في كل سنة وقبل نهاية العام تكون المانيا على موعد مع ما يسمى بالكتاب الاسود الذي يجمع فيه خبراء اقتصاد ومال الاخطاء والمشاريع الخاسرة او التي لا فائدة منها ورغم ذلك اقرتها الحكومة الاتحادية او حكومات الاقاليم وموالتها بالملايين في وقت تسلك فيه المانيا سياسة التقشف واقتطاع الكثير من المساعدات عن فئات هي بامس الحاجة اليها مثل العاطلين عن العمل والاسر الفقيرة، واليوم استعرض الكتاب مشاريع مولتها الحكومة الاتحادي لا يتواني القراء عن هز رأسه والقول هكذا يساء التصرف باموال دافعي الضرائب.

برلين: في برلين على سبيل المثال لا الحصر تم ترميم واصلاح مبنى الدائرة الادارية لمجلس النواب الاتحادي بمبلغ تعدى ال41 مليور يورو وهو غير بعيد عن مبنى البرلمان، ولكي لا تتبلل اقدام النواب والعاملين في المجلس في الشتاء ولا يتعرضون لضربة شمس في الصيف بني بين هذا المبنى والمبنى المقابل له وهو ايضا مكاتب للموظفون ولا يبعد الا 80 مترا ممر زجاجيا وصلت تكاليفه الى 7،5 مليون يورو.

وكان المتقاعدون قد علموا مسبقا بان معاش التقاعد لن يرتفع عام 2011، مع ذلك تفاجئوا بتلقيهم رسائل واستثمارات يجب ان تملى من دائرة المتقاعدين الاتحادية. ولقد بلغت تكاليف تبليغ المتقاعدين وتكاليف طبع الاستمارات والوقت الذي صرف من اجل تحضيرها ورسوم البريد حوالي تسعة ملايين يورو، اذ ان عدد المتقاعدين في المانيا يتجاوز العشرين مليون.

وفي هذا السنة ايضا ومن اموال دافعي الضرائب، الذين يحاسبون بكل قساوة اذا ما نسوا من دون قصد ابلاغ دائرة جمع الضرائب عن دخل اضافي بسيط حصلوا عليه، اعيد بناء جدار لخط للسكة الحديدية بين مدينتين كولونيا وفرانكفورت يمر عليه القطار السريعquot; اي سي اىquot; طوله 20 كلمترامن اجل منع الضوضاء والتخفيف من سرعة الرياح، لان الجدار الاول بني بناء على تعليمات خاطئة ولم يمنع ابدا الضجيج او ضغط الرياح، وبلغت التكاليف بسبب الاخطاء 45،1 مليون يورو.

والمشروع اكثر اثارة لاستغراب رغم ان تكاليفه ليست بالملايين هو بناء بلدية بوكستهودا في الشمال، رصيفا عند نهر استا ويصل طول النهر الى 44،7 كلمتر من اجل وصول المشاة الى الضفة الثانية ووصلت تكاليف الرصيف الى 70 الف يورو ، الا ان هذا النهر معرض دائما للغرق بسبب ارتفاع نسبة المياه وليس مرتفعا بالشكل المطلوب، لذا لا يستعمله احد.

ومن اجل اظهار صورة السياسيين الالمان بشكل لماع وجذاب على الصعيد العالمي لا تتواني الحكومة عن رمي اموال دافعي الضرائب من النافذة باعتمادها مشاريع لا فائدة منها، لكنها تكلف الملايين، مثل ما حدث لمشروع بورصة الانترنت للمتمرنين والمتمرنات تابعة لوزارة التدريب والتأهيل، حيث بنيت قاعات مجهزة بالوسائل التقينة الحديثة والهواتف التي يمكن استخدامها من دون مقابل اضافة الى مكتب لمعرض هانوفر الدولي، وبلغت تكاليف هذا المشروع الكبير اربعة ملايين يورو لكن وبعد مرور وقت طويل على انشاءه لم يسجل فيه سوى 18 متدربا ما اضطر الوزارة الى اقفاله.

واستنكرت الحكومة الاتحادي الانتقادات بسبب الحملة الدعائية التي نظمتها للمستشارة الالمانية انجيلا ماركل عقب انتهاء المؤتمر العام للحزب المسيحي الديمقراطي وفوز ماركل مرة اخرى بالرئاسة، وبثت الدعاية ونشرت في اكثر من 400 وسيلة اعلام ومواقع في الانترت وكلفت 2،8 مليون يورو، لكن الحكومة بررت الدعاية بانها من اجل شرح مضمون الميزانية العامة لعام 2011 وسياسة الحكومة.

ولقد اعتمد مؤلفو الكتاب الاسود على مصادر موثوق بها حتى ان بعضها موثق، لذا طالب كارل هانس ديكه الذي اشرف على تأليف الكتاب الاسود برفع المواطنين دعاوى الى الجهات المسؤولة عن هذا التبذير باموال الشعب، وعلى الادعاء العام النظر في هذا القضايا التي تعتبر اساءة تصرف بالاموال العامة، كما طالب بتأسيس مكتب للنظر بهذا التجاوزات المالية غير المسؤولة.