تسارع دول منطقة اليورو، كما اسبانيا وايطاليا وفرنسا، في تبني خطط تقشف صارمة، في موازناتها العامة، تضعها بمنئى عما حصل باليونان. بيد أن الخبراء يربطون هذه التحركات الحكومية، الرامية الى قطع الانفاق العام وزيادة الضرائب، باصابة منطقة اليورو، على المدى القصير، بدوامات جديدة ستلعب دوراً في تعاظم التضخم المالي.

برن (سويسرا): سيلعب المصرف المركزي الأوروبي، الذي من المتوقع أن يقطع نسب الفوائد من واحد في المئة الى الصفر، لغاية نهاية العام، دوراً بارزاً في تقرير مصير اليورو واعطاء دول اليورو الزخم اللازم للانتعاش اقتصادياً.

ولا أحد يستبعد اليوم تعرض الوحدة المالية الأوروبية لانتكاسة قريبة من جراء خطأ فادح تم ارتكابه في الماضي، وتمثل في اعطاء الضوء الأخضر لدول، كما اليونان والبرتغال، لتبني اليورو على الرغم من غياب صلابة الأنظمة المالية لهاتين الدولتين. في الوقت الحاضر، تتحرك اليونان لتعزيز علاقاتها مع بلغاريا بهدف استقطاب الأثرياء هناك الى مشاريع سياحية يونانية ذات ثقل دولي. يذكر أن السياسات المالية والضريبية، في كل دولة من دول اليورو، تتمتع باستقلالية شبه تامة.

ما يجعل المضاربات، في الأسواق المالية الأوروبية، سيدة الموقف وتتمتع بمفعول أقوى من أي مناورة تقودها دول منطقة اليورو لتفادي الخسائر في الأسواق. وبغياب وحدة سياسية أوروبية، فانه من الصعب، على هذه الحكومات، المضي قدماً، وبصورة مشتركة، بعملة موحدة تناضل يومياً من أجل المحافظة على سمعتها أمام الدولار الأميركي.

في سياق متصل، يشير الخبير quot;كريستوف غوبسرquot;، من المصرف السويسري المركزي، لصحيفة ايلاف الى أن أوروبا لا تراهن على الولايات المتحدة الأميركية للافلات من أزمتها. اذ ان الانتعاش الاقتصادي الأميركي ما يزال متواضع للغاية ولا يمكن أن يكون قاطرة لاقتصاد منطقة اليورو، حالياً.

على صعيد التوقعات السويسرية، للأعوام الثلاثة القادمة، يتوقع هذا الخبير أن ينمو الاقتصاد الأميركي حوالي 3 في المئة بدلاً من 5 الى 6 في المئة التي يحتاجها لتوفير فرص عمل جديدة. علاوة على ذلك، ينوه هذا الخبير بأن موجة جديدة من الكساد الاقتصادي العالمي غير واردة اليوم. بيد أن الانتعاش الاقتصادي، لدى جميع الدول الصناعية، سيكون بطيئاً وسيتقدم الى الأمام بسرعة السلحفاة.

في حين، ستكون الأوضاع الاقتصادية في الدول النامية، كما الصين والبرازيل والهند واندونيسيا، أفضل بكثير حيث من المتوقع لهذه الاقتصاديات أن تنمو 5 الى 8 في المئة، لغاية عام 2013. في ما يتعلق بروسيا، يبرز من تصريحات هذا الخبير تفاؤل أقل لكون النمو الاقتصادي هناك يرتكز على الطاقة. في موازاة ذلك، تمر روسيا بقضايا فساد خطرة وما زالت تحتاج الى اصلاحات جذرية في بنيتها التحتية.

بالنسبة لسويسرا، يرى هذا الخبير فرصة ذهبية للشركات السويسرية في توطيد أعمال الاتصالات والطاقة في دول أفريقيا الشمالية، وعلى رأسها الجزائر. في السنوات الخمس القادمة، من المتوقع أن يصل اجمالي الاستثمارات السويسرية بأفريقيا الشمالية الى 11.2 بليون فرنك سويسري.