الرياض: حلم وسيتحول قريباً إلى واقعquot; هذا ما بدأ به عضو مجلس الشورى والخبير في مجال الطاقة والنفط المهندس أسامه الكردي , حول فكرة إنشاء سوق نفطية quot; بورصة quot; لبيع وتداول النفط في المملكة العربية السعودية , بينما رأى وعدد من الخبراء في مجال النفط من خلال تحقيق قامت به quot;الرياض الاقتصاديquot; حول فكرة إنشاء البورصة , أن الحاجة أصبحت ملحة لإنشاء سوق لبيع النفط في المملكة , معللين ذلك بأن مكانة المملكة مكانة متميزة في هذه السلعة، التي تعتبر من أكثر السلع بيعا في العالم، وأكبر منتجي النفط الخام ومصدريه في العالم , بالاضافة إلى أنها ستحافظ على حقوقها النفطية والمشاركة في وضع حد للمضاربات التي تتم على أسعار النفط.

وأكدوا ل quot;الرياضquot; أن المعطيات الاساسية لانشاء بورصة quot; سوق quot; لبيع النفط في المملكة متوفرة في ظل قوة الاقتصاد المحلي بالاضافة الى أن المملكة من كبرى الدول المصدرة والمنتجة للنفط , سيما أن السعودية تتمتع بعدة مميزات منها الامن والامان , السياسة الاقتصادية والمالية المحافظة والتي جنبت الاقتصاد السعودي أثار الأزمة المالية العالمية.وقالوا إن الحاجة ملحة لإنشاء سوق لبيع النفط داخل السعودية في الوقت الراهن للحفاظ على السعر المطلوب من قبل الدول الخليجية والعربية ولتحقيق التنمية والتوازن بين الإنفاق على المشاريع والإيرادات العائدة من النفط أو خلافه، حيث تعتمد السعودية على صادرات النفط في أكثر من 80 في المائة من إجمالي عائداتها.واقترحوا إنشاء سوق نفطية في السعودية من قبل مستثمرين في القطاع الخاص شريطة تواجد هيئة متخصصة لحماية السوق من التلاعب, بينما اقتراح البعض بأن تكون السوق تحت إشراف هيئة السوق المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي, مؤيدين دخول مستثمرين محلليين وعالمين للاستثمار في السوق النفطية السعودية.


121 مليون برميل عام 2025م

وتعمل المملكة العربية السعودية على رفع طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل خلال العام الحالي وصولاً إلى 15 مليون برميل يومياً خلال العشرين عاماً المقبلة ولاتزال المملكة ذات الثروة النفطية الهائلة ملتزمة بتنويع اقتصادها في وقت تبدو فيه فرص النمو قوية بوجود برنامج استثمار في القطاعات العامة والنفطية تزيد قيمته على 400 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة وتملكها ما يزيد على 20 في المائة من الاحتياطي العالمي من النفط وما يزيد على 10 في المائة من الاحتياطي العالمي من الغاز وهي القوة الاقتصادية الكبرى في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي , ويتوقع أن يرتفع معدل الطلب العالمي على النفط خلال السنوات القادمة ليصل إلى 121 مليون برميل بحلول عام2025م.


بورصات حول المملكة

ومن المعلوم أن النفط العربي السعودي يُباع دولياً حسب اتفاقيات ثنائية تعقدها المملكة مع الدولة الراغبة في الاستيراد، أما الأسعار فيتم تحديدها وفقاً لقوى العرض والطلب والزمن أو التاريخ الذي ستنفذ فيه هذه التعاقدات، وهذه القوى يتحكم فيها في المقام الأول عدد محدود جدا من البورصات النفطية العالمية , ولأهمية وجود بورصة نفطية في أي من دول الشرق الأوسط بما فيها المملكة العربية السعودية على الرغم من الاحتياج الماس، وعلى الرغم من توافر مقومات تلك البورصة في المملكة كونها أكبر بائع لكميات نفطية هائلة للعالم، ومن كونها تتمتع بالاستقرار السياسي ومناخ اقتصادي غير مقيد , حيث بدأت تنشأ الى جانب بورصات النفط التقليدية في نيويورك ولندن وسنغافورة، بورصات نفطية في مواطن النفط من حول المملكة حيث شهدت دبي وكذلك مدينة كيش الإيرانية حينما أنشئوا نوات لبورصات السلع شكلت الخطوة الأولى لهذا البلدين على هذا الطريق.


