بالرغم من أنّ صابة التمور للموسم الجديد 2011-2012 تعتبر قياسية فإنّ الفلاحين التونسين يعبرون عن تخوفهم مع انطلاق موسم جني التمور خلال الأسبوع الجاري .المدير العام للمجمع المهني المشترك للغلال سفيان المؤدب أعلن خلال لقاء اعلامي أنّ موسم التمور 2011-2012 يبشر بكل خير حيث تفيد التقديرات أنّ الإنتاج يبلغ 190 ألف طن مقارنة بإنتاج الموسم الماضي الذي بلغ 170 ألف طن وأن الإنتاج الجملي ارتفع بنسبة 9.5 % وإنتاج دقلة النور بنسبة 13.5 % مقارنة بالموسم الماضي.
تونس: أكد المؤدب أنّ تمور الموسم الحالي تمتاز بجودة عالية و ذلك بفضل المناخ الجيد و الذي ساعد على بلوغ صابة جيدة كما و كيفا بالرغم من ظهور حالات التجفف إلى جانب الحجم الصغير للتمور في عدد من الواحات. و بيّن المدير العام للمجمع المهني المشترك للغلال أنّ ولاية قبلي تنتج 70% من الإتاج الوطني للتمور .كما أشار المؤدب أنه ستتم مراجعة أسعار التمور خاصة وقد سجلت التمور ارتفاعا كبيرا في الموسم الماضي و بالتالي لا بد من النظر في هوامش الربح لدى الفلاح و المستهلك .و بيّن المؤدب كذلك أنّ عمليات الحرق التي تعرضت مساحات واسعة من واحات النخيل بولاية توزر لم يكن لها تأثير على الإنتاج اعتبارا إلى أنّ عمليات الحرق لم تشمل عدد كبيرا من النخيلالمنتج .وفي سياق حديثه عن تصدير التمور قال المدير العام للمجمع المهني المشترك للغلال إنّ التمور التونسية صدرت إلى 72 دولة بعد أن كانت عدد الأسواق لا تتجاوز 67 سوقا في الموسم الماضي.
و عن أهمية قطاع التمور قال المؤدب إنّ 50 ألف فلاح في حلقة الإنتاج فقط يشتغلون في هذا القطاع الحيوي الذي يوفر أكثر من مليوني يوم عمل و تقوم بتصدير التمور نحو 100 شركة إلى أسواق خارجية .التقديرات الأولية لإنتاج التمور تبيّن أنّ التمور الممتازة من نوع quot; دقلة نور quot; تبلغ نحو 135 ألف طن مقابل 119 ألف طن في الموسم الماضي .
و بحسب الإحصائيات فإنّ تونس تعد اليوم 5.5 ملايين أصل نخيل تنتج أكثر من 200 نوع من التمور أشهرها quot;دقلة النورquot; وquot;العليقquot; وquot;الكنتةquot;. . تصدير التمور التونسية في الموسم الجديد بدأ منذ بداية شهر أكتوبر الجاري حيث بلغت الكميات المصدرة حتى يوم الجمعة 28 أكتوبر الجاري 3317 طنا بعائدات مالية قيمتها 10.665 مليون دينار مقابل 4475 طنا بعائدات قيمتها 15.627 مليون دينار في نفس الفترة من الموسم الماضي 2010-2011 أي بنقص بنسبة 25% على مستوى الكميات المصدرة إلى جانب نقص على مستوى العائدات المالية بنسبة 31% . بعض الخبراء الإقتصاديين عزوا هذا النقص إلى غياب الشفافية بين الفلاح و المصدّر إلى جانب تخوف الفلاحين من فساد منتوجهم الذي في ما يزال في عراجين النخيل دون جني كما أنّ الوضع في تونس قبل الإنتخابات المتّسم بعدم الإستقرار في بعض المناطق بعث الخوف في نفوس الفلاحين و لكن يبدو أن الأمور الآن وبعد نجاح انتخابات المجلس التأسيسي بدأت تشهد بعض التحسن النسبي الذي ينتظر أن يتدعم في الأسابيع القادمة عندما يبلغ موسم جني التمور أوجّه . الحاج بلقاسم ، فلاح ومنتج تمور منذ عشرات السنين ، خبر كل ما يدور في هذا الموسم من تجاذبات بين الفلاح و المصدّر وبينهما الوسيط حيث يمارس المصدّر ضغطا كبيرا على الفلاح من أجل الفوز بصابة التمور بأرخص الأثمان .
