ثمة شواهد تدل على أن الموسم الصيفي في لبنان، حيث يتم تجميع الجزء الأكبر من عائدات السياحة، التي تشكّل نسبة قدرها 25 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، قد يكون مخيباً للآمال.

إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: رغم توقع وزير السياحة اللبناني فادي عبود أن يشهد الموسم السياحي في البلاد هذا العام زيادة قدرها 20 % في أعداد السائحين الذين قدموا إلى البلاد العام الماضي، وقُدِّروا بحوالى 2 مليون زائر، ورغم ارتفاع معدلات الإشغال الفندقي بنسبة تزيد عن 20 % خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، إلا أن مؤشرات عدة تدل على أن موسم الصيف الحالي في البلاد لن يكون على مستوى الآمال المعقودة.

ونشرت صحيفة quot;فاينانشيال تايمزquot; البريطانية في هذا السياق تقريراً مطولاً، تناولت من خلاله العوامل التي أدت إلى تبدد الآمال اللبنانية الخاصة بحدوث انتعاشة سياحية في الموسم الحالي في البلاد، وبلوغه مستويات غير مسبوقة، كما كان يتوقع وزير السياحة اللبناني.

وفي مستهل حديث له مع الصحيفة، قال نزار العوف، عضو مجلس إدارة جمعية أصحاب الفنادق، إن حجوزات الصيف ارتفعت بنسبة تتراوح فقط ما بين 5 إلى 7 %، مقارنة بنسبة الـ 15 % التي كان يُتوقع حدوثها.

أما إيلي نامور، من إحدى وكالات السفر، فأوضح quot;لدينا إشارات متضاربة، فقد كانت قوية في النصف الأول، ثم أصبحت ضعيفة في النصف الثاني. وبالنسبة إلى عدد الغرف التي تم حجزها فهو العدد نفسه تقريباً، الذي تم حجزه العام الماضي، لكن ذلك في حد ذاته أمر محبط إلى حد ما في الوقت الذي تصل فيه رحلات إضافية من أوروبا والدول العربيةquot;.

ثم عاود العوف ليؤكد أن quot;أشياء كثيرة تدخلت، من بينها بطولة كأس العالم، وقدوم جزء كبير من شهر رمضان في شهر آب/ أغسطس، إضافة إلى الموقف السياسيquot;. وتلفت الصحيفة في هذا الجانب إلى طبيعة الأجواء الساخنة بين إسرائيل وحزب الله، وكذلك المناوشات التي تحدث بين الجنود اللبنانيين والإسرائيليين على المنطقة الحدودية، إلى جانب ارتفاع وتيرة التوترات الداخلية، في الوقت الذي بدأ يخشى فيه حزب الله من احتمالية أن تتهمه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

في السياق نفسه، استبعد نامور أن يكون لحادث تبادل إطلاق النار الذي وقع على الحدود مع إسرائيل هذا الشهر أي دور في إلغاء عدد كبير من الحجوزات، وقال إن كل الأنظار متجهة صوب عيد الفطر، تلك الإجازة التي ستعقب شهر رمضان، حين سيأمل لبنان في استرداد العائدات من السياح العرب الذين ظلوا في بلادهم خلال شهر الصوم. وأضاف quot;وفي الوقت الذي يُقال إن هناك حجوزات كثيرة، إلا أنه من الوارد تماماً أن يكون للموقف السياسي تأثير سلبيquot;.

لكن الصحيفة تمضي لتشير إلى وجود عوامل أخرى تهدد الانتعاشة السياحية المنتظرة غير المرتبطة بالشأن السياسي. فتنقل عن مدير أحد الفنادق الموجودة في بلدة بحمدون الجبلية، قوله إن الشيء الرئيس الذي يمنع قدوم السياح إلى هنا هو المرور. بينما لفت جاد شعبان، رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية، إلى إستراتيجية السياحة المتخصصة التي تتبعها بلاده، وتُطبق من خلال التركيز على اجتذاب عدد صغير نسبياً من الزائرين، وبخاصة من دول الخليج، حيث يكونون مستعدين لدفع أسعار مرتفعة.

ومع هذا، تؤكد الصحيفة أن ذلك لا يعني أن تلك الشريحة من السياح لا تكترث بالقيمة المادية التي تدفعها. وتعاود لتنقل في هذا الجانب عن مدير الفندق الواقع في بلدة بحمدون، التي يحل فيها ضيوف غالبيتهم من الخليج، قوله quot;لقد سمعت أناساً يقولون إنهم نادمون على قدومهم إلى هنا. فهناك لبنانيون يحاولون أن يسرقوهم. وأنا عن نفسي، إن كنت كويتياً أو من الإمارات، لكنت فضلّت الذهاب إلى سوريا أو إلى الأردنquot;.

وختاماً، رأى نامور أن تضخم الأسعار يُفسر جزئياً ضعف الحجوزات خلال النصف الثاني من العام. ورغم تزايد أعداد الزائرين غير العرب إلى لبنان، إلا أنه لابد من توافر مجموعة من العروض الرخيصة ليتحول لبنان إلى وجهة رائجة للسياح الأوروبيين.