برن: رغم المرونة التي ميّزت المالية الإسلامية أثناء الأزمة العالمية الأخيرة مقارنة بالأسواق التقليدية، فإن هذا الصنف من المعاملات لا يزال يكافح من أجل استثمار كل الإمكانات والفرص المتاحة أمامه في الدول الغربية.

واتفق خبراء شاركوا مؤخرا في مؤتمر علمي استضافته مدينة لوتسرن السويسرية على ضرورة بذل المزيد من الجهود لجسر الهوة بين قطاع المالية الإسلامية حديث النشأة والأسواق المالية الغربية.

وحتى عهد قريب لم تكن الصيرفة الإسلامية وخدمات التأمينات حالة تشغل غير المسلمين ، لكن الأداء الجيّد لمنتجات المالية الإسلامية خلال الأزمة المالية الأخيرة مقارنة بالأسواق التقليدية لفت مزيدا من الأنظار إليها.

وفي لوتسرن، خاطب مارك شيسناي من المعهد السويسري للصيرفة بجامعة زيورخ الحضور، قائلا: quot;لقد أتاح الفشل الذي منيت به المنتجات المالية المتسممة خلال الأزمة المالية الأخيرة الفرصة أمام المالية الإسلامية لكي تحتل مقدمة المشهدquot;.

ورغم تعرض العديد من الاستثمارات في المالية الإسلامية خلال عامي 2008 و2009 إلى هزة قوية، لكن قوانين الشريعة، التي تحظر في نفس الوقت المضاربة ، وتطلب من جميع الأطراف المشاركة في الأرباح والأخطار في نفس الوقت، استطاعت تجنيبها المنتجات المالية المتسممة.

ويعتقد عدد من الخبراء، بحسب إذاعة سويسرا، أن المنتجات الإسلامية هذه سوف تجلب الكثير من المستثمرين الذين تضرروا بسبب الأزمة الأخيرة، أو الذين يشعرون حاليا بغضب شديد إزاء المكافآت العالية التي تمنحها البنوك التقليدية إلى كبار موظفيها.

كن فارس مراد، رئيس فرع المالية الإسلامية بمصرف سارازان السويسري الخاص ، يعترف أن تسويق هذه المنتجات لم يجلب إلا عددا قليلا من الغربيين الذين كانوا عملاء سابقين للمصارف التقليدية.

وأضاف quot;لقد ساعدت أوصاف quot;الإسلاميةquot; وquot;الشرعيةquot; هذا القطاع على النمو وبلوغ هذا المستوى، لكن هذه الأوصاف نفسها تعرقل تطوره في المستقبل، وتعيق كسبه للعميل الغربي.

من جانبهم، أكد بعض المشاركين في المؤتمر ذاته أن خطوات مثل حظر المآذن في سويسرا ومنع الحجاب الإسلامي في فرنسا يخلق أجواء غير مواتية للإقبال على المعاملات المالية القائمة على احترام ضوابط الشريعة الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب اعتماد المعاملات المالية الإسلامية إصلاحا شاملا للقوانين الضريبية وللنظم المعمول بها في الساحات المالية.

وحتى في البلدان الإسلامية،بحسب إذاعة سويسرا، تظل المالية الإسلامية أقل اتساعا وانتشارا مقارنة بالمالية التقليدية في نسختها الغربية، حيث أشار المؤتمر إلى أن قرابة 15 بالمئة فقط من السوق المالية في ماليزيا تستثمر أموالها في منتجات إسلامية، هذا على الرغم مما هو شائع من أن ماليزيا بلد رائد في مجال الصيرفة الإسلامية.

ولا تزال المالية الإسلامية يافعة وهي تنمو وتتطوّر بشكل يختلف عن النموذج المالي الغربي، مما يصعّب الأمر أكثر على المستثمرين الذين يريدون مقارنتها بغيرها.

والقليل من الناس من يخامره الشك في أنه حتى المصارف السويسرية الخاصة التي تفاخر بأنها رائدة في مجال التجديد والابتكار لم تستطع إلى الآن تطوير منتجات إسلامية خاصة بها على أي مستوى كان.

ويعد مصرف quot;سارازانquot;، الذي يقدّم نفسه على أنه أول مصرف خاص في سويسرا يقدم خدمة إسلامية كاملة ومن إنتاجه الخاص استثناء في هذا المجال. لكن الخبير بهذا المصرف فارس مراد يعتقد أن سوق المالية الإسلامية سوف يثبت بأنه مربح جدا مقارنة ببقية المصارف في وقت قادم قريب جدا.

وأضاف مراد quot;هذه هي طبيعة الشعب السويسري الذي ينظر أولا في الأمر، ثم يقوم بتقدير الوضع، وبعد التفكير الملي، يُتخذ القرارquot;.