بدأ الخبراء الماليين طرح سلة من التساؤلات حول من يتحكم بأسعار العملات، حول العالم، اليوم. فقيمة الدولار الأميركي متدنية جداً أمام اليورو والين الياباني.

برن (سويسرا): تعد قيمة اليوان الصيني منخفضة جداً أمام الدولار الأميركي، بصورة اصطناعية، وفق ما تؤمن به معظم طبقات المحللين الماليين، في سويسرا. وبما أن الاستراتيجيات المستخدمة في تغيير أسعار الصرف، يومياً، في أسواق العملات العالمية، باتت خارجة عن السيطرة فان المصرف المركزي السويسري بدأ يعيد دراسة القوة، غير الطبيعية بدورها، للفرنك السويسري ازاء اليورو والدولار الاميركي، معاً، خوفاً على مستقبل حركة الصادرات الوطنية، التي تدعمها quot;قلبياًquot; كافة المصارف والمؤسسات المالية بصورة غير محدودة، المهددة بالخطر.

في الوقت الحاضر، يشدد الخبراء الماليين السويسريين على أن التجارة بكافة العملات عبارة عن أسواق ضخمة، غير منظمة، معروفة كذلك باسم quot;أوفر ذي كاونترquot; (over the counter) حيث يتم التعامل داخلها في أوقات غير أوقات العمل الرسمية، تشهد حركة تداولات قيمتها أكثر من 4 تريليون دولار، أي أربعة آلاف مليار دولار، يومياً! مقارنة بأسواق الأسهم فان هذه الأسواق باتت الشغل الشاغل لكل من يريد الربح الفوري والمضاربة الجشعة. ما يطرح عدة أسئلة حول هوية القادرين على تقرير أسعار صرف العملات، راهناً، حول العالم.

في سياق متصل، يشير المحلل روبير مياليش الى أن المصارف المركزية العالمية، ومن ضمنها المصرف الاحتياطي الفيدرالي، تهيمن اليوم على أبرز قرارات تحديد أسعار الصرف، يومياً. على سبيل المثال، يسلط المحلل مياليش الضوء على ما حصل، قبل عدة أيام، في اليابان حين باع المصرف المركزي 50 بليون ين ياباني ليشتري، في موازاة ذلك، 50 بليون دولار أميركي. لذلك، تراجعت قيمة الين الياباني أمام الدولار الأميركي عدة أيام قبل أن تعاود ارتفاعها أمام الأخير. ما يعني، وفق نظرية هذا المحلل، أن التعاون بين المصارف المركزية يستطيع لجم حرب العملات المستعرة. بيد أن التنافس الدولي، الذي يتمحور حول الدفاع عن الصادرات الوطنية، جعل هذه المصارف تعزف عن التدخل لاطفاء هذه الحرب.

علاوة على ذلك، يواصل الاحتياطي الفيدرالي شراء سندات الخزينة الأميركية، طويلة الأجل، لضرب عصفورين بحجر واحد. فمن جهة، يغرق الاحتياطي الفيدرالي الأسواق بأنهر من الأموال التي تستطيع الشركات الأميركية استعمالها. من جهة ثانية، يبقي الاحتياطي الفيدرالي مردود هذه السندات على أدنى مستوياتها التاريخية. ما يجعل جميع المستثمرين يفقدون شهية شراء هذه سندات. هكذا، يتوقف المحلل مياليش للاشارة الى أن المشغلين المؤسساتيين يلتفتون نحو شراء سندات أخرى، تصدر باليورو مثلاً. في الحقيقة، يحاول الاحتياطي الفيدرالي تحسين أوضاع أميركا الاقتصادية عن طريق تسبيب المشاكل للدول المتنافسة(باستثناء الصين) بمساعدة تقوية قيمة عملاتها الوطنية، عالمياً.