتش إس بي سي ورويال بنك أوف سكوتلند وباركليز وغيرهم من المؤسسات المالية التي كانت قد قدمت أكثر من 30 مليار دولار على شكل قروض لشركات دبي.

أما صحيفة وتشنطن بوست فقد أعتبرت أن أزمة دبي ربما تنذر بأزمة مالية عالمية جديدة، وذلك وسط مخاوف للمستثمرين في العالم إزاء مخاطر ما قد يحدث. على صعيد آخر، يرى الخبير الإقتصادي الدولى إبراهيم عويس أن تأثير أزمة دبي على الإقتصاد الأميركي والعالمي هو تأثير نفسي أكثر منه حقيقي، فالتأثير طفيف جدًا، حيث إن ما حدث أثار مخاوف المستثمرين.
ويشير عويس إلى أن quot;جملة الديون المتراكمة على إمارة دبي لا تمثل إلا الجزء الطفيف من الديون العالميةquot;. ومن وجهة نظره، فإن من يعتقد أن أزمة دبي قد تطال الإقتصاد الأميركي فهذا تحليل غير منطقي وغير قائم على أساس إقتصادي محض، متوقعًا بذلك أن تحلّ الأزمة قريبًا، فإمارة دبي ما هي إلا جزء من دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي جزء متكامل مع حكومة أبوظبي، التي هي بلد غني بالبترول، وعودة أسعار البترول الإرتفاع سيساعد في ذلك. لذلك، فإن المسألة مسألة مساومات سياسية فقط لاغير، حتى تنتهي هذه المشكلة، وذلك على حد تعبيره.

كما ويؤكد أن الهبوط الذي منيت به أسواق المال العالمية سينحسر سريعًا، وتعاود الأسهم في الإرتفاع سريعًا، كما وحدث مع مؤشر داو جونز الأميركي، الذي هبط سريعاً، بسبب تزايد المخاوف جراء أزمة دبي، وها هو الآن يعاود بالإرتفاع لأعلى مستوياته، بعدما زالت المخاوف.

وفي هذا السياق، يعتقد الدكتور عويس أن ما يحدث للبنوك الأميركية ما هو إلا جزء من الكساد المالي الذي حدث في الولايات المتحدة، وما حدث في دبي قد يزيد من الأزمة، ولو أنها زيادة ضعيفة جداً، ولإنقاذ تلك البنوك للخروج من الأزمة بأقل ضرر لابد من ضخ مليارات الدولارات في البنوك، والذي بدأ فعلاً، مع التذكير أنه مازال هناك بعض البنوك والمؤسسات التي تعاني جراء الأزمة المالية العالمية، وبعضها قد أفلس.