في وقت مازالت تتواصل فيه المخاوف من تبعات الأزمة التي نشبت مؤخراً في منطقة اليورو، وتولدت معها موجة من عدم الثقة في السياسات التي تدير من خلالها مختلف الدول الأوروبية شؤونها المالية والإقتصادية، قال وزير الخارجية الألماني السابق، يوشكا فيشر، أن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي تُلقب بـ quot;المستشارة الحديديةquot; تشعر الآن بتداعيات ردها غير المؤكد على الإضطراب المالي داخل البلاد وخارجها.


القاهرة: أكد وزير الخارجية الألماني السابق، يوشكا فيشر في حديث لصحيفة الغارديان البريطانية على أن الإتحاد الأوروبي يمر بحالة من الفوضى، حتى منذ نشوب الأزمة المالية العالمية في أيلول/ سبتمبر عام 2008. وتابع بقوله أن اليورو عَمِل من ناحية على حماية منطقة اليورو، وبخاصة إقتصاد الصادرات الألمانية من هجمات المضاربة والفوضى من تقلب أسعار العملات.

ومن ناحية أخرى، كشفت المرحلة الثانية عن الأزمةالخاصة باليورو : متمثلاً في غياب التوحد الإقتصادي أو المالي بداخل منطقة اليورو, كما أكد فيشر على أن تزايد التوترات بداخل الإتحاد الأوروبي كان نتيجة حتمية.

ثم أوضح أن التدابير التي قامت بها ألمانيا طيلة هذه الأزمة كانت متناقضة بشكل واضح, فبدلاً من التحرك باتجاه الوحدة الاقتصادية، رجعت ألمانيا إلى سياسة تفضيل الحلول الوطنية, وأضاف لكن من الصعب أن يتوافق هذا الوضع مع عدم قدرة ألمانيا على التشكيك في اليورو أو المعاهدات والهياكل الأوروبية.

وقد تفاقم الموقف المتناقض لحكومة المستشارة أنجيلا ميركل بسبب الإنتقال من الئتلاف الكبير خلال فترة ولايتها الأولى لئتلاف التيار الليبرالي / المحافظ الحالي,وفي تلك المرحلة، دخل الضعف السياسي الداخلي الذاتي في صِدام مع القيود المالية لإنقاذ اليوروquot;.

بعدها، مضى فيشر للقول أن ميركل واجهت في البداية صعوبة في تشكيل البرلمان، وكذلك الأحزاب داخل حكومتها، للموافقة على خطة الإنقاذ الأولية quot;الصغرىquot; لليورو، قاطعةً على نفسها عهداً بألا تدفع ألمانيا أي شيء أكثر من ذلك, وبحلول الليل في نفس اليوم، تعين عليها الموافقة على خطة الإنقاذ الأكبر، التي تُقدّر بـ 750 مليار يورو، لمنع حدوث كارثة في جميع أنحاء الإتحاد الأوروبي, وهو الأمر الذي رأى فيشر أنه تسبب في خلق مشكلة مصداقية متعددة الأوجه لميركل و لاتزال تطاردها.

ولم تعرف ميركل إلى الآن كيف لها أن تُفسِّر تداعيات الأزمة المالية وأزمة اليورو للشعب الألماني, وهذا لا يرجع فحسب إلى كونها متحدثة ضعيفة، وإنما لكونها أيضاً لا تعرف على ما يبدو كيف لها أن تحل المتناقضات بين الحلول الوطنية والقيود الأوروبية.

ولفت فيشر كذلك إلى أن نمط القيادة الذي تتبعه ميركل، ويتألف أغلبه من طريقة الإنتظار والترقب مع القضايا، يتناسب مع ذلك الغموض تماماً, وقال إنها لم تتبنى حلاً إلا في الحظات الأخيرة, وحتى حين كانت الأمور أفضل، سمح نمط ميركل السياسي السلبي بحدوث فراغات، وهي الفراغات التي إمتلأت بقوى سياسية أخرى من داخل حزبها.

ونتيجة لذلك، قال فيشر إنه في الوقت الذي قد تبدو فيه ميركل مسؤولة عن الأمور في الإتحاد الأوروبي هذه الأيام، إلا أنها في حقيقة الأمر لا تقود الأحداث، بل أصبحت الأحداث هي من تقودها, وتابع فيشر بقوله إنه وبدون الأخذ في الإعتبار العواقب السياسية، فإن ميركل تحاول الهروب من التناقض الألماني على وجه الخصوص بين الحلول الوطنية والقيود الأوروبية بالدعوة إلى برنامج توحيد مالي صارم، وتشديد العقاب على عدم الإمتثال ( بما في ذلك فقدان الحق في التصويت داخل الإتحاد الأوروبي )، وكذلك وضع آلية تحريك للدول الأعضاء التي تتأخر في الإيفاء بالتزاماتها.

كما رأى فيشر أن مقترحات ميركل لا تعكس إستراتيجية ألمانية التي ترمي إلى قيادة الإتحاد الأوروبي لتجاوز تلك الأزمة, فعلى العكس، هي تعتبر إلى حد كبير إستجابة لضرورات سياسية داخلية, وشدد فيشر في ذات الإطار على أن ميركل تشعر الآن بالعواقب الوخيمة للطريقة التي نتجهّا وهي طريقة quot;القيادة بدون توجيهquot;.

وأكمل فيشر حديثه بالقول quot; وفي الوقت الذي يرى فيه الألمان مستشارتهم الحديدية مرة أخرى وهي تحقق نتائج ضعيفة، بدأت تزداد ثقتهم في أولئك الذين سبق لهم أن حذروا من أن الحكومة تتعرض لحالة من الخداع والإنتقال إلى quot;إتحاد تحويلquot; يستعين بالأموال الألمانية لتمويل مِنَحْ لأعضاء الاتحاد الأوروبي المتراخيين مالياًquot;.

وختم فيشر حديثه بالقول :quot;كلما أجبرت ألمانيا الإتحاد الأوروبي على أن يصبح إتحاداً أصله الإستقرار، سيكون الأمر أكثر إلحاحاً على الدول الأعضاء في منطقة اليورو التي لا يمكنها أن تتفق مع القواعد الصارمة الجديدة للحصول على نوع من أنواع التعويض المالي,وبمساعدة ميركل النشطة، تتجه منطقة اليورو في الواقع لأن تكون إتحاد تحويل بمعنى أنه كلما زادت صرامة القواعد الجديد وإتسعت الفروق بين أسعار الفائدة بين الدول الأعضاء في منطقة اليورو، كلما حدث ذلك بشكل أسرع.