تحاول مصر الحفاظ على استمرار مخابزها المصنعة لرغيف الخبز المدعم درءًا لأي اضطرابات اجتماعية محتملة أو تكرار الإحداث المؤسفة التى شهدها عام 2008 بسبب أزمة الخبز، ما يلقى بظلاله السيئة على الحزب الوطني الحاكم قبيل أكثر استحقاقيين انتخابيين حرجاً، انتخابات مجلس الشعب هذا العام والانتخابات الرئاسية العام المقبل.

القاهرة: بالرغم من إعلان الحكومة فى أكثر من مناسبة عن توافر مخزون لديها من القمح لصناعة رغيف الخبز المدعم، بعدما أعلنت روسيا حظر بيع القمح بسبب حرائق الغابات التي دمرت مساحات شاسعة من أراضيها أخيراً، إلا أن ذلك أثار قلقاً اجتماعياً وسياسياً فى بلد الـ80 مليون، التى يعتمد نصف السكان على الأقل فيها على رغيف الخبز المدعم من أجل البقاء.

وسعت الحكومة جاهدة منذ إعلان القرار الروسي إلى تبديد أي مخاوف لدى المواطنين من حدوث نقص في هذا المحصول الاستراتيجي المتعلق بالأمن الغذائي المصري، إلا ان طوابير الخبز التي بدأت تلاحظ امام المخابز فى الآونة الأخيرة، أعادت للأذهان اضطرابات 1977 عندما أعلنت الحكومة عن نيتها لرفع الدعم، وأعمال الشغب التي اجتاحت طوابير الخبز في بداية عام 2008 بسبب نقص الخبز، وراح ضحيتها 7 أشخاص.

كذلك تسعى الحكومة في سياسة جديدة من جانبها إلى تنويع دول الاستيراد لسد أي نقص محتمل في المخزون، ونجحت في تأمين صفقات مع الهند وفرنسا وأميركا، وأعلنت أنها تدرس الاستيراد أيضاً من الأرجنتين كبدائل لتوفير 63% من القمح، الذي كانت تستورده مصر من روسيا ودول البحر الأسود.

وبالرغم من أن القرار الروسي لن يتجاوز أثره ارتفاع ثمن الدقيق أو الخبز في الدول الأخرى، إلا أن الأمر بالنسبة إلى مصر مختلف، وفقاً للمراقبين. فقد جاء الإعلان الروسي في وقت حساس للغاية، وفي وقت تواجه فيه حكومة الحزب الوطني عدم ثقة المواطنين واتهامات بالفساد وتجاهل احتياجات الفقراء، قبيل أكثر استحقاقيين انتخابيين حرجاً ودقة، انتخابات مجلس الشعب هذا العام والرئاسة العام المقبل.

quot;الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الغذائية منتشرة بالفعل، quot;ويعد الخبز المدعم أهم شيء تعطيه الحكومة للشعبquot;، وفقاً لقول الخبير الاقتصادي المصري محمد أبو باشا في المجموعة المالية هيرمس، وأضاف في تصريحات نشرها موقع quot;نيوزيلاند هيرالد quot; قائلاً quot;إنها مسألة أساسية وحساسة جداً، وعلى الحكومة أن تتصرف بسرعة لطمأنة الناس، ليس بسبب الانتخابات، لكن بسبب اضطرابات اجتماعية محتملةquot;.

وقد توفي مواطن فى جنوب مصر بعد انتظار دام ساعتين في طابور الخبز فى يوم حار جدًا، ووصفته الصحف المصرية بأنه أول ضحية لطوابير الخبز هذا العام. ويسجل استهلاك الخبز والحلويات المخبوزة أعلى مستوياته على الإطلاق الآن خلال شهر رمضان المبارك. وقال شادي حامد، نائب مدير مركز بروكنجز الدوحة في قطر لموقع quot;ميديا لاينquot; إن quot;أسعار المواد الغذائية الأساسية آخذة في الارتفاع، ومعدل التضخم ارتفع، ويواجه الناس مشاكل في شراء الخبز، إنها قضية سياسية كبرى، فمع اتساع الفوارق الاجتماعية بسبب الأزمة الاقتصادية، يتقاطر المزيد على الخبز المدعمquot;، مشيراً إلى أن الأثرياء فيث مصر يزدادون غنى والفقراء يزدادون فقراً، ويعانون صعوبات أكثر في شراء الخبز.

وتراقب منظمات دولية الوضع فى مصر عن كثب، حسبما قالت ريم ندا، المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في القاهرة. وأضافت ريم quot;من الأيام الأولى ونحن نتابع الوضع عن كثب، إن ما يثير قلق برنامج الغذاء العالمي هو ارتفاع أسعار القمح، أي ارتفاع فى الأسعار أو تقلبات كبيرة في أسواق المواد الغذائية قد تؤثر على الفقراء والجياعquot;. وأكدت ريم أن quot;لا أحد يرغب في تكرار أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي سببت الكثير من المعاناة في عام 2008quot;.