يبدو أن الحكومة المصرية قد ألقت همّ توفير المياه وتقنين استخدمها على عاتق الفلاح البسيط، ظهر ذلك في شكوى المزارعين من قرار وزير الري نصر الدين علام بتحديد المساحات المزروعة بالأرز بمليون و100 ألف فدان، القرار الذي جاء ليثقل هموم الزراعة المصرية التي يعتمد أصحابها على هذا المحصول بصورة كبيرة.

القاهرة: رصدت quot;إيلافquot; معاناة المزارعين المصريين وتذمرهم من قرار تقليل مساحات زراعة الأرز، حيث عبّروا عن تظلمهم من استبدال زراعة الأرز بمحاصيل أخرى مثل الذرة وفول الصويا، وفرض عقوبات على من يخالف هذا القرار، وقد تحدث عدد من المزارعين لـquot;إيلافquot; ndash; فضلوا عد ذكر أسمائهم، وأوضحوا أنه قبل الحديث عن أزمة المياه كان هناك نقص في مياه الري، وكانت المحاصيل تروى بمياه الصرف الصحي، وكان توفيرها يمثل عائقًا كبيرًا لديهم، يتكبدون لأجله الجهد والمال.

وأضافوا أن أحوال الزراعة في مصر لا تتحمل المزيد من الأعباء، مشيرين إلى أن الأرز من أكثر المحاصيل ربحًا، ومع ذلك تتراوح قيمة ربحيته بين 500- 700 جنيه فقط للفدان في الموسم الواحد الذي يمتد لمدة 6 أشهر كاملة، وهو مبلغ ضئيل جداً مقارنة بالمجهود المبذول في زراعة الفدان، وقد أكد عدد كبير من المزارعين أنهم لن ينصاعوا لهذا القرار ولن يدفعوا الغرامة.

من جانبه، قال على شرف الدين رئيس شعبة الحبوب بإتحاد الغرف التجارية إن قرار تقليص المساحات المزروعة بالأرز سوف يؤدي إلى زيادة الأسعار في السوق المحلية، واتجاه الأغلبية العظمى من متوسطي ومحدودي الدخل إلى الضغط على استهلاك الدقيق ومنتجاته، موضحًا أن تقليل مساحات الأرز إلى مليون و100 ألف لن ينتج منه أكثر من 3 ملايين و300 ألف طن أرز شعير، وتلك الكمية توفر مليوني طن من الأرز الأبيض، بينما يقدر الاستهلاك المحلي بنحو 3.2 مليون طن، أي أنه ستحدث فجوة تقدر بنحو 1.2 مليون طن.

ورأى أن التذرع بخفض مساحة الأرز لتوفير استهلاك المياه أمر مردود عليه، حيث تقدمت الشعبة بمذكرة إلى رئيس مجلس الوزراء تقترح توجيه رسم الصادر على الأرز لتطوير نظم الري وتحلية مياه الصرف الزراعي، مما يوفر نحو 40 % من الفاقد، إلا أن هذه المذكرة لم تأخذ طريقها للتنفيذ.

في حين قلل الدكتور عبد السلام عبيد المشرف على برنامج الأرز في معهد المحاصيل الحقلية من المخاوف المثارة بشأن ارتفاع أسعار الأرز جراء تخفيض المساحات المزروعة منه، مشيرًا إلى أن إنتاجية المساحة التي حددتها وزارة الري لزراعة الأرز- 1.1 مليون فدان- سوف تغطي الاستهلاك المحلي، فضلاً عن أنها سوف توفر المياه اللازمة لزراعة المحاصيل الصيفية المنافسة للأرز مثل الذرة والقطن، تلك المحاصيل التي ترتبط ارتباطًا شديدًا بالأمن الغذائي المصري.

وأوضح أنه خلال العام الماضي quot;تمت زراعة 1.650 مليون فدان بالأرز، وبفضل الاستعانة بالأصناف المحسنة، التي بلغت إنتاجيتها 4.15 طن للفدان فقد حققنا صافي إنتاج يقدربـ7 ملايين طن شعيرquot;، مشيرًا إلى أن حجم استهلاك السوق المحلية من الأرز يصل إلى 3.5 مليون طن، أي أن هناك فائضًا يوازي حجم ما نستهلكه، وفي ظل تفاقم أزمة المياه والتوسع في زراعة الأراضي المستصلحة كان لا بد من إعادة النظر في هذا الفائض، خصوصًا أنه يوجه إلى التصدير.

وحول الإجراءات التي تم اتخاذها للحيلولة دون تأثر سوق الأرز المصري جراء تخفيض المساحات المخصصة لزراعته أشار عبيد إلى أنه تم اعتماد إستراتيجية جديدة تقوم على محاور عدة، أولها زيادة إنتاجية محصول الأرز رأسيًا، من خلال الاستمرار في استنباط الأصناف الأقل استهلاكا للمياه، عالية الإنتاجية ndash; أكثر من أربعة أطنان للفدان. وزيادة إنتاجية الأراضي ذات الملوحة العالية في مناطق شمال الدلتا وشرقها، التي تقدر مساحتها بـ 400 ألف فدان. إضافة إلى نشر وزيادة مساحات أصناف الأرز الهجين، التي تتراوح إنتاجيتها بين 5.5 ndash; 6 أطنان للفدان، وهو ما يزيد بمقدار الضعف عن إنتاجية الأصناف العادية.