أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم موقف بلاده الرافض للانضمام إلى العملة الخليجية الموحدة في الوقت الحالي، خاصة وأن التجارب الأخرى، مثل العملة الأوروبية الموحدة تواجه مشاكل اقتصادية. وفيما رفض الشيخ محمد اطلاق تسمية quot;ركودquot; على وضع الاقتصاد العالمي اكد ان دبي وأبوظبي وبقية الإمارات بخير.

Dubai ruler Sheikh Mohammed bin Rashid al-Maktoum ...

دبي: اعرب محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن شكوكه في جدوى اطلاق عملة خليجية موحدة ودافع عن ربط الدرهم الاماراتي بالدولار، وذلك في مقابلة بثتها الجمعة شبكة سي.ان.ان.

وقال الشيخ محمد خلال حوار مع جون ديفتيريوس مقدم برنامج quot;أسواق الشرق الأوسطquot; إن الامارات التي انسحبت من مشروع العملة الخليجية الموحدة quot;لن تقدم على اي تغيير في الوقت الراهن، الى ان تكتمل لدينا القناعة بأن هناك جدوى حقيقية وفائدة ملموسةquot;.

يذكر ان الامارات وسلطنة عمان انسحبتا من مشروع العملة الموحدة الذي يشارك فيه الاعضاء الاربعة الاخرون في مجلس التعاون الخليجي (السعودية والكويت وقطر والبحرين) الذين وقعوا ميثاقا حول الاتحاد النقدي. وينص هذا الميثاق الذي يعود الى ايار/مايو 2009، على انشاء مجلس نقدي في الرياض في 2010 يتحول الى بنك مركزي يكلف اتخاذ التدابير الضرورية للتوصل الى عملة موحدة.

من جهة اخرى، دافع الشيخ محمد عن استمرار ربط العملة الوطنية، الدرهم، بالدولار. وكانت هذه المسألة مدار تكهنات عديدة عندما كان الدولار يتراجع امام اليورو. وقال quot;حاليا، اليورو يواجه مأزقاquot;، واضاف quot;نحن لا نزال على ثقتنا في الدولارquot;.

ولدى سؤاله عن تأثير الركود الاقتصادي العالمي والأزمة التي واجهت دبي في إعادة صياغة العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة، وخاصة تلك بين دبي وأبوظبي رد حاكم دبي بالقول: quot;نحن العائلات الحاكمة لدبي وأبوظبي ننتمي لقبيلة واحدة، فنحن إذاً عائلة واحدة. والإمارات العربية ليست دبي وأبوظبي فقط، بل هناك خمس إمارات أخرى وكلنا يد واحدة وبلد واحد وشعب واحد تحت قيادة رئيس واحد.quot;

وعن ضرورة الحصول على الدعم الخارجي في ضوء إعادة الهيكلة الحاصلة بشركات دبي قال الشيخ محمد: quot;تقوم الشركات بإعادة الهيكلة لمجاراة الوضع العالمي الجديد. لست قلقاً بشأن الشركات، فلديها الثروة وستعود للتألق قريباً جداًquot;.

وتابع: quot;لقد مرت أسوأ الظروف ونحن اليوم نتطلع نحو النمو القادم وعلينا أن نستعد لننتهز الفرصة وأن نكون السباقين في الحصول عليها. سنكمل كل ما بدأناه. قد تتأجل بعض المشروعات التي نفكر فيها أو خططنا لها بالفعل لمدة ستة أو ثمانية شهور أو سنة، ولكن الباقي سيستمر ويتقدمquot;.

وأعرب الشيخ محمد عن ثقته بأن العودة إلى التقدم بدأت بالفعل، خاصة وأن البنية التحتية موجودة من جسور وأنفاق وطرقات، وبالتالي يمكن للاقتصاد التقدم بسهولة.

ورفض نائب رئيس الإمارات ورئيس وزرائها الحديث عن منافسة اقتصادية بين دبي من جهة، وكل من أبوظبي وقطر والسعودية من جهة أخرى قائلاً: quot; أبوظبي هي بلدي، وقطر والسعودية جارتاي الشقيقتان. أتمنى لهما الأفضل وسأساعدهما إذا كان بوسعي أو إذا طلب مني أن أساعد في نموهما، لأننا بحاجة للنمو في المنطقة ككل وليس فقط في دولة الإمارات العربية المتحدةquot;.

