حيث تجاوز نصيب الفرد من الناتج الإجمالي مستوى 70 ألف دولار
غلوبل: قطر تسجّل نموًا إقتصاديًا كبيرًا في حدود 7 إلى 9%
إيلاف من الكويت: ما زال الاقتصاد القطري يمثّل واحدًا من أسرع الاقتصاديات نموًا في منطقة الخليج خلال الأعوام القليلة الماضية. فقد أظهرت التقديرات الأولية الصادرة عن جهاز الإحصاء القطري ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الاسمي بنسبة 44 في المئة خلال العام 2008 ليصل إلى مستوى جديد من الارتفاع بلغ 372.4 مليار ريال قطري (ما يوازي 102.3 مليار دولار أميركي).
ونتيجة لذلك، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى قياسي بلغ 70.630 دولار أميركي خلال العام 2008 مقابل 57.936 دولار خلال العام 2007. وبذلك، تمثّل قطر واحدة من أكثر عشر دول ثراء في العالم، حيث تجاوز نصيب الفرد من الناتج الإجمالي مستوى 70 ألف دولار.
جاء ذلك في تقرير بيت الاستثمار العالمي quot;غلوبلquot; الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية لدولة قطر، وبالتطلّع إلى المستقبل، لا تزال النظرة المستقبلية للاقتصاد القطري إيجابية على الرغم من الاضطراب المالي الحالي و اتجاه الاقتصاد العالمي نحو الانكماش.
وحسب ما قال نائب رئيس مجلس الوزراء القطري ووزير الطاقة quot; يمتلك الاقتصاد القطري المخزون النقدي الكافي لمواجهة الظروف ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍلإقليمية ﺍﻟﻁﺎﺭﺌﺔ الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي.
علاوة على ذلك، صرح محافظ مصرف قطر المركزي بأن دولة قطر الغنية بالغاز تتوقّّع أن تتخطى الأزمة المالية العالمية وتسجّل نموا اقتصاديا كبيرا يتراوح بين 7 و9 في المئة.
ولكنّ ثمة تقديرات أخرى تشير إلى أن قطر سوف تسجل ارتفاعًا في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2009، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعام 2009 من 15 في المئة إلى 18 في المئة في حين توقعت وحدة الاستخبارات الاقتصادية نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 13.4 في المئة.
وبناء على هذه التقديرات، فإن قطر في طريقها إلى تسجيل أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم خلال العام 2009. ويتوقّع أن يزداد هذا النمو المضطرد بناء على ركائز التنويع الاقتصادي والسياسات التي تتبعها الحكومة القطرية سواء كانت سياسات نقدية أو مالية.
بالإضافة إلى السياسات الرامية إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية للبلاد إلى جانب دعم القطاع المصرفي. ولذلك، نحن نتوقّع أن يواصل الاقتصاد القطري مسيرة نموه سواء كان ذلك متعلّقا بالقطاعات الهيدروكربونية أو القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى صعيد القطاع النفطي، من المتوقّع أن يستفيد الاقتصاد القطري من ارتفاع مستويات الاستثمار في قطاع الهيدروكربون. وعلى الرغم من الانخفاض الحالي في أسعار النفط، فإن اعتماد قطر على صادرات الغاز الطبيعي المسال سوف يشكل محركًا رئيسًا لنمو قطاع الهيدروكربون.
ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى اعتزام قطر زيادة طاقتها الإنتاجية من الغاز بمعدل يبلغ حوالى 80 في المئة خلال الفترة ما بين العامين 2009 و2010. وتدفع قطر قدمًا بمشاريع الغاز الطبيعي المسال الضخمة بغية الوصول إلى الطاقة الإنتاجية المستهدفة البالغة 77 مليون طن سنويًا.
وفي سبيل ذلك، افتتحت قطر أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم وهو مشروع قطر غاز2 المقام في مدينة رأس لفان الصناعية.
ويتوقّع أن يحقق هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 13 مليار دولار أميركي، الازدهار للاقتصاد القطري خلال الأعوام المقبلة.
أما على صعيد القطاع غير النفطي، فمن شأن الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة لتنويع الاقتصاد القطري أن تدعم القطاع غير النفطي وقطاع الغاز لترتفع مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام القادمة. وبذلك، سوف تؤتي المبادرات الكبرى الهادفة إلى تنويع الاقتصاد القطري ثمارها خلال الأعوام المقبلة.
ومن بين هذه المبادرات، إنشاء مركز قطر المالي، والمدينة التعليمية، وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، ومدينة الطاقة قطر، هذا بالإضافة إلى المبادرات الأخرى في قطاعات السياحة والتشييد والعقار والرياضة والمؤتمرات وغيرها.
