أكد وزير المالية السعودي الدكتور قوة اقتصاد البلاد، مع صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين بدعم صندوق التنمية الصناعية بـ 10 مليارات ريال كقرض حسن، مطمئناً إلى أن تأثير الأزمة اليونانية على الاقتصاد المحلي والاستثمارات محدود جداً، بسبب صغر حجم الاقتصاد اليوناني بالنسبة إلى اقتصاد أوروبا.

الرياض: أعلن وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف موافقة العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز على زيادة رأسمال صندوق التنمية الصناعية السعودي إلى 30 مليار ريال بزيادة 10 مليارات ريال دعماً منه للقطاع الصناعي.

وأوضح العساف في تصريح صحافي، على هامش مؤتمر يوروموني السعودية 2010، الذي افتتح في الرياض اليوم الثلاثاء أن الموافقة على دعم الصندوق الصناعي بمبلغ 10 مليارات ريال تمت قبل يومين، من خلال وديعة، وكذلك قرض حسن للصندوق، مشيراً إلى أن الموافقة جاءت بعدما تزايد الإقبال على القطاع الصناعي، حتى أصبحت موارده الحالية، رغم أنها رفعت قبل سنوات قليلة إلى 20 ألف مليون ريال، لا تكفي، وأنه يحتاج دعماً إضافياً، فأتت الموافقة على دعم الصندوق، وأصبحت الموارد المتوافرة الآن للصندوق الصناعي 30 ألف مليون ريال، إضافة إلى الموارد التي لدى صندوق الاستثمارات العامة والصناديق الأخرى.

وفي إيلاف أيضاً
صمت المسؤولين الاقتصاديين في السعودية يربك سوقها المالية

وأوضح العساف أن الصرف على القطاع النفطي في المملكة يتم وفق ما خطط ورصد له، وتجاوز ما تحقق أكثر من النصف، لافتاً إلى أن ما صرفته السعودية على المشاريع في العام الماضي بلغ 180 مليار ريال، وهو ما يساوي 50 مليار دولار أميركي، مبيناً أن ذلك يعد مؤشراً على حجم الصرف الكبير على المشروعات وفق البرامج الزمنية لها.

وطمأن المتهمين بالشأن الاقتصادي إلى أن المملكة لن تتأثّر بانخفاض أسعار النفط الخام، مشيراً إلى أن أسعار النفط انخفضت العام الماضي، ومع ذلك أعلنت المملكة أنها في وضع مريح، بسبب السياسات التي اتبعتها الحكومة السعودية قبل نشوب الأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى أنه لا يشعر بالقلق حالياً، وأن السعودية ستستمر في تنفيذ المشاريع التنموية التي التزمت بها.

وأكّد أن الأزمة المالية التي تشهدها منطقة اليورو حالياً لن تؤثّر في دول الخليج، وأن الخطط الموضوعة للاتحاد النقدي الخليجي لن تتغير بسبب تلك الأزمة، وسيتم العمل على الاستفادة من دروس ما حدث في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي، وخاصة اليونان، مشدداً على المضي قدماً في مسيرة الاتحاد النقدي لدول المجلس، وأن الموضوع انتقل الآن بالكامل إلى محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتقع على عاتقهم مسئولية متابعة وتنفيذ الاتحاد النقدي.

وحول ما يراه بعض المتابعين للقطاع المصرفي من إحجام مصرفي من قبل المصارف والبنوك السعودية عن إقراض شركات المقاولات المحلية، قال العساف إنه لا يتفق مع تلك الآراء، لأن بعض البنوك تصل في بعض الأحيان إلى الحد الأعلى المسموح فيه، حسب المعايير التي تطبقها مؤسسة النقد العربي السعودي على البنوك، وهي من المبادئ الرقابية المهمة للبنوك، وأنه لا يعتقد أن هناك إحجاماً من البنوك.

وزير المالية السعودي ذكر أن تحويل الصندوق إلى بنك سبق بحثه، ولا يزال قيد البحث حالياً، مشيراً إلى أنه من الواجب أن نعرف أن تحول الصندوق إلى بنك يعني تغيراً في التكلفة على القطاع الصناعي، وبالتالي يتم دراسة الموضوع من الجوانب كافة، وينظر هل هو في مصلحة القطاع الصناعي أم لا.

وحول تأخّر صدور نظام الرهن العقاري والأنظمة المصاحبة له، أوضح أنه سبق أن صرح في وقت سابق بأن النظام لديه بعض الأمور المعلقة وتدرس الآن، وهناك اهتمام به، مشيراً إلى أن هناك بعض المواد التي يتم بحثها مابين مجلسي الوزراء والشورى، وأن من طبيعة الأنظمة المتعلقة بالمجلسين أن يتم إعادة بحث الموضوع، إذا كان هناك خلاف، وبحثه مجدداً، وإذا اتفقت وجهات النظر انتهى الموضوع، وإذا لم تتفق فإن الأمر يحال إلى خادم الحرمين الشريفين ليحكم فيه.

وعن النمو الاقتصادي للمملكة هذا العام، أفاد وزير المالية أن المملكة من خلال الميزانية التي سبق أن أعلنتها قد توقعت تحقيق عجز هذا العام quot;ولا نستطيع التنبؤ الآن، لأن سعر البترول وصل إلى 84/85 دولار، وانخفض بالأمس إلى 70 دولار، وأنا مازلت متفائلاًquot;.