فراغ في سوق النفط الخليجي

توجد أكبر أسواق النفط في العالم في بريطانيا، وتعرف ببورصة النفط الدوليةIPE ومقرها لندن , وتوجد أيضاً بورصة nymex quot;نيمكسquot; في الولايات المتحدة ومقرها نيويورك , وفي الشرق الأقصى توجد بورصةsimex quot;سيمكسquot; ومقرها سنغافورة , فبورصة نيمكس تغطي منطقة أمريكا، وبورصة لندن تغطي منطقة شمال غرب أوروبا، أما منطقة الشرق الأدنى فتغطيها بورصة سنغافورة، بينما يوجد فراغ حالياً في سوق النفط في الخليج والشرق الأوسط التي تبيع أكثر من 70 في المائة من مجمل مبيعات النفط في العالم , وهذا يعني اللحاجة الملحة إلى إقامة بورصة في هذه المنطقة حتى تستكمل أعمال البورصات العالمية الأخرى وتغطية الفجوات الزمنية والجغرافية. وكما أشرنا آنفاًً بأنها ستسد الفجوة الجغرافية أي منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تغطي الفجوة الزمنية الناشئة من اختلاف وفروق التوقيت بين بورصة simex في سنغافورة وبورصةnymex في نيويورك. فضلاً عن أن هذه البورصة ستربط منطقة الشرق الأوسط عالمياً ولا يستبعد أن تكون تلك البورصة بعد وقت قصير جداً من إنشائها، أن تكون أهم بورصة نفطية في العالم، نظراً لتوسطها العالم من حيث المكان والزمان ووجود أكثر من ثلثي النفط المباع دولياً في هذه المنطقة.


الحفاظ على مصالح المملكة

وعلى الصعيد نفسه قال الدكتور خالد العقيل مستشار سابق في وزراة البترول والثروة المعدنية إن المملكة العربية السعودية العمود الفقري لصناعة النفط , وهي تعتبر من كبرى الدول المصدرة والمنتجة للنفط , مشداد على أن تكون السوق السعودية لبيع النفط سوق محورية, تحافظ على السياسة الاقتصادية للمملكة.وأضاف الدكتور العقيل أنه من البديهي لإنشاء سوق نفط داخل المملكة هو الحفاظ على مصالح المملكة بالإضافة إلى التقليل من مخاطر وآثار المضاربين , مشيرا الى أن السوق النفطية ستكون عامل لاستقرار اسواق الطاقة العالمية ومحرك أساسي في الوقت نفسه للأسواق العالمية ..وأشار العقيل الى أنه عند انشاء سوق لبيع النفط يجب أن تحتوي على نظام مماثل لنظام مؤسسة النقد والتي حافظت على الأقتصاد السعودي من خلال سياستها النقدية المتبعة , مطالبا بدراسة الفكرة بعناية فائقة وأستقطاب كفاءات عالية لإدارة السوق.


المعطيات جيدة

وقال المهندس أسامة مكي الكردي عضو مجلس الشورى والخبير في مجال النفط إن هناك عدة معطيات تؤكد الحاجة لإنشاء بورصة quot;سوقquot; لبيع النفط في المملكة , مشيرا الى أن من هذه المعطيات باعتبار المملكة أكبر مصدر للنفط , وبالتالي يتوجب أن تلعب دور أكبر في تجارة البترول , بالاضافة الى موقعها الجغرافي والاقتصادي والامني .وبين المهندس الكردي أن أنشاء البورصة السعودية سيمنحها المشاركة في وضع حد للمضاربات التي تم على أسعار النفط , موضحا أن المضاربات خلال الفترة الماضية أدت الى أرتفاع اسعار النفط بشكل غير طبيعي مما ساهم في حدوث وتفاقم أثر الازمة المالية العالمية .وقال أنه على الرغم من وجود بورصات في المنطقة مثل أيران ودبي ولكن البورصة السعودية سيكون لها دور هام ورئيسي بالذات فيما يتعلق بالوقت بين أسواق آسيا وأوربا , حيث تتأثر كثيرا تلك الاسواق بساعات العمل بين هاتين المنطقتين.


