تزايدت المخاوف من فشل القادة الأوروبيين في القمة الحالية، وقد يؤدي هذا الفشل للعودة مجدداً إلى الحديث عن إحتمالات ركود.
إيلاف: تبخرت مشاعر التفاؤل التي حفزت ارتفاع الأسهم والسلع خلال الأسبوع الماضي على خلفية تزايد المخاوف من فشل القادة الأوروبيين في القمة الحالية المنعقدة في مطلع هذا الأسبوع في بروكسل في التوصل إلى حلول عملية لأزمة الديون التي تعاني منها منطقة اليورو. وقد ظهرت العديد من الاختلافات بين برلين وباريس ويعمل في الوقت الراهن صناع القرار بجنون في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة قبل نهاية الأسبوع.
وقد يؤدي الفشل في تقديم حلول عملية إلى إشعال المخاوف بشأن النظام المصرفي الهش أصلاً والعودة مجددًا إلى الحديث عن احتمالات الركود. وبالتالي فإنه من الصعوبة بمكان في هذه الفترة الحديث عن توجه أسواق السلع على المدى القريب، وسوف نصدر تقريرًا محدثًا آخر حول السلع يوم الاثنين على أمل ورود معلوماتٍ أكثر تدعم تحليلاتنا.
لا يزال السوقان الرئيسان الذهب والنفط الخام مقيدان ضمن نطاق تداول محصور، وهما يختبران حاليًا ويفشلان عند الاقتراب من الطرف الأعلى لنطاق التداول هذا الأسبوع. ويبدو أن بيع الدولار قد توقف في الوقت الحالي ليتحول الاهتمام إلى أوروبا. يأتي ذلك بالتزامن مع التباطؤ الذي عانى منه الاقتصاد الصيني، مما يزيل بعضًا من الدعم الذي حظيت به السلع مؤخرًا.
أسبوع غير جيد للذهب على الصعيد الفني
تجار الذهب في حيرة من أمرهم، حيث واصل الذهب سلوكه باعتباره سلعة عادية تتحرك صعودًا وهبوطًا تماشيًا مع الأصول الأخرى ذات المخاطر الأعلى. وقد بدأ ذلك في خلق مشكلة للذين اشتروا هذا المعدن للحماية من التقلبات الاقتصادية التي يواجهها العالم حاليًا.
وقد أدى ذلك، لغاية الآن على الأقل، إلى انتقال المبادرات المستهدفة لتحركات الأسعار إلى تجار المعدن الفعليين الذين يبحثون الآن عن تصحيح أعمق بعد عمليات بيع حادة على انخفاض بمستوى 70 دولار في وقت سابق من الأسبوع، والتي أعقبت فشل في اختراق المقاومة عند حد 1,700 دولار.
ويقع مستوى الدعم الحرج دون مستوى 1,600 دولار، ويتزامن ذلك مع المستوى الذي شوهد عنده الطلب الفعلي في السابق. إن أي انكسار للنطاق إلى ما دون 1,583 يحمل معه خطر التصحيح بقيمة أدنى تعود إلى مستوى 1,551 (بمتوسط تحرك سعر على مدى 200 يوم) و1,500، وهو ما يمثل متوسط تحرك السعر على مدى 55 أسبوعاً. وقد دعم هذا الخط في مناسبات عديدة الارتفاع الطويل على مدى عقد من الزمان، وقد لمسناه آخر مرة قبل سنتين ونصف.
الارتفاع في أسعار النفط يتلاشى قبل المقاومة
تمكن خاما غرب تكساس الوسيط وبرنت من تحقيق مستويات مقاومة مهمة، ولكنهما فشلا في خرقها، مما يشير إلى إمكانية توقع فترة طويلة من التداول في ذات النطاق، ونحن في انتظار المزيد من الأدلة حول وضع الطلب في المستقبل. وقد اقترب خام غرب تكساس الوسيط من مستوى 90 دولارًا يوم الأربعاء، بعد سحوبات كبيرة ومفاجئة من المخزون، والتي تبين لاحقًا أنها مدفوعة بانخفاض الواردات وليس الاستهلاك. ولم يكن السوق في حاجة إلا لصدور تقرير بيج الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لينخفض بمقدار أربعة دولارات تقريبًا، مما يظهر استمرار أوضاعه الهشة.
تباطؤ في الصين وتراجع في المعادن الصناعية
وسط أجواء التوتر التي تخيم على النتائج التي قد تسفر عنها القمة الأوروبية المقبلة في نهاية هذا الأسبوع، وردت إلى شاشاتنا هذا الأسبوع بعض الأخبار المهمة. فقد كانت وتيرة النمو الذي حققته الصين بطيئة منذ عام 2009، وخصوصًا عند الأخذ بالاعتبار أن الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم وفي ذات الوقت أكبر مستهلك لأي شيء بدءاً من المعادن الصناعية إلى فول الصويا والقطن حققت نمواً هو الأبطأ إيقاعاً منذ عام 2009.
