ستكون الدورة الخامسة لمجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي المرتقبة الثلاثاء المقبل في لوكسمبورغ، محطة مفصلية للدولة العربية التي تبحث عن تعديل بعض أحكام هذه الشراكة على خلفية عدم التوازن الحاصل، وتبعات الانخفاض المحسوس لعملة اليورو.
الجزائر: تريد الجزائر حماية مصالحها وعدم السقوط مجدّدًا في الفخاخ التي برزت خلال السنوات الخمس الأخيرة جرّاء quot;اتفاق الشراكة المتسرعquot; المبرم مع المجموعة الأوروبية في سبتمبر/أيلول 2005. ولعلّ هذا ما بيّنه اعتراف المحافظ الأوروبي للتجارة بيتر ماندلسون بقوله إنّ الاتفاق المذكور quot;لم يكن جيّدًا بالنسبة إلى الجزائرquot;، ما جعل دول الاتحاد الأوروبي تكون المستفيد الأكبر منه، وهو ما يفرض مراجعته وتحيينه، وتمكين الجزائر من الاستفادة منه بشكل أكبر.
ويشير الدكتور إبراهيم قاسم الخبير الاقتصادي الجزائري، إلى أنّ الانخفاض المحسوس لعملة اليورو، يستدعي مراجعة اتفاق الشراكة الجزائرية الأوروبية. ويرى قاسم في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ الوقت بات مناسبًا لإعادة النظر في اتفاقيات التعاون التي تربط الجزائر بالاتحاد الأوروبي، بطرح جديد، يضمن للجزائر حماية نسيجها الاقتصادي، ولا سيما أنّ عملة اليورو تعرف حالة من الركود وعدم الاستقرار، قد يستمران فترة طويلة.
ويوضح قاسم أنه يتعين على الجزائر أن تستعمل كل الأوراق التي تملكها حاليًّا من أجل التفاوض من جديد مع الاتحاد الأوروبي على اتفاقيات التبادل الاقتصادي والتجاري، خصوصًا أنّ قيمة اليورو سجلت انخفاضًا لافتًا في الأشهر الستة الأخيرة بنسبة 20 %، وهو ما أدى إلى خفض بعض حصص المنتجات الموجهة للتصدير الممنوحة للجزائر في إطار هذا الاتفاق.
ويبرز مسؤول بارز في وزارة التجارة الجزائرية أنّ المراجعات المرتقبة لاتفاق الشراكة ستخص بشكل أساسي، المنتجات الجزائرية الموجهة للتصدير نحو الاتحاد الأوروبي والمعفاة من الرسوم الجمركية، مضيفًا لإيلاف أنّ المعايير المفروضة على هذه المنتجات ليست في متناول المصدرّين الجزائريين، وهو ما ينطبق على عديد المنتجات الزراعية والصيد البحري التي تريد الجزائر إعادة التفاوض حول حصص هذين القطاعين، بغرض تسهيل تموقعها في السوق الأوروبية على المديين القريب والمتوسط.
ولدى لقائه بالمفوض الأوروبي لسياسة الجوار ستيفان فوليه، شدّد وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي على ''عدم توازن الشراكة السارية المفعول، لذا ألح على حساسية الارتقاء بالتعاون لمستوى تطلعات الطرفين، وتفعيل البند المتعلق بمراجعة وتصحيح الوضعيات السلبية الناجمة عن تطبيق الاتفاقية، وانتقد مدلسي تغليب الجانب الأوروبي الجانب التجاري على الاستثمار المباشر الذي نصّت عليه الشراكة الجزائرية الأوروبية.
على ضوء ما تقدّم، تعتبر دورة الثلاثاء المقبل، حاسمة للجزائريين الباحثين على تجاوز نقاط الضعف، وتقويم مسار الشراكة، ولا سيما أنّ ثلاثة آلاف شركة جزائرية ناشطة تعدّ حاليًا quot;الأضعف متوسطيًاquot;، بحكم دفع الجزائر quot;ثمن توقيعها على اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي غاليًاquot;، علمًا أنّ بيانات رسمية حديثة تكشف عن تكبّد الجزائر خسائر تربو عن ستمئة مليون دولار سنويًا، بسبب تبنيها مبدأ التفكيك الجمركي.
وقد تخسر ثلاثة مليارات دولار، في حال عدم رفع الحجم المتواضع للصادرات الجزائرية، والدخول فى مراحل متقدمة من اتفاق الشراكة آفاق سنة 2017، مع الإشارة إلى أنّ الجزائر والاتحاد الأوروبي وقّعا مذكرة تعاون لفترة 2011-2013 بقيمة 172 مليون يورو.
وتبلغ قيمة صادرات الجزائر إلى الخارج بلغت نحو 60 مليار دولار، فيما بلغت وارداتها قرابة 27.5 مليار دولار، بفائض تجاوز 32 مليار دولار خلال العام الماضي، وتصدّر الجزائر المواد البتروكيميائية والمنجمية. في المقابل تستورد معظم المنتجات الصناعية والغذائية.
التعليقات