على الرغم من كل التقارير التي تصدرها جمعية حقوقية خارجية عن حقوق أكثر من ثمانية ملايين عامل أجنبي يعملون في السعودية، يشكلون أكثر من 30% من عدد السكان، البالغ 24.8 مليون نسمة، فإن المؤشرات الصادرة من الجهات الرسمية تفيد أنهم يعملون في سوق مرنة، وأن القضايا المدرجة في اللجان الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية لا تتجاوز 1234 قضية في آخر إحصائيات وزارة العمل.

الرياض: تشكّل قضية العمالة الأجنبية أكثر القضايا ذات الأبعاد الشائكة والمتعددة، التي تحظى باهتمام بالغ على المستويات المحلية والعالمية كافة، لارتباطها بجهات حقوقية داخلية وخارجية، تختلف أهدافها وأطروحاتها وإيديولوجياتها.

وفي السعودية، التي تتصف بسوق عمل مرنة، وسهولة في تحويل الأموال من الداخل إلى الخارج، والعكس، تشير أحدث الإحصائيات إلى أن عدد العاملين والموظفين الأجانب في السعودية يتجاوز سبعة ملايين شخص، يشكلون أكثر من 30% من عدد السكان، البالغ 24 مليون نسمة، فيما يعمل في الجهات الحكومية السعودية منهم، وفقًا لآخر إحصائيات وزارة الخدمة المدنية، 71.865 عاملاً أجنبيًا، منهم 35.058 أناثًا، والباقي رجالاً، فيما يعمل في وكالات السفر والسياحة وحدها 26 ألف موظف وعامل أجنبي.

تعود بداية توافدهم إلى السعودية إلى منتصف السبعينات من القرن الماضي، في أعقاب الطفرة النفطية، التي مرت بها البلاد، وقيام السعودية بتوظيف هذه العائدات في مشاريع البني التحتية، في ظل ندرة الموارد البشرية السعودية. وتجاوز إجمالي التحويلات التي أرسلها هؤلاء الأجانب الذين يعملون فيها، ومعظمهم من شرق آسيا، إلى بلدانهم خلال الأعوام العشرة الماضية حوالى 616 مليار ريال، أي ما يعادل 164.2 مليار دولار، بينما زادت وتيرة التحويلات الخاصة للعمالة الوافدة إلى الخارج من 59 مليار ريال بنهاية 2007 إلى أكثر من 78.5 مليار ريال بنهاية 2008.

وتشير الإحصائيات إلى أن تلك التحويلات قد نمت بأكثر من 33 %، فيما بلغت في الأشهر الثمانية الأولى من 2009 ما يزيد على 56 مليار ريال، تمثل 4 % من إجمالي الناتج المحلي، لتحتل السعودية المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في حجم تحويلات العمالة الأجنبية إلى الخارج.

وتشكل هذه التحويلات وفقًا للبيانات الرسمية 19.4% من إجمالي التحويلات التي تلقتها باكستان، و30% من إجمالي التحويلات التي تلقتها بنغلاديش، و12.5% من التحويلات إلى مصر، و8.4% من التحويلات إلى الفلبين، وقياساً بالناتج الإجمالي فإن السعودية ساهمت بنحو 9 % من إجمالي الناتج المحلي في الأردن، وبـ6% في اليمن.

إلى ذلك، أوردت بعض وسائل الإعلام تقارير عن جمعيات حقوقية تتحدث عن وقوع بعض الأخطاء والتجاوزات في حق العمالة الأجنبية، مما دعا وزارة العمل إلى التأكيد على أن المملكة تحرم تحريمًا قاطعًا لا لبس فيه الإتجار بالإنسان، أو التعرض له بالضرر، تحت أي ظرف أو مسمى، مشيرة إلى أنها لن تؤل جهدًا في القضاء على مثل هذه السلوكيات إن وجدت.

وأوضحت في بيان صحافي اليوم أن هذه الجمعيات تجهل الواقع وما تفرضه قرارات وأنظمة محلية تحترمها مواثيق العمل العالمية، والعلاقات الدولية، في ما يتعلق بخصوصية المكان، ودعت الجميع إلى الإطلاع على الأنظمة المرعية والواقع الفعلي لسوق العمل في المملكة، مشيرة إلى أن الوزارة وعلى الرغم من ذلك لا يمكنها إنكار وجود بعض التجاوزات التي تحدث من بعض أصحاب العمل، وكذلك العاملين، وأيضًا بعض المشاكل العالقة بين الطرفين. فالمملكة تحتضن أكثر من ثمانية ملايين عامل، ولا توجد مثالية مطلقة في أي مكان، مؤكدة أن العبرة ليست في وجود المشاكل والنزاعات وغير ذلك، بل العبرة بالأنظمة التي تحفظ الحقوق، وتطبقها دون مواربة، أو تمييز.

وشددت وزارة العمل على أنها تبذل جهودها لحماية العمالة دون تفريق من سوء المعاملة أو الاستغلال أو انتهاك حقوقهم، من خلال تطبيق منظومة أحكام نظام العمل الواضحة.

كما أفادت أن الإجراءات التي تنتهجها تمثل سياسة عامة للمملكة، لتوفير حياة كريمة لمن يعيشون على أرضها دون تفريق أو تمييز، مبينة أنها أصدرت دليل إرشادات باللغتين العربية والإنكليزية للعمالة الوافدة لتوعيتهم بالمعلومات الأساسية المتعلقة بظروف العمل في المملكة وحقوقهم وواجباتهم والجهات التي يمكنهم اللجوء إليها.

وبحسب آخر إحصائيات وزارة العمل السعودية، فإن عدد قضايا العمالة الأجنبية الواردة للهيئة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية في النصف الأول من 1430هـ 1.234 قضية، تمثل ما نسبته 61.24% من عدد القضايا الواردة للهيئة، حيث تعامل قضايا العمالة الأجنبية في السعودية بالآلية نفسها التي تعامل فيها قضايا السعوديين. وشملت القضايا المنتهية حسب الجنسية خلال الربع الأول من عام 1430هـ 17% لحملة الجنسية المصرية، و12.6% لحملة الجنسية البنغلاديشية، و8% لحملة الجنسية الهندية، و24.2% للجنسيات المتبقية الأخرى، والنسبة الباقية لقضايا السعوديين.