صلاح أحمد من لندن: بدأت بريطانيا اليوم الاثنين تطبيق الإجراءات المؤقتة الخاصة بوضع سقف لعدد الأيدي العاملة غير الماهرة المهاجرة من خارج دول الاتحاد الأوروبي.

ويعتبر هذا المشروع laquo;مرحلة تجريبيةraquo; سابقة لجعل هذا الحد دائماً، اعتباراً من العام المقبل. وكان رئيس الوزراء، ديفيد كامرون، قد وعد خلال الحملة السابقة للانتخابات الأخيرة بخفض عدد المهاجرين إلى بريطانيا من laquo;مئاتraquo; الآلاف إلى laquo;عشراتraquo; الآلاف فقط.

وذكرت وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، في تصريحات لوسائل الإعلام الاثنين أن laquo;هذه الحكومة تؤمن بأن بريطانيا تستطيع الاستفادة من الهجرة، ولكن ليس من الهجرة غير المضبوطةquot;. وأقرت بأهمية اجتذاب العقول وأفضل الأيدي العاملة الماهرة والمتخصصة quot;حتى يكون بوسعنا إنجاز نمو اقتصادي عالquot;. لكنها، رأت في الجهة المقابلة، أن الهجرة غير المضبوطة ستلقي بعبء هائل على موارد البلاد وخدماتها العامة، بما يضر معدل هذا النمو.

ويذكر أن الحكومة الائتلافية بين المحافظين والليبراليين الديمقراطيين حددت سقف المهاجرين من laquo;الخبراء المتخصصينraquo; بما لا يزيد عن 4500، والأيدي العاملة الماهرة في حدود 18 ألف و700 عامل. وهي تقول إن هذا السقف المؤقت يهدف إلى منع زيادة فجائية كبير في طلبات الهجرة إلى بريطانيا، قبل العمل بالسقف الدائم، اعتباراً من الأول من أبريل (نيسان) المقبل.

لكن ديفيد ويليتس، الوزير في وزارة العمل والابتكارات والمهارات، إضافة إلى مايكل غوف، وزير التعليم، عبّرا عن القلق في إحدى جلسات مجلس الوزراء، إثر الإعلان عن القرار الشهر الماضي. وانتقداه قائلين إنه يمكن أن يؤثر سلباً على قطاع الأعمال التجارية. وفي هذا الصدد أشارت جماعات الأعمال إلى أن القرار laquo;يمكن أن يؤثّر سلباً على النمو الاقتصادي، لأنه يضع حائلاً أمام استفادتها من العقول والمهارات الأجنبية من خارج دول الاتحاد الأوروبيraquo;.

وتظهر الأرقام الأخيرة أن 45 ألف و500 مهاجراً من خارج دول الاتحاد الأوروبي وفدوا إلى بريطانيا العام الماضي. كما حصل 273 ألف طالب على التأشيرة، إضافة إلى 38 ألف آخرين، سمح لهم بالدخول، حتى ينضموا إلى أسرهم المهاجرة منذ زمن إلى بريطانيا. وكانت الغالبية في هذه الفئة الأخيرة من سكان شبه القارة الهندية.

والواقع أن مسألة الهجرة شكلت إحدى أهم القضايا - بعد حالة الاقتصاد المزرية - في الانتخابات الأخيرة. وكانت الحكومة العمالية السابقة قد ووجهت بانتقادات حادة ومتلاحقة في هذا الشأن. ووصل الأمر بصحيفة laquo;ديلي ميلraquo; الشعبية في مطالع العام الحالي، إلى حد اتهامها بأنها laquo;تعمدت فتح الأبواب أمام المهاجرين من أجل تغيير التركيبة الاجتماعية للأمةraquo;.

وأوضحت الصحيفة أنها تبني اتهامها هذا على هذه مسودة سرية صدرت من مكتب مجلس الوزراء، تظهر أن الحكومة العمالية تسعى إلى تكثيف laquo;مشاركة المهاجرين إلى الحد الأقصى في الأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي تسعى إليها الحكومةraquo;. وأضافت أن المسودة حررت في العام 2000، وأن عدد الأجانب الذين سمح لهم بدخول البلاد في أعقاب ذلك ارتفع بنسبة 50 %.

تجدر الإشارة إلى أن laquo;ديلي ميلraquo; اليمينية، تخصص عادة مساحات كبيرة لما تعتبره مخاطر المهاجرين على مصالح أهل البلاد. وقد خرجت باتهامها في ذلك الوقت، بعد حصول جماعة laquo;مايغريشن ووتشraquo; على تلك الوثيقة السرية بموجب قانون حرية المعلومات.

ولفتت الصحيفة إلى أن حزب العمال ظل يبرر مسألة الهجرة على أسس اقتصادية، ناكراً أن يكون دافعه هو التعدد العرقي. لكن الشكوك، تبعاً لها، بدأت تُثار بعد مسودة التقرير الذي أعده جاك سترو، عندما كان وزيراً للداخلية، وخلفه في الوزارة ديفيد بلانكيت، وأندرو نيذر كاتب خطابات توني بلير والمستشار الحكومي السابق.

ويأتي في الوثيقة أن الغرض من استراتيجية حزب العمال في ما يتعلق بالهجرة هي laquo;تمريغ أنف اليمين في الجدل حول المجتمع المتعدد الأعراق، وإثبات أن الزمن عفّ على حججه في مسائل الهجرةraquo;.