مشعل الحميدي من الخبر: شهدت أسعار الذهب في ظل ما يمر به العالم الآن من تفاقم كبير للأزمة الاقتصادية، والحالة الضبابية التي تلف كافة أوجه الحياة الإقتصادية، نموًا كبيرًا في الأيام القليلة الماضية، إذ تجاوزت نحو 1002 دولار للأونصة محققةأعلى سعر لها خلال سبعة أشهر، مما طرح التساؤلحول المدى الذي سوف يصل فيهسعر أونصة الذهب خلال الأيام القادمة.

وللإجابة على هذا التساؤل، أكد رجل الأعمال سليمان العثيمأنه إذا استمرت الحال على ما هي عليه الآن، فإن العواقب سوف تكون وخيمة من ناحية معدلات النمو الاقتصادي للدول، ولكن على العكس من ذلك نجد أن أسعار الذهب ونتيجة للملاذ الآمن أثناء الأزمات شهدت نموًا كبيرًا في الأيام القليلة الماضية، والسبب يعود إلى أسعار الفائدة والاتجاه إلى الذهب.

وأشارت أحدث التقارير إلى أن تحرك حكومات العالم نحو خفض أسعار الفائدة وطرح خطط للتحفيز الاقتصادي عبر ضخ تريليونات الدولارات وذلك على أثر قيام البنوك المركزية حول العالم بإغراق الأسواق بالسيولة النقدية للمحاولة في كبح جماح الأزمة الاقتصادية التي تعصف بكبرى الشركات العالمية، مما دفع المستثمرون نحو أسواق المعدن كملاذ لتجنب أي ضغوط محتمله.

فقد وصل سعر العقود الآجلة للمعدن الأصفر في شهر نيسان/أبريل في بورصة نيويورك نهاية الأسبوع الأخير من فبراير (شباط) 2009 إلى مستوى 1002.2 دولار بارتفاع نسبته 2.6% أو 25.7 دولارًا.

وأضاف العثيم أنه اتجهت أغلب دول العلم وبخاصة الدول الكبرى نحو الذهب لرفع قيمة احتياطاتها في مواجهة الأزمة العالمية مما أدى إلى وجود ضغط كبير على أسعار الذهب خلال الفترة السابقة، وسوف يؤدي الارتفاع المتتالي في أسعار الذهب وتفاقم الأزمة العالمية إلى اتجاه الكثير من البنوك المركزية حول العالم نحو الذهب كاحتياطي آمن وقد أشارت التقارير من أن الصين تفكر جديًا في رفع احتياطياتها من المعدن الأصفر إلى 4000 طن بدلاً من 600 طن حاليًا، وذلك بغرض تنويع احتياطاتها بدلاً من تركيزها على الأوراق المالية والسندات.

وأشار إلى أن ضعف الدولار الأميركي وانخفاض قوته الشرائية بالمقارنة مع العملات الأخرى الرئيسة يعد من أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار الذهب، وقد جاء هذا الضعف من قبل الدولار نتيجة تنامي الدين العام وعجز ميزان المدفوعات الأميركي.

مشيرًا إلى أزمة أسواق المال العالمية وما تتضمنه من انهيار لقيمة الأسهم والسندات كان لها أثر كبير في ارتفاع أسعار الذهب خلال الربع الأخير من العام الماضي، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة التي تقوم بها الحكومات المختلفة لتهدئة الأوضاع إلي أن أسواق الأسهم العالمية ما زالت تمثل لغزًا كبيرًا، فهي تشهد حالة تصحيح أوضاع في كافة قطاعاتها مما يجعلها تميل دائمًا إلى الخسائر وأسواق الأسهم مستمرة في التراجع بسبب المخاوف حول الضعف الهيكلي في الاقتصاد العالمي.

ونوه إلى انه في الآونة الأخيرة ظهرت أهمية اثنين من أكبر المخاطر التي تشغل بال المستثمرين، وهما الافتقار إلى الملاءة لدى البنوك الدولية الكبرى، والضعف الهيكلي في بعض الدول ذات الأسواق الناشئة هذه العوامل التي تبعث على التوتر أخذت في التأثير في الكثير من الأسواق الناشئة فمثلا في دول الأسيوية فقد بدأت أسعار الفائدة على عقود التأمين المتقابل على الائتمان في الارتفاع من جديد.

ومن ناحية أخرى رأى العثيم أن من أهم أسباب ارتفاع أسعار الذهب هو قلة المعروض من المعدن وتخوف بعض الدول المنتجة من طرح إنتاجها في الأسواق، والسبب الرئيس في ذلك، هو حالة عدم الاستقرار السياسي الذي يعم العالم، مما جعل تلك الدول تأخذ حذرها مترقبة أي تقلبات أو أزمات سياسية متوقعة، متخذة من الذهب الملجأ الآمن لها كوعاء ادخاري مستقر، أثبت على مر السنون مدى قوته في فترات الأزمات السياسية.

إضافة إلى أن أحدث الإحصائيات تشير إلى ارتفاع حجم الموجودات من الذهب على مستوى أكبر صندوق للاستثمار في المعدن الأصفر والمعروف باسم quot;إس بي دي آر جولد ترستquot; لمستوى قياسي جديد مسجلا 935.09 طنًا متريًا، هذا بالإضافة إلى أن إقبال المستثمرين على المعدن الأصفر كوسيلة استثمار شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال عام 2008، إذ ارتفع الطلب على السبائك والعملات الذهبية بنسبة 87 % في 2008، ما أدى إلى شح في هذه النوعية من الذهب في كثير من الدول.

وارتفعت مبيعات المجوهرات عالميًا عام 2008 بنسبة 11 % إلى 60 بليون دولار وذلك يدل على أن الذهب سوف يشهد وخلال تلك الفترة من عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى كافة الاستثمارات الأخرى نوعًا من التهافت على امتلاكه من كافة أنواع المستثمرين.