مرونة عالية

واستطرد المهندس الكردي المعطيات التي تؤكد الحاجة لإنشاء بورصة نفط في السعودية قائلا quot;من المناسب أن تكون البورصة السعودية متاحه للاستثمار من قبل القطاع الخاص وذات مرونة عالية في دمج أهداف البورصة مع أهداف وسياسات النمو الاقتصادي السعودي , مبينا أنه في حالة أقرار أنشاء البورصة بعد التمعن في الدراسات المستفيضة بالتعاون مع القطاع الخاص أن يشارك في أنشائها هيئة السوق المالية وشركة ارامكو السعودية ومؤسسة النقد العربي السعودي بالاضافة الى عدد من المستثمرين الرئيسيين في المملكة.


المناخ ملائم

وقال الدكتور راشد محمد ابانمي الخبير في مجال النفط أن المناخ ملائم جداً لإنشاء بورصة للنفط في المملكة نظراً لأن تلك البورصة المقترحة ستسد فجوة موجودة بين البورصات العالمية، بحيث تغطي منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي الزمن وذلك بسدها الفجوة الزمنية الناشئة من اختلاف وفروق التوقيت، موضحاً أن إنشاءها فيها من المصالح الجمة للمملكة وللعالم أجمعه في إيجاد آليات عمل جديدة لتحقيق الاستقرار في الأسعار بجانب قرارات منظمة الدول المنتجة للنفط quot;أوبكquot;.

وقال الدكتور أبانمي ستسهم البورصة في إيجاد آليات شفافة تتشكل بموجبها أسعار النفط، كما أن وجود بورصة للبترول في السعودية ستشكل كذلك أساسا شفافاً لإمدادات النفط العالمية وأداة معيارية للنفط العربي المصدر للاعتراف به كصنف محدد من النفط على أنه قياسي في العالم، وستساعد تلك البورصة على إحلال صنف البترول العربي محل الصنف العالمي الآخر من نوع برنت، والذي تتحدد عليه الأصناف الأخرى من النفط الذي يتحدد سعرها بعد ذلك إما بحسم أو زيادة بحسب جودتها، رغم محدودية إنتاجه و إمداداته، ففي ظل وجود معاملات بورصة مفتوحة في سوق السلع، يمكن أن يحل صنف محل آخر بمواصفاته المماثلة. وسيتحكم في اختيار وتحديد المعيار النفطي في سوق البورصة المفتوحة، البلد الذي تقع فيه السوق النفطي.


حقوق المملكة النفطية

وقال الدكتور راشد بانمي إن السوق النفطية أو البورصة النفطية تعتبر وسيلة فعالة لتسويق وإجراء التعاقدات الدولية والإقليمية للمنتج النفطي, موضحا أن إنشاء بورصة لبيع النفط في المملكة يساعد على حماية وصيانة حقوق المملكة النفطية بشكل سليم، حيث سيكون لها تأثير إيجابي على تنشيط حركة التعاقدات النفطية وانعكاساته على نظام تسعير نفط المملكة في الأسواق العالمية سواء كان في سوق لندن أو نيويورك أو سنغافورة.

وبين أن معظم الشروط لإقامة البورصة النفطية على أراضي المملكة العربية السعودية متوافرة، نظراً لتميزها كأكبر منتجي ومصدري البترول الذي تعتبر أكثر السلع مبيعا في العالم، وفي الوقت نفسه تمتعها بمناخ ملائم يساعدها على تكوين وتأسيس تلك البورصة، موضحا أن البورصة من أهم القنوات التي تحكم العلاقة بين قوى الإنتاج والاستهلاك مع عدم ازدواج أعمال البورصة مع مناطق نفوذ البورصات الأخرى، نظراً للموقع الجغرافي المتميز في قلب الشرق الأوسط بين الخليج العربي والبحر الأحمر والبحر الأبيض والبحر العربي، حيث سيكون عمل تلك البورصة مكملاً لأعمال البورصات العالمية ولن يكون هنالك ازدواج مع أعمال البورصة مع مناطق نفوذ البورصات الأخرى.

فبعد أن وصل إلى مستوى قياسي تجاوز ال 147 دولاراً للبرميل بداية 2008م تراجع بنسبة 57% في نهاية العام ليهبط إلى ما دون ال 40 دولارًا للبرميل بسبب تدني الطلب العالمي على النفط، مما أدى خسائر دول الخليج الست الى أكثر من 200 مليار دولار بسبب انخفاض الاسعار تبعا للازمة المالية العالمية وقلة الطلب, بلغت خسائر أسعار النفط السنوية في نهاية العام الماضي2008م 56%، وهذا أول انخفاض سنوي منذ عام 2001، والأكبر في تاريخ التداول.