وفي ما يتعلّق بالسياسة النقدية، فقد أبدى مصرف قطر المركزي دعمه للقطاع المالي القطري حيث أعرب عن استعداده لضخ السيولة النقدية في النظام المصرفي القطري إذا ما اقتضى الأمر وذلك لمواجهة أزمة الائتمان العالمية.
وعلى صعيد أسعار الصرف أيضًا، تخضع السياسة النقدية إلى حد كبير إلى قيود ارتباط الريال القطري بالدولار الأميركي. وهذا الارتباط من شأنه أن يُقدّم شكلاً من أشكال الدعم في ظل انخفاض أسعار السلع العالمية وارتفاع قيمة الدولار الأميركي.
ومن المتوقع أن يكون لهذا الارتباط تأثير جيد على مستويات الأسعار حيث يتوقع أن ينخفض معدل التضخّم إلى معدل أحادي الرقم بحلول نهاية العام الحالي 2009 و ذلك بعد تسجيله معدلات نمو ثنائية الرقم تجاوزت 16 في المئة خلال العام 2008.
ومن جهة القطاع المالي، يبدو القطاع المصرفي في قطر متمتعًا بوضع جيّد يُمكّنه من اجتياز أزمة الهبوط الاقتصادي العالمي مدعوماً في ذلك بالأداء الاقتصادي الممتاز، مساندة الحكومة للبنوك المحلية وارتفاع مستويات السيولة.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الحكومة في شهر آذار/مارس الماضي إتمامها عملية شراء محافظ استثمارات البنوك في الأسهم المحلية المدرجة في سوق الدوحة للأوراق المالية والبالغة قيمتها 1.78 مليار دولار أميركي.
وأخيرًا، وفي تأكيد بأن قطر تمضي قدمًا بأقصى سرعة في تنفيذ خطط النمو على الرغم من الركود الاقتصادي العالمي، ذكر رئيس الوزراء القطري أنّ quot;الحكومة القطرية قد خصصت حوالى 150 مليار دولار لتنفيذ العديد من المشاريع في غضون الأعوام الأربعة المقبلة وأنها مستعدّة لضخّ الأموال في الشركات المحلية المتضررة من الانهيار الاقتصادي العالمي. وبالنظر إلى المستقبل، يُتوقع أن يواصل القطاع المصرفي القطري اتجاهه الصعودي تماشيًا مع اتجاه الاقتصاد ككل.
وعلى الصعيد المالي، ركزت موازنة دولة قطر لعام 2009/2010 على زيادة حجم الإنفاق العام بغية مساعدة البلاد على مواجهة الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية. ويعزى ذلك أساسًا إلى التحدّي الرئيس الذي تواجهه قطر خلال أزمة الائتمان الحالية والمتمثل في توافر الإنفاق المتواصل من أجل بلوغ معدل النمو الاقتصادي المنشود.
ومن ثمّ، فقد كشفت الموازنة التوسّعية الجديدة عن رصد مخصصات مالية كبيرة لإنفاقها على المشاريع العامّة بالرغم من انخفاض الإيرادات النفطية مما يدلّ على حرص البلاد على تحقيق أهدافها المحددة في إطار رؤية قطر الوطنية للعام 2030. ووفقًا لهذه الرؤية، تسعى قطر إلى أن تصبح مجتمعًا متقدّمًا قادراً على مواصلة نموه وتوفير مستوى معيشي مرتفع لمواطنيه.
وقد رصدت قطر مخصصات مالية كبيرة في تقديرات الموازنة للعام المالي الجديد 2009/2010 للإنفاق على مشاريع البنية التحتية الإستراتيجية مُسجّلة ثاني أكبر موازنة توسعية في تاريخها بنفقات بلغت 94.5 مليار ريال قطري. ومن المنتظر أن يبلغ عجز الموازنة 5.8 مليار ريال قطري بسبب انخفاض أسعار النفط. وتهدف هذه الموازنة التوسّعية بصفة أساسية إلى دعم الإنفاق الرأسمالي ومن ثمّ تنشيط الاقتصاد والمضي قدما في مسار النمو الاقتصادي.
وأخيرا، تبدو النظرة المستقبلية لقطر إيجابية للغاية، حيث يُتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي الكبير مدفوعا بنمو قطاع الهيدروكربون بالإضافة إلى التنوّع في الصناعات البتروكيماوية ذات القيمة المضافة العالية والقطاعات الأخرى مثل قطاع العقارات، القطاع المالي والخدمات والقطاعات ذات الصلة.