وبشأن قضية إعفاء الحديد والأسمنت من الجمارك، وهل يوجد هناك اتفاق بين دول مجلس التعاون على ذلك، أوضح العساف أن ما تم خلال الاجتماع الوزاري الأخير في الرياض هو أن يدخل هذا الموضوع والطلب، مثلما حدث في الطلبات الأخرى، لاتخاذ إجراءات معتادة، وهي أن يتم تمريره على لجنة الاتحاد الجمركي، ثم يتم مناقشة الموضوع من قبلها، لترى الحلول الأفضل، ثم تقوم برفع ما توصلت إليه إلى لجنة التعاون المالي والاقتصادي، وهو الإجراء المعتاد، ولم يكن هناك اتفاق ضمني حول هذه القضية حتى الآن.

من جانبه، رأى محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر في كلمته خلال افتتاح المؤتمر إلى أن الأزمة أظهرت ثلاثة مخاطر كبرى في الطريقة التي تعمل بها مؤسسات النقد والبنوك المركزية، مشيراً إلى أن تلك المخاطر تتضمن الحد من سياسة النقد التقليدية، وتدفقات رؤوس الأموال والمراقبة المالية التي كانت غير كافية.

ولفت الجاسر إلى أن سياسة النقد التقليدية اعتمدت على هدف واحد التضخم، وأداة سياسة واحدة quot;معدل سعر الفائدة قصير الأجلquot;، وأثبت الهدف أنه غير ملائم، لأن التضخم المستهدف أو استقرار السعر ليس كافياً للحفاظ على استقرار مالي، ونظراً إلى خطورة الأزمة الحالية، وحقيقة أن معدلات السياسة هي قريبة للصفر، فأشار إلى أن البنوك المركزية في الدول المتقدمة طبقت معايير سياسة نقدية غير تقليدية، اشتملت على شراء كل أنواع الأصول ووضع متطلبات ضمان إضافية مريحة وضخ مزيد من رأس المال والسيولة.

وأضاف أن هذه الإجراءات تشير مجتمعة إلى تقليل الدين، مبيناً أنه في الأزمات السابقة تصرفت البنوك المركزية كمقرض، بيد أن ذلك التقليل كشف أنهم أيضاً مشترون للملاذ الأخير، وكان حاسماً للحل الناجح للأزمة، التي كانت السياسة النقدية منسقة من خلال مجموعة العشرين والمملكة العربية السعودية أحد أعضائها.

وألمح الجاسر أن الوضع في الاقتصاديات الصاعدة يبدو مختلفاً، نتيجة للنمو الجيد والتضخم المتنامي وتوقعات التضخم، لافتاً إلى أن بعض البنوك المركزية الصاعدة بدأت سياسة مشددة من خلال نسبة الاحتياطي النقدي وارتفاعات معدل سعر الفائدة، بيد أن تلك الأسواق تواجه طبيعة متقلبة لتدفقات رأس المال التي أوقعتها في أزمة، بعدما سحبت البنوك الدولية والمستثمرون النقد خارجاً لتجنب خسائرهم في أمكنة أخرى.

وأشار إلى أنه في الاقتصاد العالمي والأسواق المتكاملة ومع تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي طويلة المدى وسوق الأسهم قصيرة المدى وتدفقات البنك والسياسة النقدية، فإنها مجتمعة لا يمكن أن تكون غير مهمة لعوامل خارجية النمو، موضحاً أن دورة تدفقات رأس المال التقليدية بدأت مع تصور جيد في الأسواق الصاعدة، وفي الوقت الذي تزداد فيه سخونة الاقتصاد، فإن ذلك يكفل سياسة نقدية أكثر تشدداً، وهو بدوره يشجع تدفق رأس المال بشكل أكثر، ويفاقم الضغط المتصاعد على معدل الصرف والطلب الداخلي.

وقال إن مثل تلك التطورات تستدعي إحداث توازن أكثر دقة بين التصور السياسي وردود فعل السوق، مشيراً إلى أنه في المملكة العربية السعودية فالاستثمار الأجنبي المباشر هو أكثر وضوحاً، نتيجة لفرص الاستثمار الجاذبة في قطاع البتروكيماويات والبنى التحتية والمصانع.

وأفاد الدكتور الجاسر أن المرونة في النظام والإشراف على قطاع الخدمات المالية كان أساس المشكلة المالية العالمية الأخيرة، وهناك موضوعات خاصة بنظام الموازنة والمنافسة لجذب المؤسسات المالية للمراكز المالية العالمية، عن طريق استخدام بعض الأنظمة، بيد أن النقطة الأساسية أنه قبل الأزمة الأخيرة فإن الأنظمة ركزت بصورة أساسية على استقرار المؤسسات الخاصة أكثر من النظام بصورة كاملة.

ومضى إلى القول إن الإطار القائم للنظام البنكي ليس حصيفاً بصورة كافية، وظاهرياً يمكن أن يكون النظام الدقيق الحصيف قد ساهم في وجود بعض المخاطر الكبيرة، وحدث هذا لأن الأنظمة البسيطة ركزت على رصيد الأفراد في البنك دون النظر إلى معيار الأثر الكلي على المخاطر المتمركزة في مناطق معينة، مبيناً أن هناك الآن إجماعاً لمصلحة مواجهة التقلبات الدورية، وأن تطبيق تلك السياسة يجب أن تنشط، وتكون موثوقة من أجل زيادة المرونة.