سيلعب الجانب الاقتصادي دوراً مهماً وفعالاً في الانتخابات البريطانية المرتقبة في مايو المقبل، بعدما وقعت المملكة المتحدة وبشدة ضحية الأزمة الاقتصادية العالمية وأصابها الركود. ومع توترات وغموض تكتنفان العملية الانتخابية من المتوقع أن يزداد تأثّر الإسترليني بالأنباء السيساسة حولها.
قسم الترجمة - إيلاف: ما زال المخططون السياسيون للأحزاب البريطانية المتنافسة لا يعرفون التأثير الذي ستمارسه مثل هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة على نمط التصويت. ومن التساؤلات التي تُطرح في هذا السياق ما إذا كانت بوادر الانتعاش الهش تحثّ على الدعوة إلى التغيير أو التطلع إلى الاستقرار.ويرجح محللون أن يزداد تأثّر الجنيه الإسترليني بأخبار الانتخابات على الأرجح خلال الشهر المقبل.
وتوضح كلير فيشر من سكان دادلي لصحيفة فايننشيال تايمز quot;أن العمال نالوا فرصتهم، وهم لم يفعلوا الكثير لناquot;، في إشارة إلى تسريح أربعة من أفراد العائلة من العمل، رغم استمرار زوجها النجار في مزاولة المهنة.
وتشكّل المناطق الأشد تضرراً بالركود الاقتصادي في بريطانيا الساحة الرئيسة للمعركة الانتخابية، التي بدأت الاستعدادات لخوضها مع تحديد رئيس الوزراء غوردن براون 6 أيار/مايو المقبل موعداً لتوجه البريطانيين إلى صناديق الاقتراع. وتمتد المناطق التي يتعيّن على زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون أن يفوز بمقاعد فيها لبناء غالبية برلمانية، من كوبلاند في الشمال إلى بورتسموث في الجنوب على اختلاف طابعها الاجتماعي وخبرتها مع الضائقة الاقتصادية.
وفي حين يستطيع براون أن يسجل في رصيده تفادي الانحدار إلى كساد عميق، لا يبدو أن هذه الرسالة وصلت إلى مدن تجارية مثل دادلي. فمنذ إعادة انتخاب حزب العمال في عام 2005 تضاعفت نسبة البطالة في هذه الرقعة من غرب الوسط الانكليزي، التي تضم مقاعد عمالية ذات أكثرية ضئيلة، إلى 11.6 %. ويبلغ إجمالي عدد العاطلين 8900 عاطل، وهو رقم يزيد على الغالبية العمالية في دادلي الشمالية ودادلي الجنوبية مجتمعتين.
في سياق متصل، يعتبر الخبراء أن فيشر واحدة من مئات آلاف الناخبين الترجيحيين في حسم مقاعد ذات غالبيات هامشية، مثل بولتن وهايندبام في مقاطعة لانكشاير شمال غرب انكلترا، أو دوفر في مقاطعة كنت الجنوبية، وأن هؤلاء سيقررون ما إذا كان كاميرون سينال غالبية في مجلس العموم.
ويتيح تحليل البنية الاجتماعية لهذه الدوائر الانتخابية وحظوظها الاقتصادية الأخيرة فهم طبيعة المعركة الخطابية بين الأحزاب المتنافسة والمواطنين الذين تسعى إلى كسب أصواتهم.
إلى ذلك، اختارت صحيفة فايننشيال تايمز 50 دائرة انتخابية تمثل تحولاً لمصلحةت المحافظين بنسبة 3.5 إلى 7 %، وهي مواقع يتعين على كاميرون أن يضمنها لتحقيق غالبية. وتشير نتائج المسح إلى أن هذه الرقعة من الدوائر الانتخابية ذات الأهمية التي قد تكون حاسمة في الانتخابات تحمل سمات quot;الشرائح الوسطىquot; التي يطمح السياسيون في كسبها.
يتسم التكوين الاجتماعي لهذه الدوائر بارتفاع نسبة البيض والعمال ذوي الياقات الزرق بهامش ضئيل على المتوسط الوطني العام، وبقدر أقل من الاعتماد على إعانات الدولة من معاقل حزب العمال التقليدية. علماً أن نسبة أصحاب المهن والعقارات في هذه المناطق أعلى منها في بقية البلاد، لكنهم مع ذلك لا ينتمون إلى الطبقة الوسطى التي يتألف أفرادها من ذوي الياقات البيض. ويبلغ متوسط الدخل 18260 جنيهاً إسترلينياً في السنة. وتقل نسبة المشمولين بالإعانات الاجتماعية عن 6 %، وهي نسبة قريبة من المتوسط العام، لكنها تقل عن الـ 10 % في الدوائر العمالية المضمونة.
وتكون نسبة المهاجرين محسوبةً في ضوء عدد المتقدمين بطلب شمولهم بالضمان الوطني أقل من المتوسط العام. ويشكّل غير البيض نسبة 5.3 %، بالمقارنة مع 8.1 % هي المعدل الوطني العام. وثمة تفاوت كبير في إطار العيّنة نفسها. فإن متوسط الدخل يتراوح بين 15 ألف جنيه إسترليني سنوياً في كوبلاند شمال غرب انكلترا، ونحو 30 ألف جنيه إسترليني في ريتشموند بارك جنوب غرب لندن.
ولعل من دواعي اطمئنان كاميرون إلى النتيجة أن يعرف أن هذه المقاعد العمالية في الغالب تبدو أقرب، إذا أُخذت كمجموعة، إلى المقاعد المضمونة للمحافظين منها إلى العمال ـ في خصائصها الاجتماعية العامة، باستثناء معدلات البطالة.
التعليقات