الركود الاقتصادي في أوروبا سيفجّر حالة البطالة

فرنسا تعجز عن فتح أبواب جديدة أمام العاطلين عن العمل

ترجمة جويل فضّول: وفق آخر الدراسات التي أجرتها البلدان الاوروبية، ترى بروكسال أن التوقعات الخاص بالنمو الاقتصادي تنخفض بشكل ملحوظ. وبات ينتظر إنفجار في البطالة والعجز، مما يقلق القارة الاوروبية. وفي هذا السياق، أجرت صحيفة لومند الفرنسية مقابلة مع بيار كاهوك أستاذ في علم الاقتصاد في كلية العلوم التطبقية، والذي إعتبر فيها أن فرنسا لا تدرك كيف تقود العاطلين عن العمل نحو أعمال جديدة. وجرّاء الاسباب الاقتصادية، وبعد مظاهرات الاول من أيار في فرنسا، تهدد النقابات بإجراء مظاهرات أخرى.

البطالة على وشك الانفجار

الازمة الاقتصادية تتنامى وتطول: فالبطالة على وشك أن تلامس العام المقبل عتبة 11% في فرنسا، شأنها شأن باقي دول الاتحاد الأوروبي، وفق ما أعلنته يوم الاثنين المفوضية الاوروبية، متوقعة حصول انخفاض جديد في الأرقام الخاصة بالنمو الاقتصادي للعامين 2009 و2010. فالانتعاش الذي كان متوقعًا في بروكسال مع نهاية هذا العام، ما عاد سيحدث إلا في النصف الثاني من العام 2010. وحتّى ذلك الحين، ستشهد أوروبا إنخفاضًا حادًا في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 4% في العام 2009، يليه تقلص بنسبة 0.1% في العام 2010. وفي ما يخص النمو، ستعاني أوروبا أيضًا من أزمة أعمق بكثير من تلك الحاصلة في الولايات المتحدة الاميركية، وفق ما تتوقعه بروكسال.

وتقول صحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن الزيادة في معدلات البطالة ستؤثر على الجميع. في فرنسا مثلاً، سينخفض الناتج المحلي لديها بنسبة 3% هذا العام، و0.2% العام المقبل؛ إلا أنها تكسر بذلك عارضة الثلاثة ملايين عاطل عن العمل في العام المقبل.

فرنسا غير قادرة على خلق فرص أعمال جديدة

في مقابلة خصّ بها صحيفة لومند الفرنسية، يعتبر بيار كاهوك أستاذ علم الاقتصاد في كلية العلوم التطبيقية في فرنسا، أن النشاط الاقتصادي غالبًا ما يكون مصحوبًا بحركات دمار أو خلق فرص عمل. ففي فرنسا، وفي الأوقات العادية، يبلغ حجم فرص العمل المولدة والخاسرة 10 آلاف في اليوم الواحد. لكن في حالة الركود، فإن الاقتصاد يدمر المزيد من فرص العمل، من 10 إلى 20%. وإن وسائل الاعلام تركّز على تدمير فرص العمل، في حين أنها ليست أكثر أهمية من المعتاد. أضف إلى أنه بلغ عدد فسوخ عقود العمل في شهر آذار/مارس في فرنسا حوالى 23 ألف، في حين كان العدد يوازي حوالى 27 ألف في آذار 2005، وهي فترة لم تكن تعاني من مصادر قلق كبيرة. لكن في شباط وآذار 2009، إن الذين سرّحوا من أعمالهم لم يشكلوا سوى 4.4% من نسبة البطالة، بينما الذين فصلوا لأسباب شخصية بلغت نسبتهم 11.3%، على الرغم من أن بعضهم قد تكون لهم دوافع إقتصادية.

والجدير ذكره، وقبل كل شيء، أن الشركات والمؤسسات لا تجدّد أبدًا أشكال العمل لديها مثل العقود المحددة المدة أو الموقتة، حيث أنها تشكل الربع من الدخول في البطالة. ويضيف أستاذ الاقتصاد الفرنسي أن في فترات الركود، فإن البلدان التي تملك مرونة أكثر في سوقها، تحاول أكثر من غيرها مواجهة البطالة. مؤكّدًا أن تدمير الوظائف يكون أقوى في تلك البلدان، لكن الانتعاش الاقتصادي تصاحبه إبداعات أخرى. ففي الولايات المتحدة مثلاً، لقد مرّت نسبة البطالة من 12% إلى 5% خلال فترات قصيرة نسبيًا، بينما في فرنسا نلاحظ وجود ركود على مستوى متوسط زلكنّه مرتفع على مدى الثلاثين سنة الاخيرة.

وعندما طرحت عليه صحيفة لومند سؤالاً حول دور السياسات العامة على العمل والنمو، يقول كاهوك إن قانونًا يحدّ من فكرة تسريح العمال مفيد للذين لديهم مصالح، ولكنه لديه تكلفة لإقتصادية: إن الوظائف المتمسكة بالقطاع والمنخفضة، تملك عادة فرص عمل أكثر ضعفًا من تلك الوظائف الجديدة، فهناك إذًا صراع بين الحماية والكفاءة، وهناك عدة طرق لإدارته. ففي جنوب أوروبا ndash; في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا- تتزايد فرص العمل لتلبية حاجات المرونة لدى الشركات التي تلقي ثقلها على أصحاب هذه الوظائف خاصة الشباب والمهاجرين، وكذلك المرأة في كثير من الاحيان التي تخرج من السوق وتدخله مجددًا بسبب الامومة وتربية الاولاد. ويقول كاهوك إن فرنسا لا تدرك كيف تقود العاطلين عن العمل نحو آفاق جديدة وأعمال جديدة، بينما في البلدان التي تؤكد على المرونة الاقتصادية، كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة فإن العاطلين عن العمل هم محميّون، ويقبلون أي وظيفة. لكن تعتبر هذه السياسة صعبة، إلا أنها تعزّز النمو.

النقابات الفرنسية تهدد بالاضراب العام

جرّاء كل ما يحصل، وبعد المظاهرات التي حدثت في الاول من أيار في مختلف البلدان، ولا سيّما في فرنسا، قامت النقابات الفرنسية بعقد إجتماع موسّع يوم الاثنين، مقررة فيه تنظيم يومين آخرين تحشد فيهما جمهورها العاطل عن العمل والذين يعانون من الازمات الاقتصادية، ومن المقرّر أن يكون ذلك في 26 أيار و13 حزيران. ويقول إيريك نوفو الخبير الاقتصادي لصحيفة لومند الفرنسية، إن الحالة الراهنة مشحونة بالنظرة التشاؤمية، والمجتمع ما عاد ينتظر أي تغيير. والكثير من العاملين همّهم الوحيد الحفاظ على وظائفهم بدل الحصول على إستحقاقات جديدة. ويؤكّد أن إضرابًا عامًا سيكلف الموظفين غاليًا، ويمكن التصور من الان أن الكثير من الموظفين سوف لن يشاركوا في مثل هذه التحركات إذا ما طلبت منهم النقابات ذلك.