لم يحظ القانون الجديد للعقار الزراعي في الجزائر بإجماع الأطراف كافة، حيث لا يتفق متعاملون بشأن محددات الملكية والاستغلال، في بلد ظلّ فيه ملف العقار الزراعي خاضعًا لشدّ وجذب مزمنين.

الجزائر: أقرّ مجلس الوزراء الجزائري في اجتماعه الأخير، مشروع قانون العقار الزراعي، الذي يمنح حق استغلال الأراضي الزراعية حصريًا لنظام الامتياز لمدة أربعين سنة قابلة للتجديد، مقابل إتاوة تدفع للخزانة العامة، كما جرى التأكيد على إبقاء الأراضي المعنية ملكًا للدولة.

الأمين العام لاتحاد الفلاحين الجزائريين محمد عليوي

مشروع القانون نفسه، الذي استبعد الأجانب من الامتياز المذكور، تضمّن إجراءات مستحدثة لتأطير العقار الزراعي، وبعث الأنشطة الزراعية، ويخوّل القانون المستحدث لعموم المستفيدين حق تقديم رهون لدى المصارف، من أجل الحصول على قروض، مع تقديم الدولة تحفيزات، بما يسهّل استعمال الأساليب الزراعية الحديثة، لإنهاء معضلة قطاع ظلّ يعاني مشكلات عدة.

وفي تصريحات خاصة بــquot;إيلافquot;، اعتبر محمد عليوي، الأمين العام لاتحاد المزارعين الجزائريين، أنّ قانون العقار الزراعي الجديد يشكّل دعامة للأمن الغذائي والاستقرار، على درب تحديث المنظومة الزراعية والاستجابة لمتطلبات وتطلعات المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

ويرى عليوي أنّ القانون نفسه تجاوب مع مطالبات المزارعين بشأن تحديد مدة استغلال الأراضي بأربعين سنة متجددة، وهو ما يفسح المجال ndash; بنظر عليوي ndash; لتمكين ثلاثة أجيال كاملة من استغلال هذه الأراضي.

بدوره، يؤكد وزير الزراعة الجزائري رشيد بن عيسى أنّ قانون العقار، بثوبه الجديد، سيوفر المزيد من الشفافية في تسيير المستثمرات الزراعية الفردية والجماعية. وينبّه المسؤول الأول عن قطاع الزراعة في الجزائر، إلى أنّ التشريع الذي سيدخل حيز التنفيذ، حال تزكيته من نواب الجمعية الوطنية (البرلمان)، سينهي مرحلة طويلة، كانت فيها السمسرة بالمساحات الزراعية سيدة للموقف، فضلاً عن تدارك هفوات الماضي، وضياع 200 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، إلى منشآت ذات طابع مغاير.

ويدافع بن عيسى عن القانون إياه تبعًا لما سيترتب عنه من ضمان استمرارية المستثمرات الزراعية المنتجة والحفاظ عليها، عبر هياكل زراعية مكيّفة، إضافة إلى تمكين الاستعمال العقلاني للأراضي، من خلال تكييف أنظمة الإنتاج، وبوجه خاص في المناطق المهدّدة، بفعل عوامل التدهور المناخي، وما يرتبط بانجراف التربة.

على طرف نقيض، يعارض متعاملون هذا القانون، ويعتبرونه مرفوضاً بحكم اعتباره المزارع مستأجرًا للأرض لمدة لا تتجاوز الأربعين عامًا بدل 99 عامًا، مثلما كان معمولاً به حاليًا، وهو ما يرفضه جمهور المزارعين جملة وتفصيلاً، بهذا المعنى، يشدّد صالح قايد، المتحدث باسم اتحاد quot;المزارعين الجزائريين الأحرارquot;، أنّ الخطوة تنطوي على محاذير، وتستكمل بمنظاره الشروخ الناجمة من قانون التوجيه الزراعي المعتمد قبل سنتين، ويبني محدثنا حكمه بناء على تجريد القانون لغالبية المزارعين من ملكية مستثمراتهم من زاوية quot;إعادة النظر في عقود استغلال هذه المستثمراتquot;.

من جهته، يعتقد يحيى زان، الأمين العام لاتحاد المهندسين الزراعيين الجزائريين، أنّه كان يجدر بالسلطات أن تنظر إلى ملف العقار الزراعي في إطار استيرتجية محلية شاملة، تقضي على العراقيل التي حالت دون نشوء استثمارات كبيرة في القطاع الزراعي، وأبقته رهين استثمارات عامة، بينما الاستثمارات الخاصة ظلت ضعيفة جدًا.

ويستدل زان إلى كون 2.7 ملايين هكتار أراضي صالحة زراعة، جرى توزيعها في إطار مستثمرات فردية أو جماعية، وهي أراض خصبة، مهددة بزحف الأسمنت، ولا بدّ من قانون يحميها بشكل صارم، تمامًا مثل الأراضي في منطقتي الصحراء والهضاب، التي تزيد عن 8.5 ملايين هكتار، وهي أيضًا أراض صالحة للزراعة، لذا لا بدّ من الانتقال إلى زراعة مؤسساتية محمية بقوانين أكثر نجاعة.

ويُرتقب في ظلّ ما تقدّم، أن تكون المعركة ساخنة في الأيام المقبلة، لا سيما حول إشكال المدة القانونية لاستغلال الأراضي المطروح بحدة، تمامًا مثل سحب الأراضي من طرف الإدارة، حتى وإن كانت كل المؤشرات توحي بأنّ النص التشريعي ماض إلى الترسيم، خصوصًا أنّ مبايعة نواب غرفتي البرمان لمشروع الحكومة، ليست سوى تحصيل حاصل.