صحيفة الجزيرة - إيلاف: دعا رئيس مركز تنمية الصادرات السعودية د. عبد الرحمن الزامل دول مجلس التعاون إلى إضافة بند منع الحمائية لاتفاقية التجارة الحرة التي ستوقعها قريباً مع الصين، وقال رئيس المركز في تصريحات نشرتها صحيفة quot;الجزيرةquot;: أن ما يعزز هذا الاتجاه إن الدول الخليجية لا نمتلك أجهزة مختصة بدراسة سياسة الإغراق ومواجهتها بما يضمن حماية صناعاتها وصادراتها في الأسواق العالمية.
وكشف الزامل عن اتصالات قام بها وزيرا المالية والتجارة والصناعة الدكتور إبراهيم العساف وعبد الله زينل مع الأطراف الصينية المعنية، بهدف إذابة الجليد الذي أعقب قرار الصين فرض رسوم جمركية احترازية على المنتجات البتروكيمائية التي تصُدرها المملكة لأسواق الصين، وكانت شركات صينية قد تقدمت بدعوى إغراق السوق الصينية بمنتجات الميثانول والبيوتانديول من قبل شركات دول عدة، من ضمنها المملكة.

وأبدى الزامل دهشته من الخطوة التي اتخذتها الصين، وقال: إن الصين بدأت تطبيق هذا القرار دون أن تدرسه بعناية، ففرضها للرسوم الحمائية على منتجات البتروكيماويات السعودية كان مفاجئاً للصناعيين السعوديين، خصوصاً أن المملكة تنظر للصين كصديق تجاري استراتيجي، وهي من أكبر الداعمين للتجارة الدولية وسوقها مفتوح أمام الجميع.

وأضاف بأن quot;البضائع الصينية تغرق أسواقنا بكل حرية، حتى إنها أصبحت منافساً لكثير من المنتجات المحلية، بالرغم من عدم مطابقة جزء كبير منها للمواصفات الخليجية، ومع ذلك لم يفرض عليها ضريبة الإغراقquot;.
وأكد الزامل الذي وصف فرض الرسوم الحمائية بالمفاجئ والغريب، على أهمية العلاقات التجارية بين المملكة والصين والتي تنامت بشكل مطرد خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث سجلت واردات المملكة من الصين في العام 2008 ما قيمته 35 مليار ريال، فيما بلغت الصادرات السعودية غير النفطية للصين 2 مليار ريال، جلها صادرات بتروكيماوية.

واقتصادياً يعني الإغراق تصدير السلع من بلد المنشأ بأسعار منخفضة تقل كثيراً عن السوقين الداخلية والخارجية للبلد المصدر له، بقصد التغلب على المنافسين والاستيلاء على الأسواق الخارجية والسيطرة عليها بشكل كامل. ومواجهة لذلك تلجأ الدول التي تتعرض للإغراق إلى رفع الرسوم الجمركية كرسوم حمائية لصناعاتها الوطنية.

وتاريخياً انتشر الإغراق انتشاراً واسعاً في السياسة التجارية للدول الرأسمالية، وخصوصاً خلال أزمة الكساد الكبرى للاقتصاد العالمي بين عامي 1929- 1933 وقبل الحرب العالمية الثانية، حيث كانت ألمانيا واليابان، بصورة خاصة، تغرقان الأسواق بمنتجاتهما، أما بعد الحرب المعنية احتلت الولايات المتحدة الأميركية هذا المركز، وبعد الأزمة العالمية الحالية برزت الحمائية كنهج خفي تنتهجه دول عدة، خصوصاً في ظل انخفاض حجم التبادل التجاري العالمي.
وكان رئيس الوزراء الصيني قد صرح في مناسبات سابقة أن هناك 17 دولة من مجموعة العشرين طبقت سياسة الحمائية باستخدام أكثر من 47 إجراءً حمائياً مختلفاً، الأمر الذي يقوض جهود إنقاذ الاقتصاد العالمي من براثن الأزمة المالية الخطرة.

ويرى د. الزامل أنّ قرار الولايات المتحدة عندما فرضت رسوم 100% على الأنابيب الحديدية الواردة من الصين كان إجراءً احترازياً، مبيناً أن المملكة كانت قد أصدرت قرارات عدة، تنص على استخدام منتجاتها الصناعية في مشروعاتها، لكنها في المقابل تنتهج أسلوباً علمياً يعتمد على الصداقة مع الجميع، وخصوصاً مع الصين. وتاريخياً، لم يثبت نجاح quot;سياسة الحمائيةquot; بتحقيق النمو المستدام والسريع، فاليابان وكوريا الجنوبية لم تتسارع وتيرة النمو الاقتصادي لديهما إلا عند تحرير أسواقهما.

ويرى اقتصاديون أن فرض الرسوم الحمائية من قبل الصين والهند على الشركات السعودية، خصوصاً العاملة في مجال صناعة البتروكيماويات، يدل على أن تلك الشركات وصلت إلى مرحلة المنافسة الكاملة خارجياً، وأنها استفادت من المزايا النسبية التي تحصل عليها في المملكة، إضافة إلى اعتمادها على تكنولوجيا متقدمة عالمياً، فيما يرى اقتصاديون آخرون بأن الرسوم الحمائية ستخلق متاعب للشركات السعودية مستقبلاً، إذا لم تتدخل الجهات الرسمية، كوزارة التجارة والمالية، لتفادي تكرارها.