طلال سلامة من برن (سويسرا): يتابع العديد من المستثمرين الدوليين مصير الفرنك السويسري في الشهور المقبلة. إذ إن إعادة تقويم الفرنك السويسري، لا سيما أمام اليورو، بات يربك السلطات المالية السويسرية. ما يجعل الأنظار الدولية تسلط على الإجراءات غير المعروفة بعد، التي ينبغي على المصرف السويسري المركزي اتخاذها.
وبات الجميع يبحث عن ملجأ مالي آمن في زمن مجهول الأبعاد. وتبدو سويسرا الآن قريبة إلى الدول النامية، وبعيدة من كل الدول الصناعية المتقدمة، من جراء إعادة تقويم عملتها الوطنية، في المقام الأول.
إلى ذلك، يخشى مصرف سويسرا المركزي من مواجهة عاملين، قد يحملان معهما علامة شؤم على الاقتصاد المحلي. الأول هو الانكماش الاقتصادي، والثاني يتمثل في خسارة التنافسية الدولية في قطاع الصادرات، التي زادت 14 %، في الشهر الماضي، والتي تعتبر المحرك الرئيس في النمو الاقتصادي السويسري.
يذكر أن الانكماش الاقتصادي (deflation) حالة استثنائية، تجتاح الأنسجة الاقتصادية، ويميل معها مستوى الطلب الكلي، ليغدو أدنى من مستوى العرض الكلي. ما يؤدي إلى تقليص التداول النقدي، وارتفاع قيمة العملة الوطنية وكلفة القروض، إضافة إلى ميل مستوى الأسعار والأجور نحو الانخفاض. ولو أردنا احتساب الشريحة التي تحتلها احتياطات العملات الأجنبية، داخل الناتج المحلي الإجمالي، لوجدنا أن سويسرا تتخطى الصين بكثير.
في سياق متصل، يشير الخبير أليكساندر ميرلي من مصرف quot;يو بي اسquot; لصحيفة quot;إيلافquot; إلى أن سويسرا قادت حملة من الاستثمارات في العملات، قفز مجموعها من 94 بليون فرنك سويسري في نهاية العام الماضي إلى 239 بليون فرنك سويسري، في شهر مايو (أيار) الماضي.
وعلى المدى الطويل، فإن تراكم هذه الاحتياطات، بوتيرة زادت في شهر مايو (أيار) المنصرم أكثر من 38 %، قد يخرج عن سيطرة مصرف سويسرا المركزي، الذي يخشى مديروه أن تخوض البلاد موجة تضخم مالي جديدة، خلال 2 إلى 3 أعوام، في حال بقيت نسب الفوائد من دون تغيير يذكر.
كبديل، يرى الخبير ميرلي ضرورة بضرورة غضّ النظر عن إعادة تقويم الفرنك السويسري، إلى حد أبعد من ذلك الحالي، أو إقدام المصرف المركزي على سحب جزء من الأموال التي تغرق الأسواق الداخلية بها، عدا عن رفع نسب الفوائد. في ما يتعلق بفرض ضرائب على رؤوس الأموال (المعمول به حالياً في البرازيل مثلاً)، والمتدفقة إلى سويسرا، ينوه هذا الخبير بأنها لا تتجانس مع طبيعة السوق المالية السويسرية.
التعليقات