حثّ رئيس البنك الدولي قادة دول العالم للعودة إلى إستخدام معيار الذهب لتوجيه تحركات العملة.


القاهرة: جدد روبرت زوليك، رئيس البنك الدولي، النقاش حول مستقبل النظام النقدي العالمي، بِحَثِّه قادة دول العالم على النظر في العودة لاستخدام معيار الذهب لتوجيه تحركات العملة.

وقال زوليك اليوم إن كبرى الاقتصاديات في العالم مُطَالبة بأن تقوم ببناء نظام نقدي يتيح قدراً أكبر من التعاون بين الدول في جميع أنحاء العالم. وأكد كذلك على أن تلك الخطوة ستعمل على تعزيز ثقة المستهلكين وحفز النمو الاقتصادي في المستقبل.

وأضاف الخبير الاقتصادي المحنك في مقال نُشِر له في العدد الصادر يوم الاثنين لصحيفة quot;فاينانشيال تايمزquot; البريطانية قائلاً :quot; من المرجح أن يحتاج النظام الجديد هذا إلى إشراك عملات الدولار، واليورو، والين، والجنيه الإسترليني، واليوان الذي يتحرك نحو التدويل. وينبغي أن ينظر النظام كذلك في توظيف الذهب كنقطة مرجعية دولية لتوقعات السوق بشأن التضخم والانكماش وقيم العملات في المستقبلquot;.

وتأتي تصريحات زوليك هذه قبل يومين من بدء فعاليات قمة مجموعة العشرين في سيول، حيث من المتوقع أن تُوَجَّّه انتقادات واسعة النطاق للقرار الذي اتخذه مؤخراً مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بالارتكاز على خطة تحفيز مالي جديدة تقدر بـ 600 مليار دولار ( 370 مليار إسترليني ). كما تأتي تلك التصريحات بعد مرور ما يقرب من 40 عاماً على إنهاء الرئيس نيكسون بشكل مفاجئ للارتباط بين الدولار والذهب.

ورأى زوليك في هذا الإطار كذلك أنه يتعين على قادة مجموعة الدول الصناعية السبع أن يوافقوا على إقرار تدابير جديدة لمساعدة الدول النامية على تنمية اقتصادياتها الخاصة، وكذلك التعهد بعدم التلاعب بعملاتها بصرف النظر عما يحدث في الظروف الاستثنائية. ومن الجدير بالذكر أن قيمة الذهب قد ازدادت بأكثر من الضعف منذ صيف عام 2007، عندما أضيرت الأسواق المالية نتيجة لوقوع الأزمة الائتمانية.

وفي مقابل ذلك، نقلت اليوم صحيفة quot;الغارديانquot; البريطانية عن منتقدين لفكرة استخدام الذهب كمعيار قولهم quot;إن ثبات أسعار الصرف أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ النمو الاقتصادي خلال الأزمات الاقتصادية السابقة، في الوقت الذي تفتقر فيه الدول للقدرة على تحفيز اقتصادياتها من خلال سياسة تخفيض قيمة العملةquot;.
وقال جيمس برادفورد ديلونغ، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، إنه سيكون من الحماقة ربط العملات العالمية بأصل لا يمكنها السيطرة عليه. ورأى نورييل روبيني، أستاذ الاقتصاد في كلية ستيرن لإدارة الأعمال التابعة لجامعة نيويورك، أن العودة إلى أسعار الفائدة العالمية الثابتة سيكون أمراً غير مرغوب فيه وأضغاث أحلام.

في حين كتب ادموند كونواي، المحلل الاقتصادي بصحيفة التلغراف البريطانية مقالاً، وصف فيه العودة إلى استخدام الذهب كمعيار بأنه سيكون ضرباً من الجنون. ومضى ليقول إنه من غير الواضح إلى حد بعيد أن زوليك، بحسب ما كتبه اليوم في مقالته، يرغب حقاً في العودة إلى هيكل الاقتصاد الكلي الدولي إبان القرن التاسع عشر. ورأى كونواي أيضاً أن زوليك قام على ما يبدو، بدلاً من ذلك، بفحص اسم الذهب كآلية محتملة لمساعدتنا على وقف اعتمادنا على الدولار، باعتباره العملة الاحتياطية للعالم.

وعن التداعيات التي قد تحدث إذا ما تم اعتماد معيار الذهب في الوقت الراهن، قال كونواي إنه إذا ما كان هناك ركود كبير على الصعيد المحلي، فإن البلدان ستعاني منه بكل بساطة، ولن تتمكن من خفض أسعار الفائدة للتخفيف من حدة التداعيات المؤلمة. وبمعنى آخر، سيتعين على البلدان أن تنكمش، وتعاني من الآلام الاجتماعية التي ستحدث نتيجة لذلك، إذا ما كانوا سيحتفظون بمعيار الذهب في أوقات الشدة الاقتصادية.

ولفت كونواي إلى احتمالية نشوب موجة انكماش ثانية، بسبب العمل التعسفي الخاص بربط عملة إحدى البلدان بمعدن. ورأي في الوقت ذاته أيضاً أن اعتماد معيار الذهب قد يكون النهاية للنظام المصرفي كما نعرفه. فهذا المعيار يتعارض مع كسور الاحتياطي المصرفي. وفي محور آخر، أكد كونواي على أن هذا المعيار يتعارض مع الديمقراطية، بمعناها المعروف. ودلل على ذلك بنموذج اليونان، فمنطقة اليورو تُمَثِّل معياراً فعالاً للذهب. وأشار إلى أن اليونان في حالة يرثى لها لأنها مرتبطة بنفس العملة التي ترتبط بها ألمانيا، رغم تكاليف وحدة العمل التي تزيد بشكل كبير.