وقد بدأ التباطؤ الاقتصادي بين الدول المتقدمة يشكل لدغة ًمع ضعف الطلب على الصادرات مقرونًا بتشديد السياسات النقدية المتبناة، مما أدى إلى تباطؤ النمو إلى 9.1 بالمائة في الربع الثالث من العام الماضي.
سوق النحاس الذي سبق وأن تعرض لهزة بسبب البيانات الأخيرة التي أظهرت مستويات أعلى من المتوقع للمخزون الصيني تلقى ضربة أخرى من بيانات النمو، مما أدى إلى حدوث تراجع بنسبة 10 بالمائة منذ يوم الاثنين. وانخفض سعر النحاس عالي الجودة في نيويورك إلى 3.13 دولار للرطل الواحد، ولا يمكن استبعاد فرص اختبار لانخفاض إلى مستوى 3.00 بالمقارنة مع أوائل أكتوبر.
وشهدت أسعار خام الحديد الصيني أكبر انخفاض لها منذ 15 شهرًا حيث بدأت أخيرًا بإبداء ردة فعل تجاه انخفاض الطلب وهبوط أسعار الفولاذ لاحقًا. وقد وقعت شركات صناعة الصلب الصينية تحت ضغط لفترة من الوقت حيث وصل المخزون إلى مستويات قياسية، وانخفضت الأسعار إلى أدنى مستوى لها خلال 10 أشهر.
وقد تسببت عدة عوامل في إحداث هذه الانتكاسة: انخفاض الطلب من قطاع السكك الحديدية مع تعليق الحكومة لما نسبته 80 بالمائة من مشاريع السكك الحديدية الجديدة، الذي اقترن بخفض الطلب لاستكمال العديد من المشاريع الأخرى. وقد أدى تضييق الائتمان إلى صعوبة توفير التمويل للمشروعات الجديدة، مما أثر أيضًا في الطلب. الرسم البياني أدناه يبين انخفاض سعر خام الحديد الصيني المستورد إلى 147.7 دولار للطن المتري الواحد بعد أن تمكن من تحقيق رقم قياسي بلغ 192 دولار في شهر فبراير.
السكر يتحدى قوانين الجاذبية
ارتفع سعر السكر بشدة في وقت سابق من هذا الأسبوع، مضيفًا إلى الارتباك الذي أحاط السلعة التي تعاني من تخمة في مستويات العرض منذ أربع سنوات على الأقل. وسعر السكر في بورصة NYBOT ICE تسليم مارس ارتفع بنسبة 12 بالمائة منذ بداية العام حتى الآن بعد صعوده بقوة خلال الشهر الماضي.
من هنا فإن السكر يُعد واحدًا من أفضل السلع أداءً في عام 2011، ويأتي ذلك في الوقت الذي من المتوقع فيه زيادة الإنتاج من قبل معظم الدول المنتجة الرئيسية. وقد كان التركيز عبر الأسابيع القليلة الماضية منصبًا على التوقعات على المدى القريب بخفض الإمدادات بسبب ما شهدته تايلاند من فيضانات كانت هي الأسوأ منذ نصف قرن، بالنظر إلى أن تايلاند تُعد ثاني أكبر دولة مصدرة على مستوى العالم. ومن المحتمل أن يؤدي ذلك في أسوأ الحالات إلى حدوث التأخير والضرر في بعض المحاصيل.
تعقيدات الروتين تتسبب في نقص الإمدادات
عانت الولايات المتحدة وأوروبا من عجز في تلبية معدلات الطلب كذلك، ولكن ليس بسبب العرض المحدود، بل بسبب تعقيدات الروتين. وتراجع الإنتاج في أوروبا تراجعًا تدريجيًا على مدى السنوات الماضية بعد أن وجهت منظمة التجارة العالمية اتهامًا لأوروبا، التي كانت حينها ثاني أكبر مصدر للسكر، بإلقاء الإمدادات المدعومة على عاتق السوق العالمية.
وقد أدت الحوافز المالية إلى انخفاض تدريجي في الإنتاج، لدرجة أن الحاجة إلى الواردات موجودة، ولكن الرسوم الجمركية العقابية على الواردات أضافت حوالي 60 بالمائة إلى الأسعار الدولية. وفي الوقت نفسه في الولايات المتحدة الأميركية، تسببت الحواجز التجارية لحماية مزارعي الولايات المتحدة بتخفيض المخزونات المحلية إلى أدنى مستوياتها منذ نصف قرن بعد أن أتلفت الأحوال الجوية السيئة المحاصيل خلال هذا الصيف.
الاختناقات الموضحة أعلاه ساعدت في رفع أسعار السكر، ولكن مع اقتراب الأسعار من حدود ذروة الشراء ومع احتمال أن يكون تلف المحاصيل في تايلاند أقل مما كان متوقعًا، يبدو أن السوق قد بلغ الآن ذروته، ويحتمل أن يعود مجددًا إلى سعر 25 دولارًا للرطل الواحد، لا سيما عند الأخذ بالاعتبار ما قد يواجهه العالم من وجود فائض في الإنتاج بمقدار 4 إلى 5 ملايين طن لموسم 2011/2012.
التعليقات