لا يستبعد الخبراء الماليين هنا أن يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة من الاحتباس الحراري الذي يعكس معه تفاقم حالة الكساد الاقتصادي (Deflation). ويبدو أن العولمة نجحت في التداخل في أوضاع الناتج المحلي الاجمالي، لكل دولة، غنية أم فقيرة، كي يصبح سريع النمو، في بعض الدول لا سيما تلك النامية، وشبه مشلول في الدول الغنية!


برن: تحرك المصرف المركزي الأوروبي، بسرعة البرق، لسحب جزء من سيولته المالية من الأسواق. ما يعكس حذراً من قبل خبرائه ازاء كل خطوة تخطيها أي دولة غير أوروبية. وهذا ما حصل بالفعل. اذ أقدمت كل من الهند وأستراليا على زيادة نسب الفوائد. اذ في مناورة، تركت الأفواه مفتوحة، قرر المصرف المركزي الأسترالي رفع نسب الفوائد.

ما يعني أن تكلفة الدولار الأسترالي قفزت الى 4.75 في المئة. في هذا الصدد، يشير الخبير السويسري المالي الاستراتيجي ديفيد تشودي لصحيفة ايلاف الى أن السبب في ذلك يعود الى شعور حكومة كانبيرا بخطر تعرضها لدوامة التضخم المالي، على المدى المتوسط. في موازاة هذه المناورة، لا يقلل هذا الخبير من أهية مناورة مماثلة، قادتها حكومة نيودلهي التي رفع مصرفها المركزي نسب الفوائد الى 6.25 في المئة. بالنسبة للايداعات المصرفية لدى المصرف المركزي الهندي، فان نسب الفوائد عليها ترسو الآن على 5.25 في المئة.

علاوة على ذلك، ينوه الخبير تشودي بأن ردود فعل الأسواق المالية برزت على السطح، على الأثر، فور انجاز هذه المناورات المالية، الأسترالية والهندية. في بورصة لندن، فان قيمة الدولار الأسترالي تعززت أمام الأميركي 1.2 في المئة. في ما يتعلق بسوق بومباي، فان التباين في المردود بين سندات الخزينة الهندية وتلك الأميركية(كلاهما طويل الأجل ويستحق بعد عشرة أعوام) قفز الى 551 نقطة. ولا يعبر الخبير تشودي عن دهشته من هذا الواقع. فتدفق رؤوس الأموال، حول العالم، يغير خرائطه، بين ليلة وضحاها، بحثاً عن تحقيق المردود، الأفضل والأعلى.

كما يتوقف الخبير تشودي للاشارة الى أن قيمة الأصول، الأسترالية والهندية، تزداد كلما ارتفعت نسب الفوائد هناك. في الحقيقة، فان مشكلة المصارف المركزية، في آسيا والباسيفيك، تكمن، وفق رأي هذا الخبير، في ايجاد التوازن بين حاجتين متناقضتين في ما بينهما. من جهة، تود هذه المصارف تفادي الكساد الاقتصادي. من جهة أخرى، لا تريد هذه المصارف تعزيز قوة عملتها الوطنية كثيراً خوفاً من أن تسحق هذه القوة، تحت أقدامها، حركة الصادرات.

على صعيد المصرف المركزي الأوروبي، يشير الخبير تشودي الى أن حاكم المصرف quot;تريشيهquot; يواصل طريق خروجه من السياسات الاقتصادية التوسعية، بصمت. في الوقت الحاضر، أوقف هذا المصرف شراء سندات خزائن الدول الأوروبية. ويهم بسحب حوالي 65 بليون يورو أخرى من الأسواق المالية. ما يعكس حذراً، وربما عجزاً، في تعامله مع الأوضاع الاقتصادية العالمية.