حسام المهدي من القاهرة: جاء قرار جهاز تنظيم الاتصالات بقطع خدمة الاتصال المحمول للأجهزة الصينية المهربة وغير المطابقة للمواصفات بمثابة الصدمة للمواطنين، خاصة وأن أكثر من 80% من مستخدمي المحمول في مصر الآن يحملون هذه الأجهزة لزهاد أسعارها التي لا يمكن مقارنتها بمثيلها من الأجهزة التي تحمل المواصفات نفسها، هذا بخلاف الصدمة القوية التي سوف تضر باقتصاديات المستخدمين لضرورة توفير البديل خلال أسبوع واحد من قرار الوقف، وخاصة أن المستخدم كان حريصاً على شراء هذه الأجهزة، لما تمتلكه من إمكانيات متعددة، وبأسعار مناسبة للغاية لا تتوافر في الأجهزة الأخرى.

من جانبه، أوضح إيهاب سعيد رئيس شعبة الاتصالات في غرفة القاهرة التجارية أن قرار جهاز تنظيم الاتصالات بوقف الخدمة التليفونية عن معظم الأجهزة الصينية جاء في محله، بسبب مخاطر هذه الأجهزة غير المطابقة للمواصفات، خاصة أنها تحمل رقم كود واحد، وهو ما يصعب معه الوصول لأي شخص يرتكب جريمة عن طريق هذا الجهاز، بما يمثل خطر كبير على الأمن القومي.

كما إن هذه الأجهزة لا تشملها صيانة، وهو ما أكده جهاز حماية المستهلك، بعد استقباله شكاوى عديدة من المتضررين من استخدام هذه الأجهزة. ويرجع ذلك إلى أن معظمها يدخل البلاد عن طريق التهريب، وبدون فواتير، وبالتالي لا يحصل مشتروها على فواتير أو ضمانات ضد أعطال هذه الأجهزة، مشيراً إلى أنه لا يوجد من الأجهزة الصينية في مصر أنواع مطابقة للمواصفات سوى نوعين فقط معتمدين من جهاز تنظيم الاتصالات، ولكن باقي الأجهزة مخالفة، وتسبب أمراضاً مختلفة لمستخدميها.

وأكد سعيد أنه بالفعل سيتحمل نتيجة هذا القرار معظم المواطنين أصحاب هذه الأجهزة، الذين لا يملكون فواتير شرائها. أما المشترون للأجهزة الصينية بفواتير فمن حقهم إرجاعها للتجار.

وفي السياق نفسه، أوضح عبد الستار عشرة رئيس مجلس الأعمال المصري الصيني أن مسؤولية دخول الأجهزة الصينية المهربة إلى مصر تقع على المستوردين، لأنهم يحرصون على استيراد أجهزة مصنعة من أجزاء غير معروفة الهوية أو الماركة، بالاتفاق مع المنتجين الصينيين، حتى تكون رخيصة السعر، ويقبل عليها المواطنون، بما يحقق لها رواجاً في السوق المصري، في ظل ارتفاع أسعار أجهزة المحمول ذات الماركات العالمية، مشيراً إلى أن هذه الأجهزة الصينية سريعة التلف وغير معمرة، ورغم ذلك أصبحت تمثل 80% من جملة أجهزة المحمول في السوق المحلي.

وأكد عشرة أن العيب ليس في المنتجين الصينيين، لأنهم يصنعون أجهزة محمول بمستويات كفاءة متنوعة، وتصدر أفضلها إلى الأسواق الأوروبية والأميركية، بينما يفضل المستوردون المصريون استيراد أجهزة رديئة منخفضة الثمن لجذب الطبقات الفقيرة، من خلال التحايل بإطلاق أسماء الأجهزة العالمية على أجهزة المحمول الصيني، مضيفاً أن المستهلك هو الذي يتضرر من هذا القرار، بسبب تغاضيه عن الجودة، إلى جانب شرائه المحمول الصيني بدون أي ضمانات.

