دخلت الكويت إلى رأسمال مجموعة أريفا الفرنسية بنسبة قدرت بحوالي 5 %، عكس قطر التي تعثرت معها المفاوضات بعد وضعها شروطًا رفضت نهائياً من طرف الإليزيه.


باريس: تقدم الحكومة الفرنسية مؤسسة أريفا كنموذج لنجاح الشركات الحكومية، وتسعى، بكل قواها، إلى أن تسوّق في الوقت الحالي التكنولوجيا الحديثة في الطاقة النووية التي تختص فيها هذه المؤسسة، في تنافس شاق وصعب مع حكومات بلدان أخرى لها سمعتها في الميدان.

ويعرف الإعلامي والمحلل الاقتصادي خليد كراواي أريفا في حوار لـquot;إيلافquot; بأنّها quot;أكبر شركة في العالم متخصصة في الصناعات النووية، اسحدثت في العام 2001 بعد عمليات دمج شملت شركات quot;فرام أتومquot; وquot;كوغيماquot; وquot;تكنيك أتومquot;.

ويفسر الكراوي فتح الحكومة الفرنسية رأسمال أريفا، في وجه الرساميل الأجنيبة، بكونها quot;محاولة منها لاستعادة مجد ضائع بعدما خسرت صفقة بناء المفاعلات النووية في الإمارات العربية التي فازت بها كورياquot;، حيث خلفت جرحًا لم يندمل بعد لدى الحكومة الفرنسية جراء خسارة صفقة تاريخية تجرعتها على مضض.

وأوضح هذا الإعلامي، المتخصص في قضايا الاقتصاد، quot;أن أريفا ومعها فرنسا تحاولان إعادة التغلغل في المنطقة الخليجية الغنية بالنفط، والتي باتت محط اهتمام آسيوي متزايدًا، لا سيما وأن المنطقة باتت تعوّل على الطاقات البديلة المستخلصة من النووي السلمي والطاقة الشمسيةquot;، أو ما يعرف بالطاقة النظيفة.

وقال الكراوي إن quot;الهيئة العامة الكويتية للاستثمار، التي تتولى إدارة الثروة السيادية للدولة الخليجية، ضخّت قرابة 800 مليون دولار في مجموعة quot;أريفاquot; الفرنسيةquot;، مضيفًا أن الكويت quot;حصلت في المقابل على حصة تعادل 4.8 % من المجموعة بمبلغ 600 مليون يورو، ما يعني أن القيمة السوقية الكاملة لـquot;أريفاquot; تساوي 11.5 مليار يوروquot;، بحسب توضيحاته.

وثمّن خليد الكرواي دخول الكويت إلى رأسمال أريفا، موضحًا أن quot;الكويت، كباقي الدول الخليجية، في حاجة ماسة، ليس فقط إلى الطاقات البديلة، ولكن إلى تكنولوجيا استعمالها، وإلى المهارات الفنية التي ترافقهاquot;، وبالتالي فهي، أي الكويت، quot;تعوّل على هذه الشراكة لتدريب وتكوين مهندسين كويتيين، ناهيك عن ربط علاقات مستدامة مع فرنساquot;، يقول هذا المحلل الاقتصادي.

ومن بين البلدان العربية الأخرى التي كانت مرشحة لدخول رأسمال أريفا، دولة قطر. لكن المفاوضات بين باريس والدوحة لم تفض إلى أي نتيجة، بسبب الشروط التي طرحتها قطر، بحسب ما ذكرته مصادر صحافية فرنسية، حيث اشترطت الاستثمار في باقي الأنشطة المعدنية للمجموعة الفرنسية مقابلة مساهمتها بـ10 %.

للتذكير، فالدولة الفرنسية تملك ما يزيد عن 90 % من رأسمال أريفا، وطرحت 15 % من رأسمالها أمام رساميل أجنبية. وتقدم لهذا العرض دولتان عربيتان، وهما الكويت و قطر، إضافة إلى شركة ميتسوبيشي اليابانية.

وكان مجلس إدارة شركة quot;أريفاquot; أقر، أخيرًا، زيادة رأسمال الشركة بـ 900 مليون يورو في عملية تحصل فيها الكويت على حصة بنحو 5 %. ووافق أعضاء المجلس، بموجب ذلك، على مقترح استثمار الهيئة العامة للاستثمار الكويتية لـ 600 مليون يورو، فيما تضخّ فرنسا 300 مليون يورو.

وذكرت مصادر أن هذا الأمر سيمكّن quot;أريفاquot; من تمويل خطة استثمار بقيمة 12 بليون يورو لتطوير جيل جديد من المفاعلات النووية، وتوسيع مجال أنشطتها على الصعيد الدولي، خصوصًا مع إقبال الدول على هذه التكنلوجيا الحديثة في توليد الطاقة أمام أسعار النفط غير المستقرة.

و كانت quot;أريفاquot; أضاعت، قبل عام، صفقة نووية في غاية الأهمية في أبوظبي، بقيمة مالية قدرت بـ 40 بليون دولار، فازت بها quot;كيبكوquot; الكورية الجنوبية، وهي تطمح، اليوم، في بناء واحد من كل ثلاثة مفاعلات نووية جديدة في العالم بحلول عام 2030.