في الوقت الذي تصارع فيه الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية للتعافي من دوامات الديون والفقاعات العقارية الخاصة بكل منها، بدأ يشير عدد متزايد من الاقتصاديين إلى اليابان بوصفها رؤية مظلمة للمستقبل، وأنها بدأت تشهد حالة من عدم الاتزان بعدما كانت صرحًا حيويًا عالميًا.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: حالة من عدم الاتزان بدأت تشهدها اليابان في الآونة الأخيرة جراء التراجع، بعدما كانت كياناً مفعماً بالحيوية طيلة السنوات الماضية. وتدلل اليوم تقارير صحافية أميركيّة على ذلك بالتحول اللافت الذي طرأ أخيراً على المستوى المعيشي لأصحاب المشروعات الصغيرة هناك، بعدما بدأت تنقلب الأمور رأساً على عقب بالنسبة إليهم.

وفي مستهل حديث لها ضمن هذا السياق، نقلت صحيفة النيويورك تايمز في عددها الصادر اليوم الأحد عن أحد مدراء المشروعات الصغيرة هناك، قوله quot;لقد اعتادت اليابان أن تكون براقة ومتفائلة للغاية، لكن على الجميع الآن أن يعيشوا بطريقة مظلمة ومكبوحةquot;.

وأشارت إلى أن دولاً قليلة بدأت تشهد في السنوات الأخيرة مثل هذا الانقلاب اللافت للثروة الاقتصادية كاليابان، رغم الجهود التي بذلتها البلاد في عقد الثمانينات من القرن المنقضي، لتصبح أول بلد آسيوي يتحدى الهيمنة الطويلة للغرب. لكن الفقاعات بدأت تظهر في أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات، وتعرضت اليابان لموجة تراجع بطيئة، لكن لا هوادة فيها. وعلى مدار سنوات الآن، حوصرت البلاد بانخفاض في النمو وتعرض لدوامة هبوط في الأسعار، في ما يُعرف بـ quot;الانكماشquot;.

وفي الوقت الذي تصارع فيه الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية للتعافي من دوامات الديون والفقاعات العقارية الخاصة بكل منها، بدأ يشير عدد متزايد من الاقتصاديين إلى اليابان بوصفها رؤية مظلمة للمستقبل. وبينما يستعد بين بيرنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لجولة جديدة من التدابير غير التقليدية الرامية إلى حفز الاقتصاد، لفتت الصحيفة إلى تلك المخاوف المتنامية من أن الولايات المتحدة وكثيرا من الاقتصاديات الأوروبية قد تواجه فترة طويلة من النمو البطيء، أو حتى موجة انكماش، لم تُشَاهد على أساس مستدام خارج اليابان منذ الكساد العظيم.

وأوضحت الصحيفة في هذا الجانب أن كثيرا من الاقتصاديين ما زالوا واثقين من أن الولايات المتحدة ستتجنب حالة الركود التي تشهدها اليابان، وهو ما يرجع بشكل كبير إلى زيادة درجة الاستجابة من جانب النظام السياسي الأميركي، وكذلك القدر الأكبر من التسامح الذي أبداه المواطنون الأميركيون تجاه التدمير الخلاق للرأسمالية.

ونقلت عن روبيرت هول، أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد، قوله quot;نحن لسنا اليابان. والرهان في أميركا هو أنه ما زال بإمكاننا إيجاد سُبل بطريقة أو بأخرى لتشجيع الناس على الإنفاق والاستثمار مرة أخرىquot;.

ومع تواصل الضغوط السياسية لخفض الإنفاق الفيدرالي والعجز في الميزانية، بدأ يحذر خبراء اقتصاديون الآن من الوقوع في فخ الانكماش الخاص بتراجع معدل الطلبات نفسه، الذي حدث حين رفض المستهلكون ممارسة نشاطهم الاستهلاكي، وأحجمت الشركات عن الاستثمار، وأبقت البنوك على أموالها النقدية.

من جانبه، لفت ريتشارد كور، كبير الاقتصاديين في شركة نومورا سكيوريتيز إلى أن quot;كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا، وأسبانيا وأيرلندا، تمر الآن بما مرت به اليابان قبل عقد أو نحو ذلكquot;.

وبينما لاتزال اليابان بطرق عديدة مجتمعة مزدهرة، إلا أنها تواجه وضعاً قاتماً على نحو متزايد، لاسيما خارج الحيوية الاقتصادية النسبية لطوكيو، كما توفر وضعيتها لمحة محتملة بشأن المستقبل الذي ينتظر الولايات المتحدة وأوروبا، إذا ما تحققت التنبؤات الأكثر خطورة. وختمت الصحيفة بقولها إن تقليص حجم طموحات اليابان بات أمراً ملموساً الآن في شوارع طوكيو، بعدما بدأت تحظى quot;المنازل الصغيرةquot; بشعبية كبيرة بين الشباب الياباني الذي يواجه العديد من المشكلات المتعلقة بالناحية السكنية.