الجدير بالذكر أن برنامج quot;أسواق الشرق الأوسطquot; على شاشة سي إن إن CNN يلقي الضوء على القضايا والتنمية والاتجاهات التي تؤثر في عالم الأعمال في المنطقة. ويقدم البرنامج ومدته خمس عشرة دقيقة المذيع الحائز على الجوائز جون ديفتيريوس، ويتناول خلاله الكشف عن قصص مثيرة وعرض قضايا تفصيلية ومحاورة الرواد من رجال الأعمال، كما يقدم تغطية خاصة لصفقات الأعمال المهمة.

ويعتبر جون ديفتيريوس خبيراً في قطاع الأعمال بمنطقة الشرق الأوسط، ولديه خبرة تحريرية في قطاع الأعمال والشؤون الجارية اكتسبها خلال أكثر من عشرين عاماً. وقد قام بتغطية حرب الخليج وسقوط حائط برلين وتفجيرات المركز التجاري العالمي ومؤتمرات جي 8 (G8)، وحوادث الشغب في لوس أنجلوس.

ويقول ديفتيريوس إن لديه شغفا بقضايا الشرق الأوسط، خصوصاً مسائل الإصلاحات الاقتصادية واتجاهات الاستثمار الموجودة في المنطقة اليوم. كما يسحره تاريخ المنطقة مع ما يحدث فيها من تغيّرات خلال القرن الحادي والعشرين. ويضيف أنه كان طوال حياته، ومنذ أن كان في سن السابعة وهو يحلم أن يكون صحافياً.

في ما يلي مقتطفات من الحوار:

- الشيخ محمد: عليك أن توجد لنفسك المساحة التي تود أن تتحرك فيها. فماذا الذي يتوجب عليك أن تفعله؟ هناك من يملك الرؤية .... وهناك من لديه رؤى محدودة فيرسم إطاراً ضيقا وآمنا لنفسه ويعمل ضمنه، أما نحن، فرؤيتنا هي أن نكون في المرتبة الأولى سواء كان في مجال الطيران أو الخيول أو غيرها من المجالات. فإذا ما أحسنت عملك فلا بد من أنك ستحقق رؤيتك.

- جون ديفتيريوس: بالعودة إلى فترة الشهرين اللذين تليا أحداث الحادي عشر من ايلول- سبتمبر، قمتم بإبرام صفقة لشراء طائرات بقيمة 15 مليار دولار، وبعد ستة أشهر من بدء عملية إعادة الهيكلة، جراء الأزمة المالية هذه، أبرمتم صفقة أخرى بـ 11 مليار دولار، من الواضح سموكم أنكم مهتمون بقطاع الطيران، وتسعون إلى إبراز دبي في هذا المجال، وأنكم تقدمون على ذلك بجرأة وعزم كبيرين.

- الشيخ محمد: أعتقد أن الأمر مقرون بالفرص، يجب على الإنسان أن يغتنم الفرص لا أن يضيعها لمصلحة فرص أخرى، وإن قيام طيران الإمارات بإبرام صفقة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر يُعزى إلى مسألة اغتنام الفرص، وفي الوقت الحاضر بالطبع، ونتيجة للنمو المطرد في المطارات وأعداد المسافرين والسياح، أقدمت طيران الإمارات على هذه الخطوة. وأعتقد أن طيران الإمارات تعتزم إبرام صفقة طائرات جديدة خلال معرض الطيران في فارنبورو.

- جون ديفتيريوس: صفقة ضخمة أخرى في تموز- يوليو، هل هذا ما تقصد؟

- الشيخ محمد: أعتقد أنهم مضطرون لذلك بسبب النمو الكبير، والكبير جداً جداً، الذي ألاحظه في مطارات دبي والإمارات.

- جون ديفتيريوس: بالاستماع إلى سموك، يبدو أنك لا تشاطر صندوق النقد الدولي، على سبيل المثال، القلق الذي يساوره إزاء استمرار الركود في دبي والمنطقة ككل.

- الشيخ محمد: حسناً، أعتقد أن الركود يسود العالم أجمع، وأنا لا أسميه ركوداً، بل تحدياً، نتعرض كل يوم لتحديات تتعلق بقضايا متعددة، مثل المياه والطعام، كل يوم تحدٍ جديد؛ سوف تكون الحياة مملة من دون تحديات، مهما اختلفت التسميات. دبي وأبوظبي وبقية الإمارات بخير، أنت تعلم، وجميعنا يعلم، أن هناك حالة ركود، لكننا نعي تماما أنه مجرد تحدٍ وإننا نتعامل معه.

