أسامة مهدي من لندن: أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ضرورة إيجاد نظام رقابي صارم وقضاء مشدد لمراقبة المفسدين مالياً ومحاسبتهم. معتبراً أن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، ومشيراً إلى أن المفسدين يتساقطون يوماً بعد آخر نتيجة تصميم السلطات على القضاء على الفساد المالي والإداري.

وأضاف المالكي، في كلمة له لدى افتتاح مؤتمر مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية في بغداد اليوم، أن العراق بحاجة إلى قضاء أكثر شدة لمحاسبة من يمد يده على المال العام، وذلك من خلال نظام متطور في الرقابة، داعياً المواطنين إلى التعاون مع السلطات لإبلاغها عن أي حالات فساد، عدها بمستوى خيانة الوطن.

وشدد بالقول على أن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، وكذلك الفساد والجريمة وجهان لعملة واحدة. وأشار إلى تصميم الحكومة على مكافحة الفساد المالي، حيث يسقط في كل يوم سارقو المال العام، موضحاً أنه لذلك فإن العراق أصبح واحداً من 34 دولة ضمن مبادرة منظمة الشفافية للصناعات الاستخراجية، وهو أمر يؤكد أن العراق قد استوفى الشروط كافة التي تؤهله للدخول في المنظمة.

وتحدث المالكي عن جولة التراخيص التي جرت أخيراً، وحصلت شركات عالمية على حق التنقيب والاستثمار في حقول نفطية عراقية بكلفة 100 مليار دولار، واعتبر أن الفرق بين عراق ما قبل جولة التراخيص وعراق ما بعد جولة التراخيص قد أصبح كبيراً، وأشار إلى أنه للمرة الأولى يرى العراقيون والعالم أجمع أن الصناعة النفطية شفافة وعلى الهواء مباشرة في ما تتفق وتتعاقد عليه وزارة النفط. مؤكداً أن هذه الشفافية هي نتاج جهود حكومة الوحدة الوطنية في مواجهة الفساد، الذي انتشر في زمن النظام السابق، واستشرى بعد سقوطه.

أما وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني فقد أشار إلى أن وزارته تعمل جاهدة لتوفير الأمور القانونية والفنية واللوجستية كافة، التي تؤهل العراق لدخول المنظمة. لافتاً إلى أن الوزارة تنشر التقارير عما يتم استخراجه من النفط الخام وحجم الموارد النفطية في البلاد وquot;الشركات التى سوقنا إليها، من خلال شبكة الانترنت ووسائل الإعلام الأخرىquot;.

وكان مسؤول كبير في هيئة النزاهة العراقية قد كشف أول أمس عن فرار متهمين بالفساد المالي والإداري إلى خارج البلاد. وقال عزت توفيق نائب رئيس هيئة النزاهة في تصريحات صحافية quot;لقد تأكد لدينا فرار أعداد من المسؤولين في وزارات ودوائر الدولة من الملاحقين قضائياً بتهم الفسادquot;. وأشار إلى وجود صعوبات في التعرف إلى التفاصيل الخاصة بالمسؤولين الفارين، مرجحاً أن يكون البعض قد انتقل من منطقة سكنية إلى أخرى، وأضاف أنه quot;تأكد لدينا أن البعض منهم قد غادروا العراق بأسماء مزورةquot;.

وقد وجّهت هيئة النزاهة اتهامات لمسؤولين في الحكومة لم تحدد أسماءهم، وقالت إنهم يقدمون الحماية لأشخاص متهمين بالفساد المالي والإداري، مؤكدة أن البعض من المتهمين يحظون بحماية مسؤولين أقوياء.

وكانت هيئة النزاهة قد أصدرت حوالي 630 مذكرة اعتقال ضد مسؤولين عراقيين، يشتبه في ضلوعهم في قضايا فساد خلال عام 2009 وحده، وأكدت أن مسؤولين كباراً تدخلوا وأغلقوا 135 قضية في وزارة النفط فقط، وتم التغاضي عن 1552 قضية أخرى.

بدوره قال رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي صباح الساعدي إن لجنة مجلس النواب تعمل مع هيئة النزاهة في مجلس القضاء الأعلى وبالذات الادعاء العام ووزارة الداخلية، حيث يتم ترتيب الأوراق المتعلقة بمئات المتهمين بقضايا الفساد. كما تحدث عن quot;مساع لإعادة الفارينquot;، مشيراً إلى تجاوب بعض البلدان مع هذه التحركات، إذ يحمل بعض هؤلاء المتهمين جنسيات الدول التي هربوا إليها.

وأشار الساعدي إلى مطالبات بإسقاط تلك الجنسيات عن المتهمين، معتقداً أن quot;المسؤول يجب أن يحتفظ بهويته العراقية فقطquot;. وعن طبيعة قضايا الفساد، قال الساعدي إن قضية وزارة التجارة هي من أمهات قضايا الفساد الموجودة في العراق، موضحاً أنها تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، كما تحدث عن قضايا أخرى في وزارة الدفاع تتعلق بصفقات التسلح، وتصل أيضاً إلى عشرات الملايين من الدولارات.

يذكر أن هيئة النزاهة تشكلت خلاف فترة سلطة الحاكم المدني الأميركي السابق في العراق بول بريمر عام 2003، إضافة إلى لجنة للنزاهة البرلمانية، وكان الهدف المعلن من تشكيلهما هو الحد من السرقات والرشى، لكن الفساد في المؤسسات الحكومية انتشر بصورة كبيرة، طبقاً لمنظمة الشفافية الدولية، التي وضعت العراق في المرتبة الثانية بين الدول الأسوأ في مجال الفساد من بين 141 دولة في العالم.