في وقت تعم فيه المظاهرات المطالبة بالتغيير الجذري واسقاط الحكومات في بعض دول العالم العربي لنيل الحرية والعدالة الإجتماعية ومحاربة الفساد، يخرج المئات من المتظاهرين في شارع المال والبورصة وول ستريت آحد أهم شوارع مدينة مانهاتن في ولاية نبويورك في احتجاجات و مظاهرات قد يطول أمدها أو يقصر للمطالبة بالإصلاحات ووقف الفساد الذي ساهم في تدمير إقتصاد البلاد ورفع نسب البطالة. وبالرغم من احتواء الإحتجاجات حتى إلا أنه يخشى من اتساع رقعتها وامتدادها، فأكثر ما يخيف من اتساعها هو عدم السيطرة عليها وطول الفترة مما يؤدي ألى توقف عجلة الإنتاج وأن يفضي إلى شلل اقتصادي.


واشنطن: يشهد شارع وول ستريت الواجهة الرئيسية للسوق الأميركي منذ حوالي أكثر من ثلاث أسابيع مظاهرات واعتصامات يتسع نطاقها يوميا, للوقوف ضد الفساد وجشع التجار والشركات والسياسات الحكومية الخاطئة التي أدت إلى تدهور الإقتصاد.فالإعتصامات التي بدآت بمجموعة من الطلاب وكان المتوقع لها آن تنتهي خلال أيام. ارتفع عدد المشاركين فيها لتصل ٢٠٠٠ شخص. تشتمل على مواطنيين أخرين من مختلف المجالات. مطالبين بوقف الفساد ومحاسبة الفاسدين من التجار والمسئولين عن هذه التجاوزات التي آلت إلى تدمير اقتصاد البلاد والمطالبة بالإصلاحات السياسية السريعة

ويعد وول ستريت الواجهة الرئيسية للسوق الأميركي و تسمى (حي المال) وعصب الحياة الإقتصادية للبلاد فتتواجد فيه بورصة نيويورك ومعظم الشركات المالية الأميركية الضخمة كشركة كجي بي مورجان وبنك أوف أميركا. ويرى بعض المحللين الإقتصاديين بأن ما حدث كان ردة فعل متآخرة لمخلفات الأزمة المالية العالمية ما خلفته من آزمة اقتصادية طاحنة أدت إلي افلاس العديد من الشركات وتسريح عدد كبير من العمال والموظفين وهو ما نتج عنه ارتفاع معدلات البطالة وازدياد معدلات الفقر وفقدان الناس لمنازلها نتيجة عجرهم عن السداد دون الألتفات من قبل الحكومة لمشاكلهم والإهتمام بانقاذ الشركات الكبرى

وكانت صحيفة الغارديان قد ذكرت نقلا عن مشاركين في المظاهرة بأن هم يحتجون ضد تمويل الصناعة وعمليات الصناعة وعمليات انقاذ البنوك من قبل النظام الأميركي دون الإلتفات لهموم غالبة المواطنين. يقول جون هاليبراند ٢٤ عاما مدرس عاطل عن العمل من مدينة نورمان في ولاية آوكلاهوما بآنه يؤيد تلك المظاهرات ويريد التوجه إلى هناك للمشاركة ضد ما آسماه السياسات الحكومية تجاه المواطنين مضيفا بآنه لن يحدث تغيير طالما أن هنالك من لا يتحدث بصوت مرتفع

من جهته ,يرى الدكتور والمحلل الإقتصادي مختار كامل بأن ما حدث كان متوقعا حدوثه نتيجة حالة الإحتقان الموجودة بسبب ارتفاع معدل البطالة بدون توافر فرص عمل. معتقدا بأن استمرار الإعتصمات على المدى الطويل سوف لن يضر بمصلحة البلاد. بل سيجبر الحكومة على الإلتفات لمطالب الشعب والعمل على أيجاد حلول بديلة وسريعة. وتشير واشنطن بوست الأمريكية أن ما يحدث في وول ستريت هو (ردة فعل متأخرة على الأزمة المالية العالمية) كون الإحتجاجات تركز على السياسات ذات الطابع الإقتصادييقول المتظاهر باتريك برانر وهو طالب في أحدى الكليات في ولاية نيويورك آننا هنا على المدى الطويل.

وكان أوباما قد أقر أواخر شهر سبتمبر الماضي خطته الجديدة التي تضم مجموعة بنود بقيمة ٤٤٧ مليار دولار للنهوض باقتصاد البلاد والتوظيف و يعتمد في تمويلها على فرض الضرائب على الأغنياء، وتتضمن تخفيف الأعباء الإجتماعية والضريبة على الشركات الصغرى والمتعثرة، واتخاذ اجراءات لمصلحة العاطلين عن العمل وتنفيذ مشروعات في البنى التحتية من أجل تنشيط الإقتصاد لمساعدة الشركات الصغيرة والمتعثرة.

في هذا السياق يؤكد الدكتور والمتهم بالشآن الإقتصادي محمد ربيع بأنه على الرغم من جدية الخطة إلا آنها لا يمكن القبول بها من قبل الجمهوريين قائلا:rdquo; أن الخطة لن تساعد على تهدئة الوضع بقدر ما هي دعاية انتخابية ممتازة ولن تمر على الجمهوريينquot;, موضحا بآن ارتفاع معدلات خط الفقر والبطالة هو ما أسهم في تأجيج الثورة، فمعدل البطالة يكاد يصل إلى ٢٠٪ . فالأزمة المالية خلفت آزمة اقتصادية وهو نتج عنه آزمة اجتماعية أدت إلى ما نراه اليوم.

مؤكدا بآن لا يمكن لتلك الإحتجاجات بآن تلقى بظلال سيئة على آسواق المال والأعمال، بل على العكس فيما يحدث سوف يسهم باسراع الحكومة بايجاد خطط بديلة للتنفيذ للحيلولة دون تفجر الوضع. فيما لو أخذ الموضوع بطريقة جدية ,قائلا:rdquo; لن يكون هناك تآثير سلبي على عجلة الإنتاج فاليوم هنالك عمليات انتاج ولكن بدون وجود نمو اقتصادي، وفي ظل تلك الأحتجاجات سوف يسهم في دفع الحكومة لتطبيق حلول جيدة تسهم في تسريع عجلة الإنتاج. وحتى اللحظة لم تأخذ الآحتجاجات على محمل كبير من الجد اعلاميا ولم تحظى بتغطية اعلامية كبيرة من قبل والإعلام المرئى والمطبوع والإلكتروني، إلا في دخولها للأسبوع الثالث.