وجد مرتادو طيران الإمارات من المواطنين أنفسهم أمام نظام جديد لأسعار التذاكر، بلا إمتيازات حازوها طيلة الفترة الماضية، فيما ظلت هذه الإمتيازات عملياً للأجانب، وسط تساؤلات متنامية داخل الإمارات، عما إذا كانت التسعيرة الجديدة، قد جاءت عملياً كتجاوب محتمل مع مقالات صحافية ناقدة للتسعيرة القديمة.

محمود العوضي من دبي: خلافاً لسنوات طويلة، دأبت خلالها شركة طيران الإمارات على منح خصومات وإمتيازات لعملائها عبر عمليات الحجز الخارجي التي يقومون بها، أظهرت إجراءات جديدة لشركة الطيران الوطنية الإماراتية، التي تتخذ من مطار دبي الدولي بإمارة دبي، ثاني أكبر مدن دولة الإمارات العربية المتحدة، مقراً لها ومركزاً لعملياتها، أن تسعيرة جديدة قد بدأ العمل بها فعليا قبل أيام، وسط تذمرات واسعة من قبل المرتادين المواطنين، إذ إن النظام الجديد قد حرمهم من إمتيازات واسعة، بيد أنه أبقاها أيضاً للأجانب، وحرمت المواطنين الإماراتيين منها، رغم أن شركة طيران الإمارات هي شركة إماراتية ومقرها دبي.

وأبدى مواطنون إماراتيون عدم رضاهم من شيوع كتابات ومقالات في الآونة الأخيرة، بالتعليق حول موضوع تذاكر السفر لشركة طيران الإمارات، والدعوة الصريحة إلى إلغاء الإمتيازات السابقة، التي كانت تتيح للراكب الحجز من مكتب كراتشي أو في أي مكتب خارجي في أي دولة أخرى بنصف ثمن الحجز تقريباً عن أي مكتب آخر داخل دولة الإمارات. وتوضح التذمرات التي أطلقها إماراتيون أن الدعوات إلى إلغاء هذه الإمتيازات حرم آلاف المرتادين من المواطنين من التمتع بمميزات كبيرة في الحصول على تذاكر سفر لطيران لخطوط طيران الإمارات بأسعار مخفضة من مكاتب خارج الدولة.

وفي إنتقادات أخرى باتت حديث الشارع الإماراتي، فإن شركة طيران الإمارات قامت بتحديث النظام السعري كرد فعل على الأرجح على بعض المقالات الصحافية التي دعت إلى إيقاف تلك الميزة التي فقدت الآن من قبل ركاب طيران الإمارات المواطنين فقط دون غيرهم من حجز تذاكرهم بأسعار أقل عن طريق تلك المكاتب الخارجية. مضيفين أن الأمر لم يتوقف عند حد إيقاف طيران الإمارات حجز التذاكر بأسعار مخفضة للإماراتيين في تلك المكاتب الخارجية، بل سمحت لكل الجنسيات الأخرى بالحصول على تلك التذاكر بأسعار مخفضة، وحرمت المواطنين الإماراتيين منها، رغم أن شركة طيران الإمارات هي طيران وطني رسمي.

وفي تأكيد مباشر على التذمر من النظام السعري الجديد للشركة الإماراتية الناقلة، قال مواطن إماراتي، فضل عدم ذكر اسمه، إنه قام أخيراً بزيارة لدولة الكويت، وقبيل عودته أراد حجز تذكرة على خطوط شركة طيران الإمارات بأسعار مخفضة كالمعتاد، ولكنه فوجئ بموظف الحجز يسأله عن جنسيته، ولما أجابه بأنه إماراتي، أوضح له الموظف بأنه لن يستطيع أن يمنحه التذكرة بأسعار مخفضة لأنه إماراتي، وأن شركة طيران الإمارات طبقت قرار توحيد أسعار التذاكر للمواطنين في كل المكاتب الداخلية والخارجية للشركة. وأنه لو كان يحمل جنسية غير إماراتية، لقام بحجز التذكرة له بسعر مخفض. وفي ما يبدو أن شركة طيران الإمارات تكيل بمكيالين، فهي تحرم مواطني الدولة من ميزات يتمتع بها الأجانب.

ومن ضمن ما نشر في أحد المقالات الناقدة للإمتيازات السابقة، جاء الآتي quot;أنه من الطبيعي جداً أن تكون أسعار تذاكر الطيران لشركة مثل quot;طيران الإماراتquot;، مختلفة باختلاف المدن والعواصم والبلدان التي تباع فيها، فلا يجوز مثلاً أن تباع تذكرة الدرجة الأولى لوجهة ما في الإمارات بسعرها نفسه في باكستان وأيّ من دول أفريقيا للوجهة عينها؛ لأن المسألة مرتبطة بسعر كل سوق والقوة الشرائية لكل بلد.

