الطرق التقليدية التي تتبعها البنوك السعودية في التمويل وتركيزها على القروض الاستهلاكية جعلها غير قادرة على توفير متطلبات تمويل المشاريع الاقتصادية الكبيرة، وستظل كذلك ما لم تغير سياساتها ونظرتها للاقتصاد الوطني، وأسلوب تعاملها مع القطاعات الاقتصادية المختلفة، سواء القطاع العام أو القطاع الخاص أو قطاع الأفراد.

الرياض: أكد الكاتب والباحث في الشؤون الاقتصادية عبدالرحمن الزومان في تصريح لــ quot;إيلافquot; أن البنوك السعودية غير قادرة على توفير متطلبات تمويل المشاريع الاقتصادية الكبيرة، ما لم تغير سياساتها ونظرتها للاقتصاد الوطني، وأسلوب تعاملها مع القطاعات الاقتصادية المختلفة، سواء القطاع العام أو القطاع الخاص أو قطاع الأفراد، مشيراً إلى أن محافظ البنوك الائتمانية يجب أن تكون موزعة على مختلف قطاع الاقتصاد، حتى لا تتأثر ملاءة البنوك، في حال حدثت أزمة مالية في أي قطاع من هذه القطاعات.

وتابع أن البنوك السعودية توجهت في الفترة الأخيرة إلى التركيز على الربحية العالية، من التركيز على القروض الاستهلاكية، والقروض طويلة الأجل، التي تقدر بنحو 200 مليار ريال. وبيّن الزومان أن 526 مليار ريال التي تحتاجها مشاريع الكهرباء خلال العقد المقبل سيتم تمويلها من مصادر عدة، منها مصادر التمويل الداخلي (المصارف ndash; الصناديق السيادية، وهي صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق معاشات التقاعد، وصندوق التأمينات الاجتماعية، إضافة إلى صناديق القطاع الخاص).

لافتاً في الوقت عينه أن الأهم في تمويل هذه المشاريع هو استقطاب المستثمرين في مجال الكهرباء، خصوصاً قطاعات التوليد والنقل، لكون شركة الكهرباء قادرة على التمويل الذاتي لقطاع التوزيع، مؤكداً أن الشركة بحاجة إلى التركيز على النوعية والكفاءات والتوظيف، واستخدام الوسائل الحديثة لتقليل التكاليف، وأوضح أن الشركة السعودية للكهرباء محتكرة لقطاع التوزيع، في حين أن في باقي القطاعات هناك شركات أخرى تقوم بدور الإنتاج والبيع لشركة الكهرباء.

واعتبر أن هذه المشاريع تعد من أهم الفرص والمميزات وأنها تمويل طويل الأجل أو مجدٍ للبنوك، لكنه ألمح إلى أن البنوك لا تركز على هذه المشاريع بل تركز على الربحية، والاستحواذ على دخول الأفراد واستثمارها، مشيراً إلى أن هذه القروض الاستهلاكية فيها مخاطرة كبيرة على الواقع الاقتصادي، وتكون على حساب تمويل المشاريع الاقتصادية، كما إن ذلك أحدث نوعًا من الخلل، وجعل المشاريع الصناعية السعودية تلجأ إلى جهات تمويل خارجية، سواء كانت إقليمية أو أجنبية.

وأشار إلى أن مؤسسة النقد جزء من المشكلة، فهي لم تسمح لجهات مصرفية دولية مرموقة بالدخول إلى السوق السعودية، ولا هي عملت على توجيه البنوك لتقوم بعملها كبنوك في مجال التمويل.

يأتي ذلك بعد أن قدرت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج في السعودية قيمة التمويل المطلوب لتنفيذ مشاريع الكهرباء ونقلها وتوزيعها خلال السنوات العشر المقبلة بنحو 526 مليار ريال، يستحوذ قطاع التوليد على ما نسبته 63.7% من تلك القيمة، وقطاع النقل على 23%، وقطاع التوزيع على 13.3 %.

وأشار التقرير السنوي للهيئة إلى أن هذه التقديرات جاءت وفق دراسة حساب التكاليف المقدرة للخدمة الكهربائية من عام 1430 حتى عام 1441هـ، التي وضعت على افتراض أنه بحلول عام 1441هـ سيكون الحِمل الأقصى 71.940 ميغاواط، وسيكون الاحتياطي 15%.

ووافقت الهيئة على منح 14 تصريحاً لبدء الأنشطة في مجالات توليد الكهرباء والإنتاج المزدوج وتحلية المياه في المملكة خلال العام الماضي، كما منحت 28 رخصة في مجالات توليد الكهرباء ونقلها والمتاجرة بها وتوزيعها والإنتاج المزدوج وتحلية المياه، ومجالات توليد الكهرباء ونقلها والمتاجرة بها وتوزيعها والإنتاج المزدوج وتحلية المياه، إضافة إلى موافقتها على 13 إعفاءً من الترخيص لمحطات توليد الكهرباء والإنتاج المزدوج وتحلية المياه.

وقدر التقرير السنوي للهيئة الحمل الذروي في عام 1430هـ بنحو 39.900 ميغاواط، فيما بلغت قدرة التوليد المتاحة لمنظومة الكهرباء في المملكة بنهاية العام الماضي 51.195 ميغاواط، تمتلك الشركة السعودية للكهرباء منها 79%، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة نحو 10%، فيما تتوزع النسبة الباقية بين منتجين عدة.

وأفاد بأن الشركة السعودية للكهرباء تحتكر نشاط نقل الطاقة الكهربائية في المملكة، حيث يبلغ مجموع أطوال دوائرها 39.195 كيلومترا، وبخطوط أرضية يبلغ طولها 3.508 كيلومترات، وفي الوقت نفسه تتولى الشركة حصرياً نشاط توزيع الخدمات الكهربائية للمستهلكين، وقد وفرت الشركة العام الماضي 193.472 ميغاواط في ساعة من الكهرباء، بزيادة بنسبة 6.8% عن العام السابق. وارتفع عدد المشتركين الذين يتلقون الخدمة من الشركة خلال العام نفسه بنسبة 5.2%، ليصل عددهم إلى أكثر من 5.7 ملايين مشترك، يمثل القطاع السكني ما نسبته 52%، والتجاري 12%، والحكومي 14%، والصناعي 18%، وقطاعات أخرى 4 %.

وكشف التقرير أن استهلاك الكهرباء في المنطقة الغربية من المملكة يعد الأكبر بين مناطق الأعمال بنسبة 37%، تليها المنطقة الوسطى بنسبة 30%، فالجنوبية 10%، والشرقية 23%. ورصد في ثناياه جهود الهيئة في مجال رعاية المستهلك، حيث تضمن دراسات أسباب انقطاعات الكهرباء التي حدثت في مناطق عدة في المملكة خلال عامي 2007 و2008 والتوصيات التي أصدرتها الهيئة لتلافي ذلك.