استبعدخبراء تحدثوا إلى quot;إيلافquot; أن تطيح العاصفة الضريبية الحالية في الجزائر باستثمارات مجموعة الاتصالات المصرية quot;أوراسكومquot; هناك، بعدما ترددت في الشارع المحلي أخيراً أنباء غير رسمية عن قرار غير معلن من طرف السلطات بتصفية شركة quot;جازيquot; العلامة التجارية لمجموعة أوراسكوم بسبب رفضها تسديد الضرائب المتراكمة عليها.
الجزائر: التقت quot;إيلافquot; الخبيرين الاقتصاديين الهادي كلكالي وأنيس بن مختار، وسألتهما حول آفاق المجموعة المعنية في الجزائر، والآثار الاقتصادية المحتملة الحدوث بجانب ما يلفّ سوق الهاتف الخلوي في الجزائر.
يعتقد الخبير الاقتصادي الجزائري الهادي كلكالي أنّه من السابق لأوانه الحديث عن مسألة تصفية شركة عملاقة بوزن quot;جازيquot; لكون المتعامل المصري العملاق استثمر منذ دخوله السوق الجزائرية قبل ثماني سنوات ما لا يقل عن 4 مليارات دولار، وظلت جازي إحدى العلامات التجارية الأكثر دخلاً لمجموعة أوراسكوم، وهو ما يبرزه نجاحها في استقطاب أكثر من63.7 % من مشتركي المحمول في الجزائر.
ويصرّ كلكالي على كون الإشكال الحاصل اقتصادي محض والخروج منه يكمن في قيام مجموعة آل ساوريس، مطالبة بدفع ما يقارب 665 مليون دولار كمستحقات ضريبية للدولة الجزائرية، وهذا الأمر عادي وإلزامي لكل الشركات بموجب التصحيح الضريبي الذي دخل حيّز التنفيذ منذ فترة.
وعما إذا كان امتناع المتعامل المصري عن الدفع يشكّل بداية النهاية، يشير كلكالي إلى حتمية انتهاء المهلة القانونية الممنوحة للشركة من أجل دفع هذه المستحقات، كما يدعو محدثنا إلى عدم الانسياق وراء ما يتردد هناك، طالما أنّ ما يجمع أوراسكوم يفوق بكثير علاقة شركة أجنبية بدولة راعية للإستثمار، حيث يحيل كلكالي إلى كون العلاقة سياسية قبل كل شيء، كما إنّه ليس من مصلحة الدولة الجزائرية تصفية هذه الشركة في الوقت الراهن، خصوصاً وأنّ ذلك ستكون له تداعيات سلبية على مناخ الإستثمار الذي تنشده الجزائر، وتعمل على التسويق له بغرض استقطاب كبرى المشروعات الإستثمارية العربية والدولية.
ويرجّح كلكالي أن تلجأ السلطات الجزائرية إلى أساليب قانونية أكثر صرامة لإرغام الجانب المصري على دفع مستحقات الجزائر الضريبية، في هذا الصدد، يتوقع كلكالي منع كوادر جازي المصريين والأجانب من تحويل رواتبهم الشهرية إلى بلدانهم الأصلية، مع إمكانية فرض تدابير قانونية جديدة تتجه إلى quot;جزأرةquot; فرع أوراسكوم واستبعاد الكوادر المصرية، بدلاً عن تصفية جازي الذي يبقى إجراء صعباً.
من جانبه، يلاحظ الخبير أنيس بن مختار أنّ الجزائر، وخلافاً لما هو معمول في بلدان العالم، منحت مجموعة أوراسكوم مزايا بالجملة منذ دخولها السوق الجزائرية قبل تسع سنوات، وهي خطوة اتخذتها الدولة الجزائرية لتعزيز التبادلات التجارية العربية وتشجيع المستثمرين العرب، وهو ما سمح لجازي بالانطلاق في أحسن الظروف، ما مكّنها من اكتساح سوق الهاتف الخلوي واحتلال ريادته بدون منازع، وهو ما فتح لها بوابة الاستثمار في مجال البناء، من خلال مصنع الأسمنت في محافظة المسيلة (330 كلم شرق).
ويرى بن مختار أنّ quot;البرودquot; حصل بين الحكومة الجزائرية وأوراسكوم، عندما قررت مجموعة آل ساوريس بيع مصنع الأسمنت المذكور إلى شركة لافارج الفرنسية، وهو ما جعل الحكومة الجزائرية تشعر بالخيانة، خصوصاً وأنّ المصنع ذاته كان يستفيد من بيع الغاز بأسعار محلية وليست دولية، تحت غطاء الشراكة والتعاون العربي، وهذه الخلفية دفعت الجزائر في صيف العام 2008 لاستصدار مجموعة من القوانين لحماية اقتصادها، أهمها الزامية إعادة استثمار نسبة من الأرباح في الجزائر، وصارت شركة جازي اليوم في نظر الحكومة الجزائرية كأي متعامل اقتصادي تطبّق عليها القوانين، ولا تستفيد من أي امتياز.
ويظنّ بن مختار أنّ إدارة أوراسكوم تحاول اليوم فقط المناورة، من خلال تصريح مسؤولها الأول أنه إذا لم يكن هناك ترحيب بمجموعته في الجزائر فإنها ستغادر، لكن ذلك لن يحصل بمنظار بن مختار، خصوصاً وأنّها ستتكبّد خسائر كبيرة، وستسقط قيمتها في البورصة، ما يرغمها على الإذعان ودفع الضرائب المترتبة عليها.
ويتفق كلكالي وبن مختار في كون سوق الهاتف الخلوي في الجزائر، لن يتأثر في حال انسحاب محتمل لأوراسكوم، بحكم وجود متعاملين لهم وزنهم، على غرار الجزائرية للاتصالات ومجموعة الوطنية الكويتية، وإمكانية دخول متعاملين أوروبيين وعرب يمكنهم شراء حصص المتعامل المصري في الجزائر.
وفيما أحجم quot;حميد قرينquot; المتحدث باسم شركة جازي عن التصريح، أفادت مراجع محلية أنّ الحكومة الجزائرية، وخلافاً لما أعلنه مصدر مأذون قبل أيام، لا تريد رحيل المتعامل المصري، مثلما لم تطالب أوراسكوم بالمغادرة، في حين قال وزير المال quot;كريم جوديquot;، في تصريح صحافي، إنّ ملف المجموعة المصرية مرشّح للإحالة على المنازعات القضائية، إذا لم تسدد المستحقات الضريبية المترتبة عليها، وأوضح جودي أنّ أوراسكوم سدّدت 20 % من الجباية المفروضة عليها، لكنها مدعوة للوفاء بـ80 % المتبقية في غضون الفترة القليلة المقبلة، معطياً الانطباع بأنّ عقوبات صارمة ستطال المتعامل المصري، في حال استمرار رفضه دفع الضرائب المتراكة عليه خلال السنوات الأخيرة.
التعليقات