وأضاف المقال quot;مع أن الخاسر الأكبر هو أهل الإمارات، فالمقارنة مع الآخر، في هذا المجال، دائماً ما تأتي في مصلحة هذا الآخر، وأسعار تذاكر السفر في الإمارات، لا شك في أنها الأعلى لكل الوجهات، مقارنة ببقية المدن القريبة والبعيدة، وتزيد الأسعار أيضاً، كلما اختلفت درجة السفر، وفي بعض الأحيان نتفاجأ بأن سعر تذكرة الدرجة الأولى في بعض الدول، هو بالضبط نصف سعر التذكرة محلياً، إن لم يكن أقل، مع أن الرحلة قد تكون أطول، والطائرة أيضاً قد تكون أفضلquot;.

ولفت الكاتب الناقد للإمتيازات السابقة أيضاً إلى أن quot;كثيرين عرفوا هذا السرّ، وكثيرين هم الذين يتفننون في استغلال هذه الفروقات، فيسافرون على أي من طائرات الشركات الاقتصادية إلى كراتشي أو طهران أو دمشق أو أي من الوجهات القريبة، من أجل شراء تذكرة سفر على الدرجة الأولى أو رجال الأعمال من مكاتب طيران الإمارات في تلك الدول، لوجهات دول أوروبا أو شرق آسيا أو حتى أستراليا، وتخيلوا أنه ومع ذلك، وعلى الرغم من تكلفة السفر ليوم أو يومين إلى تلك العواصم القريبة، فإن النتيجة هي توفير كبير في المبلغ الإجمالي قد لا يخطر على بال من لم يقم بهذه التجربة، وبالتأكيد لم تفلح محاولات laquo;طيران الإماراتraquo; في وضع بعض الشروط لمنع هذه الظاهرة، والمنطق يحتم عليها عدم منعها، لأنها هي سبب وجود هذه الفروقات، ومن حق الناس البحث عن أفضل الأسعار، حتى لو كان هذا الأفضل في كراتشيquot;.

وتابع الكاتب quot;مع الاعتراف بفرضية منطقية البيع بأسعار أقلّ في أسواق فقيرة، ولا يملك أهلها القوة الشرائية اللازمة، إلا أن الموضوع يصبح في غاية الغرابة عندما تكون فروقات الأسعار حاضرة في الدول التي يفترض أنها تتساوى مع الإمارات، من حيث متانة الاقتصاد والمستوى المعيشي، كما إنها لا تبعد عنا كثيراً في المسافة، ومعظم شركات الطيران تعتبرنا معها سوقاً واحدة. فعلى سبيل المثال، نجد أنه من الغريب جداً، ومن غير المعقول أيضاً، أن تباع تذاكر سفر laquo;طيران الإماراتraquo; لمختلف الوجهات من الدوحة مثلاً، أقل من أسعارها في الإمارات بكثير، ولا نجد مبرراً لذلك؛ لأن الوضع الاقتصادي متشابه، بل إن رواتب موظفي قطر هي الأعلى على مستوى العالم، والوضع الطبيعي أن تكون الأسعار لأهل الإمارات أقلّ بكثير، لكن الواقع عكس ذلك إطلاقاً، والسبب غير معروف، حتى إن كان هناك سبب معروف لدى laquo;طيران الإماراتraquo;، فإنه سيكون بلا شك غير مقنعquot;.

وأوضح أنه باعتبار أن laquo;طيران الإماراتraquo; شركة وطنية، وquot;نعشق السفر على متن مختلف طائراتها، ونعطيها دائماً الأولوية في كل الرحلات، حتى وإن كانت الشركات الأخرى أرخص أسعاراً منها، فإنه من حقنا عليها أيضاً، أن تكون لنا الأولوية في كل شيء، أو على أقل تقدير في أي شيءquot;.


واعتبر مواطنون إماراتيون أن rlm;هذا المقال سالف الذكر للكاتب جاء بأثر عكسي وسلبي عليهم، لأنه كشف السر على الملأ، وأدى إلى تعنّت الشركة ضد مواطنيها، ومنح كل المميزات للجنسيات الأخرى، متمنين لو quot;ليته سكتquot;.

يذكر أن طيران الإمارات تأسست في أكتوبر (تشرين الأول) 1985، ويعد مطار دبي الدولي هو المطار الرئيس لها، ورئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات هو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم وموريس فلاناجان نائب رئيس مجموعة الإمارات، وتقدم خدماتها إلى أكثر من 101 وجهة في 61 دولة حول العالم، وهي إحدى الشركات التابعة لمجموعة الإمارات، وتمتلكها حكومة دبي بالكامل.