الرياض: تعتبر أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إحدى أكثر الأسواق استقطاباً لحلول المياه العادمة. هذا ما توافق عليه المشاركون في منتدى الأعمال للشرق الاوسط وشمال إفريقيا والذي عقد خلال أسبوع سنغافورة الدولي للمياه الذي عقد في الفترة بين 28 يونيو و 2 يوليو 2010 . وفي الوقت الذي جرى الاتفاق فيه على أن منطقة الشرق الأوسط بأكملها تشهد طلباً هائلاً على حلول إعادة استخدام مياه الصرف الصحي ومرافق إعادة التدوير، تمّ تسليط الضوء على المملكة العربية السعودية، باعتبارها السوق ذات الإمكانات الأبرز في هذا الصدد.
وجمع المنتدى صانعي السياسات وقادة القطاع والخبراء والممارسين لتناول مسألة الإمدادات الكافية من المياه وإدارتها في أنحاء منطقة الشرق الأوسط. وإضافة إلى ذلك، جرى خلال المنتدى استعراض مفهوم المدن النموذجية، وحلول المياه المبتكرة التي تعزز القيمة الاقتصادية، والتصدي في الوقت ذاته للتحديات البيئية.
وكان من بين المشاركين في المنتدى السيد منتظر مهلهل، المدير التنفيذي لإدارة التخطيط الاستراتيجي وقياس الأداء في شركة المياه الوطنية، المملوكة من الحكومة السعودية، والذي ناقش الخطط الرامية لتحسين الخدمات التشغيلية وخدمات الصيانة لشبكات المياه في جميع أنحاء المملكة، في محاولة لتقليل كميات المياه والإيرادات المهدورة نتيجة التسرب الحاصل في الشبكات. وتقدّر كميات المياه المتسربة في شبكات المياه البالغ طولها 10,000 كيلومتر، والتي تنقل المياه إلى 4.5 مليون نسمة هم سكان العاصمة السعودية الرياض، بنحو 60 في المئة من إمدادات المياه في شبكة العاصمة. وتأمل شركة المياه الوطنية بالحد من ذلك الهدر وخفضه الى 20 بالمائة.
وكانت شركة المياه الوطنية قد عيّنت في سبتمبر من العام الماضي الهيئة الوطنية الاستشارية للمياه في سنغافورة، والتي تعد شركة فرعية مملوكة بالكامل من الهيئة الوطنية للمياه في سنغافورة، كمدقق مستقل لعقد إدارة خدمات المياه والصرف الصحي في الرياض، وهو عقد الإدارة المستند إلى الأداء. وستقيّم الهيئة الوطنية الاستشارية للمياه في سنغافورة، على مدى السنوات الست المقبلة، بدعم من الشركة الاستشارية للمشروع rsquo;CDMlsquo;، أداء مقاول إدارة المياه وخدمات الصرف الصحي في الرياض، والذي يشرف بدوره على إنتاج المياه وتوزيعها في العاصمة، فضلاً عن جمع مياه الصرف الصحي ومعالجتها وتصريفها. وستجري الهيئة الوطنية الاستشارية للمياه في سنغافورة مراجعات منتظمة، كجزء من مسؤولياتها، كما ستحدد الحوافز والمستقطعات المالية المرتبطة بالأداء، وستلعب دور الوسيط بين شركة المياه الوطنية والمقاول في حال حدوث أية نزاعات.
وفي هذا السياق أوضح بادي بادمانثان، الرئيس التنفيذي للشركة العالمية لمشاريع الطاقة والمياه، أن لارتفاع التنمية الاقتصادية والنمو السكاني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أثر في تفاقم مشاكل ندرة المياه والتعامل مع مياه الصرف الصحي، التي تعاني منها المنطقة. وكاستجابة لذلك توجهت العديد من الدول الى تبني الإصلاح، فازداد توجه الحكومات إلى القطاع الخاص لتلبية احتياجاتها، الأمر الذي أدى بدوره إلى وفرة الفرص التجارية ولا سيما في المملكة العربية السعودية.
ونظراً لكون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحدة من أفقر المناطق بالمياه العذبة في العالم، فإن دول المنطقة بحاجة ماسّة للنظر في حلول تتجاوز مجرد تحقيق أقصى قدر من إمدادات المياه والإنتاجية. ويزداد تطلّع الحكومات المحلية، التي تعتمد في إنتاج المياه إلى حد كبير على تحلية مياه البحر، وهي الطريقة التي تستهلك مقادير هائلة من الطاقة، إلى القطاع الخاص لبناء مرافق لمعالجة مياه الصرف وتدوير استخدامها، وإعادة النظر في كفاءة عمليات معالجة المياه القائمة حالياً.
