بكين: أفادت أرقام رسمية الجمعة أن الفائض التجاري للصين تراجع بصورة غير متوقعة في آب/أغسطس مع زيادة الواردات، وهو أمر رأى المحللون أنه يخفف الضغوط على الصين بشأن رفع قيمة اليوان.

أعلنت هذه الأرقام في وقت بينت المعطيات الأميركية تراجعاً في العجز التجاري الأميركي مع الصين في تموز/يوليو، ما يضعف حجج المشرعين الأميركيين، التي تقول إن سياسة التمسك بسعر صرف منخفض لليوان مقابل الدولار، يعطي المصدرين الصينيين ميزة على حساب نظرائهم الأميركيين.

وتأثرت البورصات في آسيا بطرق متفاوتة بهذه الأنباء، التي خففت من الشعور الإيجابي الذي بني على المعلومات الجيدة المتعلقة بسوق الوظائف الأميركية ومراجعة إيجابية للنمو في اليابان.

وفي شنغهاي، أغلق المؤشر المرجعي بزيادة 0.26% مع تعويض الخسائر المسجلة مع افتتاح البورصة. وأشارت معطيات أخرى إلى أن جهود الصين للتحكم بسوق العقارات بدأت تعطي ثمارها، مع ارتفاع طفيف في أسعار المنازل الشهر الماضي.
وتوقع المحللون أن يرتفع الفائض التجاري الصيني إلى حوالي 30 مليار دولار في آب/أغسطس، ليكون بذلك الأكثر ارتفاعاً منذ كانون الثاني/يناير 2009، لكنه عوضاً من ذلك تراجع إلى 20.30 مليار دولار، بعدما بلغ 28.7 مليار دولار في تموز/يوليو.

وبلغ إجمالي الصادرات الصينية في آب/أغسطس 139.3 مليار دولار، بزيادة 34.4% بالمعدل السنوي، ولكن بتراجع عن تموز/يوليو، حين سجلت زيادة بلغت 38.1% مع رقم قياسي من 145.52 مليار دولار خلال ذلك الشهر. في هذه الأثناء، ارتفعت الواردات في آب/أغسطس بمعدل 35.2%، الذي فاق كل التوقعات، مسجلة 119.27 مليار دولار. وهو ما يشير إلى أن التباطؤ في الاقتصاد الصيني ليس حاداً بالدرجة التي كان يخشى منها. وكان المحللون توقعوا أن تبلغ الزيادة 25%.

وتعهدت الصين هذا الأسبوع بتسهيل استيراد السلع في إطار سعيها إلى معالجة مشكلة الفائض التجاري مع شركائها الرئيسيين وخصوصاً الولايات المتحدة. وقال المحلل لدى بنك أسكتلندا الملكي (رويال بنك أوف سكوتلاند) بن سمفندورفر إن تراجع الصادرات يدعم حجج الصين، التي تؤيد زيادة طفيفة في سعر صرف اليوان مقابل الدولار.

وأوضح المحلل لفرانس برس quot;سيرون في ذلك بالطبع سبباً لمواصلة سياستهم الحالية التي تقوم على زيادة طفيفة جديدة في سعر صرف اليوانquot;. أما المحلل الاقتصادي رن شيانفانغ من quot;غلوبال إنسايتquot; المقيم في بكين فرأى أن هذه الأرقام quot;تدعم موقف الصين المؤيد لإعادة تقييم طفيفة لعملتهاquot;.

وأعلنت الصين في حزيران/يونيو أنها ستخفف الضغط على اليوان، وتتيح تداوله بحرية أكبر مقابل الدولار، بعد ضغوط كثيفة من الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما من الشركاء التجاريين المطالبين بزيادة سعر اليوان. منذ ذلك الحين، تحسن سعر صرف اليوان بأقل من 1% مقابل الدولار، ما أثار استياء المشرعين الأميركيين الذين يريدون اتخاذ إجراءات في وجه ما يعتبرونه ممارسات صينية تجارية غير منصفة.

ويعتقد بعض الاقتصاديين أن اليوان يصرف بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 25 إلى 40%، وأن ذلك يعطي المصدرين الصينيين ميزة غير منصفة، لكن الصين تعتبر أن هذه المزاعم quot;لا أساس لهاquot;. ويمارس المشرعون الأميركيون ضغوطاً لإصدار قانون يتيح لوزارة التجارة فرض عقوبات على الصين وغيرها من الدول التي تقوم بخفض قيمة عملاتها.

وسيمثل وزير التجارة تيموثي غايتنر الأسبوع المقبل أمام لجنة في مجلس النواب للرد على أسئلة بشأن الخطوات الجديدة للضغط على الصين بشأن سياسة صرف العملة.

وتراجع العجز التجاري الأميركي مع الصين إلى 25.92 مليار دولار في تموز/يوليو من 26.15 مليار دولار في حزيران/يونيو. ويقول المحللون إن هذا سيضعف الحجج القائلة إن اليوان الضعيف هو الذي يتيح للصين إغراق السوق الأميركية بالسلع الرخيصة.

وقال المحلل الاستراتيجي لدى بنك كندا الملكي (رويال بنك أوف كندا) براين جاكسون إن الأرقام الخاصة بالصين quot;تظهر مرونة كبيرةquot; رغم تباطؤ النمو في الولايات المتحدة والمشكلات المالية في أوروبا. وأضاف جاكسون إن quot;هذا يشير إلى أن التباطؤ في النمو في الصين لا علاقة له بعوامل خارجية، وإنما داخليةquot;، مشيراً إلى جهود الحكومة لخفض أسعار العقارات والقروض المصرفية. وبدأت هذه التدابير تؤتي ثمارها، والدليل على ذلك التراجع المستمر في أسعار العقارات الشهر الماضي.

وارتفعت أسعار المنازل في 70 مدينة رئيسة بـ 9.3 % في آب/أغسطس بالمعدل السنوي، وفق ما أعلن المكتب الوطني للإحصاءات لجمعة، مقارنة مع 10.3% في تموز/يوليو.