الحاج بلقاسم تحدث لـquot;إيلافquot; مبينا أنّ الفلاح هو الخاسر الأكبر و في كل موسم . فالفلاح عموما و خاصة في ولاية قبلي لا يملك المساحات الكبيرة المزروعة نخيلا و بالتالي فإن إنتاجه يعتبر قليلا و بالتالي فهو ينتظر هذا الإنتاج لبيعه بثمن مقبول يغطي المصاريف الكبيرة التي يصرفها في كل مراحل إعداد النخلة حتى ينضج ثمارها ، وهو غير قادر على تحمّل بقاء منتوجه في رؤوس النخيل وقتا طويلا بعد النضج خوفا من موسم الأمطار و بالتالي إمكانية فساد محصوله الذي ينتظره موسما كاملا كما أنّ البنوك لم تصرف القروض المنتظرة للفلاحين و المقدمة منذ ثلاثة أشهر ، فهل يعقل أن يبقى الفلاح ينتظر القرض بينما الموسم انطلق وقد يكون فات الأوان لتخضير بعض الضيعات والمساهمة بالتالي في تنشيط الحركة الإقتصادية بالجهة .
ويواصل الحاج بلقاسم :quot; في هذا الموسم و إلى حدّ الآن فإن مصدّري التمور لم يتقدموا لشراء التمور من فلاحي ولاية قبلي و هم بالتالي يضعون ضغوطا على الفلاحين حتى يبيعوا التمور بأسعار يحددونها هم و ذلك على عكس الموسم الماضي حيث شهد تنافسا كبيرا بين المصدّرين على الشراء قبل ثلاثة أشهر وهو ما استفاد منه الفلاح الذي باع تموره بأسعار جيدة اعتبرها المصدّرون أسعارا مرتفعة وهو بالتالي قرروا في الموسم الحالي أن لا يتقدموا للشراء إلا بعد أن ييأس الفلاح وهو ما يجعله يبيع انتاجه من التمور بأسعار لا دخل له فيهاquot; .
quot; إيلاف quot; سألت المندوب الجهوي للتنمية الفلاحية بولاية قبلي علي بوغبورة عن الأسباب الكامنة وراء تخوّف منتجي التمور فأشار إلى زيارة كل من وزير الفلاحة و وزير السياحة و التجارة منذ أسبوعين وقبل انطلاق موسم الجني و التصدير و كان الإتصال المباشر بالفلاحين و تم الإتفاق على بعض التوجهات إذ كان الهدف من الزيارة هو تطمين الفلاحين لأن الصابة متوفرة و ذات جودة عالية و الأسواق مفتوحة للتمور التونسية ولكن كان هناك بعض التخوف من الجانب الأمني حتى أن بعضهم تكفل بوضع حرّاس لضيعاتهم و المندوبية حاولت مساعدتهم .
مندوب الفلاحة تحدث كذلك عن بعض البنوك التي لم تقدم القروض للفلاحين في الوقت المناسب لأنه في غياب السيولة لا يمكن أن ينجح الفلاح في بيع منتوجه . ولطمأنة الفلاحين فقد تم الإتفاق مع وزير التجارة و السياحة لعقد اجتماع على مستوى المركزي بمقر الوزارة وتم الإجتماع فعلا حيث تم الإتفاق على موعد انطلاق الموسم ( 27 أكتوبر ) وكان من المفروض أن يتفقوا حول تحديد أسعار بيع التمور ولكن اتفقوا على أن تكون الأسعار بحسب الجودة .
مندوب الفلاحة علي بوغبورة اعترف أن الموضوع صعب و متشعب و يتدخل فيه الفلاح و المجمّع و المصدّر و لكن الآن لم نلاحظ حركية كبيرة في الجهة و قد يكون ذلك بعد عيد الإضحى مباشرة لتعود الطمأنينة للفلاح ويشهد موسم التمور حركيته المعهودة في مواسم سابقة . و لكن برغم طمأنة الوزارة لمنتجي التمور يبقى هؤلاء دائما يمثلون الحلقة الأضعف و يبقى المصدّر دائما العنصر الأقوى المحدّد للأسعار فمن غير المعقول أن تترك الوزارة الفلاح يواجه مصيره وحيدا دون التدخّل لحمايته من الإستغلال.
التعليقات