لا احد يستطيع التنبؤ بالتطورات التي ستحدث في مصادر الطاقة وانماط الاستهلاك والسياسات ذات الصلة بحلول عام 2050. ولكن بالامكان اعداد سيناريوهات ذات مصداقية تسلط الضوء على الخيارات التي يتعين اعتمادها بشأن مستقبل البشرية في عالم يتسم بالقيود على الانبعاثات الكاربونية.ويكتب المحلل اندرو كايف في صحيفة الديلي الغراف ان هذا ما فعلته شركة شل باعداد سيناريوهين يمكن ان ينطلقا من تنامي الطلب على الطاقة في زمن العولمة والنمو السكاني المتسارع ، وتناقص الموارد النفطية والغازية التقليدية واشتداد الضغوط البيئية نتيجة التغير المناخي.


دبي: يعكس السيناريو الأول التركيز على الأمن القومي في مجال الطاقة حيث تدفع الضغوط الآنية صانعي السياسة الى الاهتمام بضمان امدادات الطاقة في المستقبل القريب لبلدانهم وبلدان حلفائهم. لذا لا يولي صانعو السياسة اهتماما يُذكر برفع الكفاءة في استهلاك الطاقة الى ان تحدث شحة في الامدادات في حين ان الانبعاثات الغازية التي تسبب الاحتباس الحراري تبقى بلا علاج الى ان تحدث صدمة مناخية كبرى. فان اهتمام الحكومات ينصب على رافعات الامداد التي يمكن تحريكها بسهولة ، بما في ذلك التفاوض لعقد صفقات ثنائية بين منتجي الطاقة ومستهلكيها وتقديم الحوافز لتطوير موارد محلية. وتزداد اهمية الفحم والمحروقات الحياتية والطاقة المتجددة حيث سيتضاعف حجم صناعة الفحم مرتين خلال الفترة الواقعة بين 2000 و2050 وستمثل الكتلة الحياتية 15 في المئة من الطاقة الأولية بحلول عام 2050.

ولكن المحلل كايف يحذر من ان تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة وغير ذلك من السياسات المتعلقة بالطلب عليها لا تؤخذ على مأخذ الجد الى ان تصبح ضغوط الامداد والعرض خطيرة بحيث لا تستطيع السوق ان تتعامل معها. فتحدث حينذاك أزمة امداد ترد الحكومات عليها بزيادات حادة في الاسعار الداخلية أو فرض قيود على الحراك الفردي مع ما يترتب على ذلك من تباطؤ في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2020. ويقدر المحلل كايف ان الانتقال الى النمو الاقتصادي المتعافي بعد هذا الركود يستغرق عشر سنوات فيما تتكفل المحروقات الحياتية المنتجة محليا وطاقة الريح والطاقة الشمسية الحرارية بتحفيز الابتكار في نهاية المطاف. ولكن المطلوب حينذاك اعتماد مقاربة دولية للأمن الطاقي والتخفيف من آثار التغير المناخي.وسيكون العالم متأخرا 20 عاما لو انه اقام نظاما كهذا بحلول عام 2015. ومن المرجح ان تواجه الدول عواقب باهظة الكلفة بعد عام 2050.

سيناريو شل الثاني يرسم صورة اكثر ايجابية حيث تبدأ الاجراءات المتخذة محليا بالتصدي للتحديات الناجمة عن التنمية الاقتصادية والأمن الطاقي وتلوث البيئة.وستؤدي التحالفات التي تُقام في البلدان المتطورة والبلدان الناشئة الى ردود افعال متوازية على ضغوط العرض والطلب والتغير المناخي بدء بالاستعاضة عن بروتوكول كيوتو الذي ينتهي في عام 2012.ويتوقع كايف ان ترتفع اسعار ثاني اوكسيد الكاربون ، مدفوعة بآلية تسعير جديدة ونظام مقايضة جديد ، وان تتحسن طرق الاقتصاد في استهلاك الطاقة ويتسارع ظهور عربات كهربائية تُنتج على نطاق واسع للسوق وتُكبح معدلات ارتفاع ثاني اوكسيد الكاربون في الغلاف الجوي.

وسترد الولايات المتحدة على الضغوط بالتعهد بالوصول الى المعايير الاوروبية الدنيا في الاقتصاد باستهلاك الوقود للسيارات بحلول عام 2020 في حين ستضمن الصين والهند اتفاقيات لتيسير نقل التكنولوجيا والاستثمار في منشآت ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة مقابل المشاركة في الاطر الدولية. وستمهد المعالجات المنسقة لادارة ثاني اوكسيد الكاربون في الولايات المتحدة والصين والهند واليابان واوروبا ، الطريق امام تحويل جمع الكاربون وخزنه الى واقع بعد عام 202 وبحلول عام 2050 لن يعود النمو الاقتصادي يعتمد على زيادة استخدام المحروقات الاحفورية بل سيكون العالم عالم الكترونيات لا جزيئات وتصبح العربات الكهربائية هي السائدة ويتنامى توليد الطاقة من مصادر متجددة بوتائر متسارعة.

ويشير المحلل كايف الى ان زهاء 90 في المئة من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والغاز في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية و50 في المئة خارجها مزودة بتكنولوجيات لجمع الكاربون وخزنه مخفضة اجمالي انبعاثات ثاني اوكسيد الكاربون بنسبة 15 الى 20 في المئة مقارنة مع ما سيحدث بدونها.وبحلول عام 2055 سينخفض استهلاك الفرد من الطاقة في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بنسبة متوسطها 33 في المئة مقارنة مع اليوم فيما سيبلغ استهلاك الصين من الطاقة ذروته.لا هذا السيناريو ولا ذاك مثالي أو مريح ، بحسب المحلل اندرو كايف. ولكن الاعتراف بامكاناتهما يمكن ان يشكل المرحلة الأولى لرسم خارطة طريق في مواجهة المشاكل التي يطرحها quot;عصر الطاقةquot; خلال السنوات الاربعين المقبلة.