- جون ديفتيريوس: كيف أعاد الركود العالمي والأزمة المالية التي تواجهها دبي، تحديد العلاقات بين الإمارات في الدولة، ومع أبوظبي على وجه التحديد؟

- الشيخ محمد: العلاقة بين دبي وأبوظبي تأتي من حقيقة كون العائلتين الحاكمتين تنحدران من القبيلة ذاتها، لذلك نحن عائلة واحدة، والإمارات ليست أبوظبي ودبي فحسب، هناك خمس إمارات أخرى، وجميعنا نعتني ببعضنا بعضاً؛ إننا شعب واحد ودولة واحدة يحكمها رئيس واحد.

- جون ديفتيريوس: دعنا نتوقف قليلاً عند هذه النقطة، في أعقاب ما شاهدناه خلال الشهور الستة الماضية، هل ثمة حاجة لمزيد من الدعم الخارجي الإضافي لعملية إعادة الهيكلة التي تحدث حالياً؟

- الشيخ محمد : إعادة هيكلة.... الشركات تمرّ بمرحلة إعادة هيكلة لأننا أمام عالم جديد، أنا لست قلقاً على الشركة فهي تمتلك الثروة ومن المؤكد أنها ستنهض وبسرعة. أيضا العلاقات بين الإمارات جيدة جداً، ويواجهنا تحدٍ الآن بضم الإمارات الأخرى إلى الركب، لتحظى بالانسجام والتوافق نفسيهما مع أبوظبي ودبي.

- جون ديفتيريوس: لا يبدو أن القلق يراود سموك بشأن احتمال الحاجة إلى مزيد من إعادة الهيكلة في المستقبل. لقد وصلنا إلى قاع الأزمة، فهل تعتقدون أن بالإمكان التحرك نحو المستقبل بعيداً عن أية عراقيل؟

- الشيخ محمد: نحن بالفعل نمضي قدما، فالبنية الأساسية على جهوزية تامة، فلدينا الطرق والجسور، والأنفاق. ولسنا في حاجة لبدء تأسيسها من جديد، لذا؛ فنحن على أكمل الاستعداد للانطلاق ببلادنا نحو المستقبل.

- جون ديفتيريوس: إذا، فلديكم ميزات تفضيلية من ناحية البنية الأساسية. فكيف إذا يمكنكم حماية تلك القطاعات من المنافسة القادمة من دول الجوار، ومنها على سبيل المثال قطر، والسعودية، وربما أيضا أبوظبي التي تمتلك موارد للطاقة لا تتوافر لديكم؟

- الشيخ محمد: أبوظبي هي بلادي، وقطر والسعودية دولتين جارتين، وأتمنى لهما كل التوفيق وأنا على استعداد أن أمد يد العون إذا أمكنني ذلك. وإذا أبدوا رغبة فسأساعدهما على النمو، فالمنطقة كلها تحتاج إلى هذا النمو والأمر ليس حِكراً على دولة الإمارات.

- جون ديفتيريوس: تمكنتم من تأسيس مركز تجاري عالمي رابع، بعد أن كان التركيز ينصب فقط على آسيا وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، بل ساهمتم أيضاً في تحديد ما ترمز إليه منطقة الشرق الأوسط، ولكن هل سيكون هناك توجه أكبر نحو الاتحاد؟

- الشيخ محمد: إننا ندرك تماما أن ميزان القوى في العالم بدأ في التبدل، وعلينا أن نكون مستعدين لذلك.

- جون ديفتيريوس: إذا ما نظرنا إلى السوق الشرق أوسطية - وهي سوق تضم 300 مليون نسمة ndash; ومن ثم إلى منطقة دول الخليج التي تحاول تطبيق العملة الموحدة، فهل أنتم من أنصار العملة الموحدة في هذا السياق؟

- الشيخ محمد: حالياً، اليورو يواجه مأزقاً، ولقد بحثنا فكرة العملة الخليجية الموحدة واختارت دولة الإمارات التريّث، وقالت quot;ليس بعدquot;، واعتقد أن هذا هو القرار الصائب إلى أن نصل إلى يقين كامل. لذا، فنحن لن نُقدم على أي تغيير في الوقت الراهن، إلى أن تكتمل لدينا القناعة بأن هناك جدوى حقيقية وفائدة ملموسة.

- جون ديفتيريوس: إذاً، هل تعتقدون أن استقرار ارتباط العملة الإماراتية بالدولار يخدم دولة الإمارات؟

- الشيخ محمد بن راشد: نعم، نعم، ونحن لا نزال على ثقتنا في الدولار.