ونفى عشرة أن يكون لقرار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أي تأثيرات سلبية على العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين نحو 6 مليارات دولار، منها 5.5 مليار دولار لمصلحة الصين.

أما المهندس علي أنيس رئيس الإدارة المركزية للتفاعل المجتمعي في الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات فقال إن ما يقوم به الجهاز هو حق أصيل له لحماية حقوق المستخدمين ورفع الأضرار الصحية عنهم، خاصة وأن هذه الأجهزة تحمل نسب انبعاثات أكثر من النسب المسموح بها أثناء التحدث في التليفون المحمول، وهو ما يتطلب الكشف عن كل الأجهزة التي تدخل البلاد، والتأكد من مطابقتها للمواصفات.

وأكد أنيس أن عدد الأجهزة الصينية في السوق المصري لا تزيد عن نسبة 3% من إجمالي أجهزة المحمول المستخدمة، وأن إيقاف هذه الكمية لا يمكن أن تؤثر على السوق المصري، لاسيما وأن الجميع يعلم أنها غير مطابقة للمواصفات ومهربة، أي إنها مثل الأجهزة المسروقة، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي اتجاه لدى جهاز تنظيم الاتصالات بتعويض مالكي هذه الأجهزة من المواطنين لعلمهم بأن هذه الأجهزة غير مطابقة للمواصفات، ورغم ذلك فالجهاز هو المعني ببحث شكاوى مستخدمي أجهزة المحمول، سواء الصينية أو غيرها.

وكشف أنيس عن الاتفاق مع شركات المحمول الثلاث فودافون وموبينيل واتصالات على وقف الخدمة عن الأجهزة الصينية المهربة، ابتداءاً من أول مارس/آذار الجاري، وسوف يتم إخطار المستخدم بهذا المضمون من خلال رسالة تصله عن طريق التليفون المحمول، موضحاً أن إيقاف عمل هذه الأجهزة تستفاد منه شركات المحمول، نظراً إلى أن الأجهزة الصينية تلحق بشبكاتها أضراراً جسيمة، وهو ما يكبدها مليارات الجنيهات، من أجل توفير خدمة تليفونية جيدة للمستخدمين، كما إنه يحمي صحة المواطنين.

وأكد أنيس أن السوق المصري يوجد فيه الآن أجهزه بسعر الأجهزة الصينية نفسه، وتؤدي المهام عينها، إلا أنها مطابقة للمواصفات، بما يعني أن السوق لن يصيبه أي خلل من جراء إيقاف الخدمة عن الأجهزة الصينية المهربة.

ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور سيد صادق أن قرار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات المزمع تطبيقه من شانه أن يكبد مستخدمي الأجهزة الصينية من المصريين خسائر فادحة، تقدر بأكثر من 4 مليارات جنيه، في ظل وجود ما يزيد عن 3 مليون جهاز محمول صيني في الأسواق المصرية، يتراوح سعر الواحد منها بين 250 و500 جنيه، وهو ما جعل معظم أفراد الشعب من الطبقات المتوسطة والفقيرة تحرص على اقتنائه، خاصة وأنه يتميز بإمكانيات متنوعة ومتعددة، هي بالفعل موجودة في أجهزة أخرى لماركات عالمية، ولكنها باهظة الثمن، ويصل سعر الواحد منها إلي 4 ألاف جنيه.

وطالب صادق بضرورة إيجاد آلية يمكن من خلالها تعويض المواطنين بأجهزة محمول أخرى بديلة من الأجهزة الصينية التي سيتم إيقافها، حتى لا يتعرضوا لانتكاسة اقتصادية، في ظل استمرار تداعيات الأزمة العالمية، خاصة وأنه لا ذنب لهم في عمليات التهريب ودخول هذه الأجهزة إلى السوق المصري ورواجها في محال الموبايل دون أي رادع من الأجهزة الرقابية.