كامل الشيرازي من الجزائر: أثار إعلان السلطات الجزائرية قبل يومين عن انخفاض نسبة البطالة في الجزائر إلى حدود 11 %، موجة من الجدل في الوسط المحلي، خصوصاً مع تحدّث تسريبات عن مئات الآلاف من العاطلين من العمل بمستوى 35 %.

فهل يعكس هذا الفارق الشاسع بين المعطيين تبايناً في مستوى البطالة ونجاح الحكومة في معالجة هذه الآفة، أم أنّ الأمر يتعلق بثغرة كبرى تطبع حركية القوى العاملة غير المستخدمة في بلد 75 % من سكانه تقلّ أعمارهم عن 25 سنة.

تقول كشوفات الديوان الجزائري للإحصائيات (حكومي)، إنّ نسبة البطالة في الجزائر قدّرت بـ 11.3 % خلال 2008، مقابل 13.8 % للعام الذي قبله.

ويوضح الديوان بموجب تحقيق ميداني، أنّ عدد السكان النشطين الذين يعانون البطالة أو ما زالوا في صدد البحث عن وظيفة بحوالي 1.169.000 شخص من مجموع السكان النشطين المقدّر عددهم بـ 10.315.000 شخص في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، أي ما يعني ارتفاعاً طفيفاً في نسبة التشغيل بواقع 41.7 %، مقابل 40.9 % سنة 2007.

لكنّ مراجع جزائرية غير رسمية، تنفي هذه الأرقام وتعتبرها quot;محض تزييفquot;، معتبرة أنّ الحديث عن بطالة حجمها11 % فقط في مجتمع يتشكل quot;ديكورهquot; اليومي من آلاف العاطلين، مغاير للواقع وبعيدة تماماً عما هو معايش، حيث تعاني نسبة معتبرة من المجتمع المحلي بطالة مقنّعة، بما في ذلك أصحاب الشهادات العليا.

وتشدّد مؤسسات دولية معروفة، وعلى رأسها هيئة ''أوكسفورد بيزنس جروبquot;، استناداً إلى تقديرات خبراء، أنّ نسبة البطالة في الجزائر باتت تقدّر بحوالي 30%، وتخصّ فئة الشباب تحديداً، عكس ما ذهبت إليه التقارير الحكومية الجزائرية. وتجمع أكثر من هيئة دولية على أنّ السلطات الجزائرية لم تنجح في معالجة جوهرية ذكية لأزمة التشغيل المطروحة بحدة.

ويرى مراقبون في الجزائر، أنّ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الباحث عن فترة رئاسية جديدة، ناقض المنظور الرسمي لظاهرة البطالة، بإعلانه عن إتاحة 3 ملايين منصب عمل خلال الخطة التكميلية لدعم النمو في الفترة ما بين 2009 و2014، حيث إنّ الرقم الذي أورده بوتفليقة يمثل أعداد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و25 %، ما يُسقط تباهي السلطات بتوفيرها مليوني وظيفة خلال المخطط الرباعي (2005 ndash; 2009) الموشك على الانتهاء.

وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أنّ إجمالي عدد العاطلين من العمل يصل إلى 3 ملايين شخص، كما يصل عدد طالبي العمل إلى 230 ألف كل سنة. وأشار تقرير المركز الجزائري للإحصاء والإعلام إلى أن نسبة البطالة عند الأشخاص تحت سن الـ 30 بلغت 75 %، فيما يصل عدد العاطلين من العمل من ذوي الشهادات إلى 430 ألفاً، بينهم 71.8 % رجال و 80 % نساء، يضاف إليهم 50 ألف طلب عمل جديد سنوياً.

وتظهر تحقيقات ميدانية أنّ البطالة في عالم الريف سائرة إلى ارتفاع، بحدود 37.8 % من سكّان الأرياف، علماً أنّ سنّ غالبية هؤلاء يتراوح بين 16 إلى 29 سنة، مع الإشارة إلى أنّ الذكور هم أكثر العاطلين، ولا تمثل نسبة الإناث سوى 20.4 % من طالبي العمل.

كما تنتشر البطالة، بصورة خاصة في الأوساط الجامعية، حيث وصلت النسبة فيها إلى 19.3 %، وتستغرق مدة البحث عن وظيفة، بالنسبة إلى الرجال بـ 31.6 شهراً مقابل 26.4 شهراً للنساء.

أما العاطلون الذين فقدوا وظائف، فقدّر عددهم بـ 522.00 شخصاً، بينهم 89.6 % رجال، و522.00 نساء، إشارة إلى أنّ 63.2 % منهم يقيمون في المدن، و36.8 % في الريف.

كما يشير التحقيق إلى أنّ 57.5 % من هؤلاء العاطلين تتراوح أعمارهم بين 16 و29 عاماً، وكان ينشط 78 % من هؤلاء في القطاع الخاص، و 22 % منهم في القطاع العام. وترجع أسباب فقدان هؤلاء الأشخاص لمناصبهم، إلى انتهاء العقد بـ 17.9 %، بينهم 14.7 % للرجال و 45.7 % للنساء. وتوقّف الورشات بـ19.4 % منها 43.9 % للنساء و 21.2 % للرجال.

إلى جانب الذهاب الإرادي أو الاستقالة بـ 13.4 % بالنسبة إلى الرجال و 15.6 % للنساء، أو التسريح الذي مثّل 11.2 %، حاز الرجال منها 11.7 % و 6.8 % للنساء.

وأظهر التحقيق أن عدد النساء غير النشيطات، البالغ سنهنّ ما بين 15 إلى 59 سنة، بلغ في الفترة نفسها 6.587 مليون امرأة، من بينهن 51.1 % يقمن في الوسط الحضري و48.9 % في الوسط الريفي، وتمثل 60.6 % من هذا المجموع نساء متزوجات، بينما 36.3 % منهن عازبات و3.1 % مطلقات وأرامل، علماً أنّ 37.1 % من أولئك النساء غير متعلمات، بينما 26 % لديهن مستوى ابتدائي و14.3 % مستوى إكمالي أو أكثر.

واللافت أيضاً أنّ العاطلين من العمل لهم مستوى تأهيل أحسن من العاملين، ويقدّر الخبير عبد المجيد بوزيدي العمال غير المؤهلين بـ 12.5 % من المجموع العام للعاملين، ويعثر في أوساط العاطلين على 12 % من الذين يتمتعون بمستوى تكوين عالي، مقارنة مع 10.7 % من العاملين الذين يتوفرون على تكوين أقل، ما يبرز أنّ النوعية في صف العاطلين أحسن منها في أوساط العاملين.

وأصبح القطاع الخاص في الجزائر يوفر 63.2 % من الوظائف الإجمالية، مقابل 36.8 % للقطاع العام، والمثير أنّ مناصب العمل التي استحدثت، ليست مناصب نوعية، فـ 36.7 % من المناصب لا يتعدى المستوى الدراسي لأصحابها المرحلة الابتدائية (24.2 %) وأمّيين(12.5 %)، بينما 31 % مستواهم متوسط، و10.7 % فقط من أصحاب المستوى العالي.