ووفقاً لسيد أمير باشا، النائب الأول للرئيس في شركة مويا بشناق للمياه والبيئة، فإن المملكة العربية السعودية تتمتع بأكبر الإمكانات كسوق لمرافق إعادة استخدام المياه، نظراً لوفرة الأراضي ووجود الرغبة للاستثمار في هذه المشاريع بالمملكة. ويقول باشا إن على الحكومات، بالرغم من ذلك، تقديم المزيد من التشجيع للأفراد والمؤسسات على استخدام المياه المعاد تدويرها، ويضيف: quot;استخدام مياه الصرف الصحي يحتاج إلى الدعم من سياسات الحكومة إذا ما أرادت تحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانات التدوير كمصدر آخر للمياهquot;.
مع إدراك الحكومات التام للتحديات التي تواجهها فيما يتعلق بالمياه، فإن خصخصة البنية التحتية لقطاع المياه هي في تزايد. وقد تبنّت جميع المدن في المنطقة مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال، في الوقت الذي بدأت فيه المشاريع تكتسب زخماً وسرعة.
وتعتبر الشركات السنغافورية من بين أبرز اللاعبين الدوليين على مستوى مشاريع المياه الرائدة في أسواق دول الخليج. ووفقاً لسام أونغ، الرئيس التنفيذي لشركة هايفلكس Hyflux المحدودة، فإن نهج سنغافورة في الحلول المتكاملة لإدارة المياه هو ما أثبت تفوّقه.
وقال أونغ: quot;يرغب عملاؤنا في دول الخليج أن نستثمر في المشروع وأن نبنيه ثم نديره ونشغّله مع ضمان كفاءة التخطيط، وهذا هو نموذج الأعمال الذي تتّبعه هايفلكس، لذلك فنحن نلبي ما تحتاجه الأسواقquot;.
تنشط كذلك شركات سنغافورية أخرى في مشاريع المياه في دول الخليج، ومنها سيمبكورب Sembcorp، التي أعلنت هذا الأسبوع عن توقيع مذكرة تفاهم مع هيئة كهرباء ومياه أبوظبي في دولة الإمارات، لتشييد محطة لتحلية مياه البحر تعمل بطريقة التناضح العكسي، بطاقة إنتاجية من المياه الصالحة للشرب تقدّر بحوالي 30 مليون جالون يومياً. وتجدر الإشارة إلى أن للشركة مصالح قائمة حالياً في قطاع المياه والكهرباء في الفجيرة بالإمارات، وفي مدينة صلالة بسلطنة عمان.
أما سالكون Salcon، وهي شركة تابعة لبوستيد Boustead، ومن أبرز الشركات العالمية المختصة في مجال هندسة المياه والصرف الصحي، فقد أعلنت هي الأخرى هذا الأسبوع فوزها بعقد قيمته 55 مليون درهم إماراتي لتشييد محطة جديدة لتدوير مياه الصرف في أبوظبي. وقد مُنحت الشركة عقد التصميم والبناء لمحطة الوثبة لمعالجة مياه الصرف الصحي من قِبل شركة أبوظبي لخدمات الصرف الصحي.
جدير بالذكر أن مشاريع سنغافورة العالمية، وهي هيئة تابعة لوزارة التجارة والصناعة السنغافورية وتقود تطوير تجارة سنغافورة الخارجية وتعزيز النمو الخارجي للشركات السنغافورية وتطوير العلاقات التجارية الدولية بينها وبين دول العالم، تعمل عن كثب مع كل من هيئة المياه الوطنية السنغافورية ومجلس التنمية الاقتصادية لمساعدة شركات المياه السنغافورية على تنمية أعمالها في المملكة العربية السعودية.
من جهة ثانية قال تان كوك تيان، نائب المدير لتطوير الأعمال في إدارة التنمية الصناعية بالهيئة الوطنية للمياه في سنغافورة، بأن الهيئة تلقى اهتماماً كبيراً من أوساط قطاع المياه السعودي، مبيّناً أن اثنتين من الشركات السنغافورية قد تأهلتا في عطاءات لعدد من المشاريع في المملكة العربية السعودية، وأضاف: quot;إنها سوق نحرص للغاية على استثمار الشركات السنغافورية فيها، ونحن نبحث بنشاط في الفرص المتاحة في هذه السوقquot;.
التعليقات